تراجع كبير لظاهرة زواج القاصرات في الكويت
-
راجع نسبة زواج القاصرات الى نحو 6 في المئة أو أقل خلال الخمسين عاما الأخيرة
-
زيادة وعي وتعليم المجتمع الكويتي أسهمت في تراجع ظاهرة زواج القاصرات والأطفال
-
أي محاولات لتحديد السن الأدنى للزواج تجد معارضة قوية من المحافظين
-
مساعي كويتية لتقليص ظاهرة زواج القاصرات والأطفال في عام 2030.
-
موقف السلطات غير جاد بشأن تقنين زواج الأطفال
-
الكويت هي الأفضل على مستوى إصلاح قانونها خليجياً لتعكس السياق المتغير للمجتمع
الكويت، 30 أكتوبر 2019 (csrgulf): انخفض عدد المتزوجات القاصرات الكويتيات بشكل لافت بنحو 34 في المئة مقارنة بفترة السبعينات. وخلال الخمسين عاماً الأخيرة استمر انخفاض زواج القاصرات بوتيرة متسارعة ويرجع ذلك الى زيادة نسبة تعليم الاناث وعدم انقطاع نسبة كبيرة منهن مبكرا عن مواصلة دراستهن، كما يرجع أيضا الى زيادة وعي الفتيات والاسر بأولوية تعليم البنات على حد سواء مع الذكور، وأيضا زيادة الوعي بالقوانين والتشريعات الامر الذي قلص ظاهرة الاجبار على الزواج وشجع المساواة بين الجنسين.
وحسب دراسة أعدها مركز الخليج العربي للدراسات والبحوث (csrgulf) حول اتجاهات زواج القاصرات في الكويت، فان نحو متوسط 3700 قاصر كويتية تتزوج سنويا تحت سن الثامنة عشر حسب تقديرات (csrgulf) اعتمادا على دراسة وتحليل أرقام منظمات دولية كاليونيسف ومنظمة الأمم المتحدة ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنميةOECD بالإضافة الى آخر تحديث لرقم عدد الاناث الكويتيات بين(15 الى 19 سنة) البالغ نحو 62 ألفاً حسب تقديرات الإدارة المركزية للإحصاء الكويتية في 2019[1].
وحسب احصائيات لمؤشر مساواة الجنسين والمؤسسات والاجتماعية الذي يصدره مركز التنمية لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD)[2] لعام 2019، فان نسبة الفتيات القاصرات المتزوجات في الكويت دون سن 18 سنة لا يتعدى 6 في المئة وهو دليل على زيادة وعي الأسر بأهمية إعطاء الأولية لتعليم أبنائها على حساب الزواج في سن الطفولة. وتراجعت بذلك نسبة زواج القاصرات من 40 في المئة[3] في عام 1970 الى نحو 6 في المئة في 2018. وتجدر الإشارة الى انها أرقام تقديرية حيث لا تنشر المؤسسات الرسمية أي بيانات حول زواج القاصرات او الأطفال.
وبفضل انتشار الوعي وتمكين المرأة في الكويت وخروجها الى التعليم وسوق العمل شهد الزواج المبكر للفتيات والشابات تراجعا كبيرا. فحسب بيانات الزواج العالمي لعام 2015 الصادرة عن الأمم المتحدة، ارتفع متوسط عمر الزواج الأول بين الإناث الكويتيات من(25.2عاما) في 1996 إلى 27.5 عاما في 2005 وبين الذكور، من 27.6 إلى 28.9 عاماً خلال نفس الفترة. وبالنظر إلى ارتفاع سن الزواج، فإن الكويت هي الأفضل على مستوى إصلاح قانونها خليجياً لتعكس السياق المتغير للمجتمع[4].
وفي مقابل تراجع الزواج المبكر أو زواج القاصرات، تنمو ظاهرة تأخر سن الزواج لدى النساء والرجال، وبات شبح ما يسميه خبراء الاجتماع بظاهرة العنوسة تزعج المجتمع وتحدث تأثيرات سلبية حتى على مستوى النمو الديمغرافي للسكان الذي يميل على المدى البعيد الى التهرم.
وقد انخفض معدل الزواج في عام 2011، حيث كان هناك 359 زواجاً لكل 100،000 نسمة، أي بانخفاض قدره 10 في المئة مقارنة بعام 2007، وفقًا لأرقام وزارة العدل الكويتية. وتم احصاء ما يقرب من 70 في المئة من الزيجات بين اثنين من مواطني الكويت، التي تضم 1.2 مليون كويتي وأكثر من 2.4 مليون أجنبي[5].
ودفعت ظاهرة تأخر الزواج أو ما يعرف بالعنوسة الى زيادة اقبال عدد من الكويتيات على الزواج من غير كويتيين. فمع وجود 6502 شهادة زواج جديدة تصدر سنويًا للمرأة الكويتية التي تتزوج من غير الكويتيين، فإن هذه الأرقام تزداد عاماً بعد عام[6]. اذ تجدر الإشارة الى أن هناك أكثر من 19 ألف امرأة كويتية متزوجة من غير مواطنين ولديها أكثر من 56 ألف طفل وفقًا لإحصاءات عام 2016، وهذه مشكلة تؤثر على نسبة كبيرة من الأسر الكويتية.
الكويت لم تراجع الى اليوم السن الدنيا للزواج
في حين كان زواج القاصرات أو من هن في سن الطفولة ممارسة شائعة كما تفيد بذلك تقارير دولية[7]، بات مثل هذا الزواج اليوم ظاهرة استثنائية تتم عادة برضا الأطراف وضمن العادات والتقاليد. الا أن قانون الأحوال الشخصية الكويتية نصّ على عدم اجبار الفتيات على الزواج خاصة القاصرات لكنه ما يزال لا يواكب الاتفاقيات الدولية التي تنص على تحديد سن الزواج عند 18 عاماً.
وكانت الكويت صدقت على اتفاقية حقوق الطفل في عام 1991، التي تحدد الحد الأدنى لسن الزواج بـ18 عاما، وانضمت إلى اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة المعروفة بـ(سيداو) في عام 1994، والتي تلزم الدول بضمان الحرية والموافقة الكاملة على الزواج. لكن خلال مراجعة عام 2017، أعربت لجنة القضاء على التمييز ضد المرأة عن أسفها للجهود المحدودة التي بذلتها الكويت للقضاء على زواج الأطفال. وأبرزت الشواغل الخطيرة المتعلقة بموقف الحكومة والبرلمان لمراجعة أي أحكام تمييزية تتعلق بزواج الأطفال من شأنها أن تتعارض مع الشريعة والدستور. كما أثار موقف السلطات غير الجاد مخاوف بشأن تقنين زواج الأطفال بموجب المادتين 24 و26 من قانون الأحوال الشخصية لعام 1984، وكانت أوصت الحكومة بإلغاء جميع الأحكام التمييزية المتعلقة بزواج الأطفال. الا انه خلال المراجعة الدورية الشاملة لعام 2015، وافقت الكويت على دراسة توصيات لرفع الحد الأدنى لسن الزواج من 15 عاما إلى 18 عامًا[8].
وبموجب قانون الأحوال الشخصية لعام 1984، فان الحد الأدنى لسن الزواج هو 15 سنة للفتيات و17 سنة للفتيان. ولكن بموجب المادة 24 من القانون، يجوز للمرأة أن تتزوج قبل السن الأدنى إذا بلغت سن البلوغ وهذا ما لم يتم تحديده.
وفي حين ماتزال هناك حالات زواج تحت سن الثامنة عشر أو الخامسة عشر تبقى المخاوف حول عدم تقنين السن الدنيا للزواج وليس لتسجيل عقد الزواج. حيث تعتبر منظمات دولية كاليونيسف زواج الأطفال هو الدافع وراء عدم المساواة بين الجنسين والاعتقاد بأن النساء والفتيات أدنى إلى حد ما من الرجال والفتيان.
رغبة متعثرة في القضاء على زواج القاصرات والأطفال في عام 2030
تبدي الكويت نوايا في تقليص ظاهرة زواج القاصرات بالإجبار واعتبرته هدفاً من أهداف التنمية لعام 2030. وتعتبر منظمة “UNICEF” أن الزواج قبل سن 18 عاما هو انتهاك أساسي لحقوق الإنسان. اذ تتفاعل عوامل كثيرة لتعريض الطفل لخطر الزواج المبكر، في حين أن هذه الممارسة شائعة بين الفتيات أكثر من الأولاد[9].
وفي تقريرها لعام 2016 المقدم إلى لجنة (السيداو)، أكدت الحكومة الكويتية مرة أخرى أن السن القانونية للزواج هو 15 سنة للفتيات و17 سنة للفتيان في ظل قانون الأحوال الشخصية حيث يحظر القانون توثيق أو تصديق عقد الزواج في السجل الرسمي إذا كان الزوجان أصغر من ذلك في وقت التوثيق. في المقابل أكدت الحكومة أيضا أن يقرر القانون اختيار المرأة للزوج ولا يجوز للأب إجبار ابنته على الزواج.[10] لكن لا ينص قانون الأحوال الشخصية صراحة على الحد الأدنى لسن الزواج. فحسب المادة 24 من القانون يتطلب فقط أن يكون كلا الطرفين قد بلغا سن البلوغ ليكون الزواج ساري المفعول.
وعلى الرغم من وجود محاولات لتحديد السن الأدنى للزواج في قانون الأحوال الشخصية الا أن ذلك يجد معارضة قوية خاصة من المحافظين[11]. وليست الكويت بمعزل عن بقية دول المنطقة والشرق الأوسط التي تعرف ظاهرة الزواج تحت سن 18، فحوالي واحدة من كل خمس نساء شابات في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا متزوجات قبل بلوغهن سن الثامنة عشرة[12]. لكن في السنوات الأخيرة الماضية ومع زيادة نسبة تعليم الاناث وتمكينهن من حقوقهن وخروجهن للعمل، تراجعت نسبة زواج القاصرات والأطفال في الشرق الأوسط ومناطق أخرى. فحسب لليونيسيف، خلال العقد الماضي، انخفضت نسبة المتزوجات في عمر الأطفال بنسبة 15 في المئة[13].
وفي حين تتعثر الحكومة أو البرلمان في الكويت في مناقشة تعديل قانون الأحوال الشخصية خاصة فيما يتعلق برفع سن الزواج من 15 عاما الى 18 عاما، فان زيادة وعي وتعليم المجتمع الكويتي كانت كفيلة بتراجع ظاهرة زواج القاصرات والأطفال.
المصدر: مركز الخليج العربي للدراسات والبحوث (csrgulf)