أهم الأخبارمحليات

مهنة “النكاسة” حرفة فرضتها الحاجة في الماضي ولم تبقى الا في الذاكرة

حرف كويتية عديدة فرضتها ظروف المجتمع في الماضي حيث قلة الموارد وبساطة العيش وشظف الحياة ومع تطور الزمان تلاشت ولم يبق منها إلا ذكريات جميلة في ذاكرة ووجدان أهل الكويت.

ومن تلك المهن القديمة مهنة (النكاسة) التي ارتبطت بالشخص الذي يصلح الرحى (أداة لطحن الحبوب كالقمح) فسمي ذلك الحرفي بالنكاس لانه ينكس الرحى اي يقلبها ليخدش سطحها بادوات معدنية حادة.

وحول مهنة النكاس قديما قال الباحث في التراث الكويتي صالح المسباح في لقاء مع وكالة الأنباء الكويتية (كونا) “إنه الحرفي الذي يقوم بإصلاح الرحى و تخشينها عندما يصبح سطحها أملس وناعم من كثرة الاستعمال حيث تترسب تدريجيا بقايا الحبوب المطحونة (مثل القمح) وغيرها من المواد على سطحها مع استمرار استخدامها مما يؤدي الى امتلاء النتوءات والحفر الصغيرة على سطح الرحى”.

و(الرحى) عبارة عن حجرين دائريين يثبت الاول فوق الاخر وتوضع الحبوب عبر فجوة بوسط الحجر الاعلى وتسمى (كور) ثم يدار باليد كي تمر الحبوب عبر الفجوة وتتوزع بين الحجرين وتطحن.

ويحدث للرحى العطب بأن يصبح سطح الحجرين املس بسبب كثرة الاستعمال فيطلق عليها حينئذ (جعجعة) أي صوت بلا فعل ومن هنا قيل المثل العربي الشهير “نسمع جعجعة ولا نرى طحينا”.

 

وعن أدوات النكاس قال المسباح إنه يستخدم (جدوما) خاصا ذا جهتين حادتين يسمى (منكاسة) ومطرقة واقلاما حديدية ذات اطراف حادة وادوات اخرى يضعها في كيس صغير يحمله على كتفه اثناء تجوله كعادته بين الفرجان والاحياء الكويتية القديمة مناديا (نكاس .. نكاس).

واوضح انه لم يكن للنكاس مكان معين يعمل فيه بل يقوم (بتنكيس) الرحى في البيوت الى جانب العمل في أماكن طحن الحبوب التي كان يطلق عليها (معامل الهردة) حيث يقوم بتنكيس (الكاركة) التي يطحن بها السمسم لتحويله الى ما يعرف ب(هردة) وفي مقابل ذلك يتقاضى اجرا يبلغ 4 بيزات مقابل تنكيس الرحى الواحدة التي تأخذ منه نصف يوم عمل تقريبا.

واشار المسباح الى أن معظم العائلات الكويتية في الماضي كانت تعد الخبز في المنازل مما يتطلب وجود تنور ورحى في كل منزل لطحن الحبوب تمهيدا لخبزها مما يشكل سوقا جيدة للنكاس لممارسة عمله في تخشين الرحى وكسب الرزق من وراء ذلك.

وقال ان الحاجة لمهنة النكاس قديما كانت تزداد قبل شهر رمضان حيث يقوم الناس بطحن الحبوب استعدادا لاستقبال الشهر الكريم فيلجؤون الى النكاس لاصلاح الرحى وصيانتها بينما يبدأ عمل النكاس مع أصحاب معامل السمسم قبل بداية موسم عمل (الهردة) في شهر سبتمبر.

وبعد ظهور النفط والطفرة الاقتصادية التي صاحبت ظهوره في البلاد انتفت حاجة الناس الى الكثير من الحرف والمهن القديمة ومن بينها النكاس فحلت مكان الرحى احدث الأجهزة الكهربائية التي تقوم بمهمة طحن الحبوب بكل سهولة ويسر فذهبت بذلك مهنة (النكاسة) ولم يبق منها الا صور جميلة في قصص وروايات الأجداد.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى