أهم الأخباركتاب

امنحني تسع كلمات ج3… للشاعرة خولة سليقة

“جسّ الطبيبُ خافقي

وقالَ لي: هلْ ها هُنا الألَمْ ؟  

قُلتُ له :نعَمْ

فَشقَّ بالمِشرَطِ جيبَ معطَفي

وأخرَجَ القلمْ ! “

البوح بخير طالما القلم على الصورة التي رآها الشاعر أحمد مطر. بخير عندما يخلق بيننا غيمة تخاطرٍ بيرة، تمطر نصوص بروح واحدة و أسماء كثيرة رغم أنف المسافات. بخير كلما تعانقت البلدان على الخريطة الكبيرة بتثاقف حضاريّ. بخير كلما أنجبت الكلمات- و لو تسعاً – قوافل نور.

برفقة صاحبة المشروع و المشرفة على العمل و إحدى كاتباته، فتحية الحداد، جلست مع من حضر من كاتبات العمل: تسنيم الحبيب، إستبرق أحمد و بعض القارئات المهتمات بالعمل، دار حديث شائق تناول نصّاً معيناً لكل كاتبة، فقرأت الكاتبة ريما حمود نص “مقادير” بعمقه و فلسفته الحياتية، إذ يجعل قلةٌ من البشر نكهة الحياة مختلفة و مذاقها فريداً يدعون الأصدقاء. تقول:” برهافة أصابع الحنكة ، أضع مقادير المحبة، لا خطوات صعبة في انسياب نكهة الأصدقاء.. طريقي إلى الكميات المتوازنة يحتاج فقط

لقيمة التفاني، و قلباً “حليبياً” أبيض يقابلني”. الجميل أن الكاتبة ميّ الشراد لها نص في الكتاب نفسه يحمل عنوان “أولاد الساحرة”، يجعل من الكتب  و العلوم حساءً و خليطاً سحرياً، فالسّر على الدوام في المزيج الذي لا يشبه العناصر و إن هي منه و هو  منها. تقول: “حين كان والده صغيراً كنت أطعمه أمهات الكتب، أقشرها وأقطع صفحاتها و إن جاوزت  المئة.  أشرحها كلمة كلمة و حرفاً حرفً  بحب و شغف أطهوها على نار هادئة حتى يستطيع مضغها”.

قرأت أيضاً تسنيم نص “أنا سأعود إليه” لفتحية الحداد، فيه تطرح أحجية صغيرة أخرجتها من جنتها  الصغيرة، لتترك للقارئ التأويل، حيث تختار الحداد لوحاتها من خزانة الماضي، تحركها الذاكرة السمعية بقوة، بين سماع الأصوات الطربية القديمة، و الأغاني التراثية و الشعبية، حتى أصغر التفاصيل في ذاكرة  الطفولة و مقدمات البرامج. في النص تبدي نسياناً حول نوع القلم الذي كتبت فيه جملتها تلك: “هل كتبت  يومها بالقلم الرصاص أم الناشف؟” غير أن الحادثة محفورة في الوجدان حفراً.

تشترك معها إستبرق أحمد في هذه الذاكرة المبتلة بعطر الماضي، من النشيد الوطنيّ حتى آخر حبّ لزمن حاضر و إن صار بعيداً.

ثم قرأت تسنيم نصها” احتجاب” الذي كتب بلغة شعرية عالية، تبدؤه بقولها:

 “يا أنت

 أيها السحر في دمي

 يا ثمرة الحلم يا قافية القصيدة

أخبرني اليوم هل أكشفك؟”

يطرح ثمر الانسحاب من ذواتنا الحقيقية، لنعيش غيرنا. سيلٌ من عثرات تكتبنا و لا تمهلنا أن نكتبها كلها، المرأة التي تعلو تعلو و يد الوقت تسحبها نحو العمق، تجد السبيل إلى الحياة لتخنق نفسها من جديد. تقول:

” أخبرني يا صاحبي، ما الذي عليّ فعله؟

أ أتسلّق سلّم الفرصة أم أبقى هنا

في ظلّ اللقب الخجول و استعارة الذات؟؟”

قرأت بعدها نصّي ” اجترار”، المندرج تحت كلمة ” تلفاز” متناولة اختناق المرأة في الأحياء البسيطة، بين ضغط الحياة العصرية التي ترسم صورة نمطية لامرأة رشيقة لا يداهما الشيب و لا تغلبها التجاعيد، و متطلبات الرجل الزوج و اشتهائه لما يراه عبر التلفاز و غيره. تلك الحياة المكلفة مادياً، المجهدة نفسياً للمرأة، سيما إن كانت ربة أسرة تبحث عن الحلول الناجعة بعيداً عن إنهاك جيب زوجها الموظف البسيط، متجنبة في الوقت ذاته أي تقصير في واجباتها نحو أبنائها. أنى لها ذلك؟ و الجمال مطلبٌ لكن عجلة الحياة المتسارعة بلا قلب، تدهس تلقائيته!

جدير بالذكر أن العمل ضم أسماء أخرى مثل: داليــا أصلان، سارة علي الفارسي، فاطمة الفضلي، نجوى  الروح الهمامي. و كتبت مقدمته فتحية الحداد باحترافية أوجزت الهدف منه: ” من خلال الكتابة عن تلك  القنوات نحاول إدراك التراكمات التي يخلفها المحيط الذي نعيش فيه، و قد نستوعب مجدداً طبيعة  الضغوط التي نتعرض لها، و ربما تفهمنا الرسائل التي تم بثها إلى وعينا فصارت جزءًا من ذائـقــتـنا و تجاوبنا مع هذه القضية أو رفضنا لــتلك.”

و حمل الغلاف الخلفيّ نصاً لي، جمع كلمات العمل ، ختامه:

” جفّت حروف حديقتي يبس الحبق  

هذا أنا

في المسرح المجنون عاودني الغرق

هل كان وهماً و احترق؟.

 

خولة سامي سليقة

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى