الجراد.. غذاء ودواء يستبشر الكويتيون بقدومه قديما
الجراد.. غذاء ودواء يستبشر الكويتيون بقدومه قديما.
الكويت – اعتاد الكويتيون قديما على اكل (الجراد) واعتبروه طعاما صحيا ذو مذاق لذيذ وكانوا غالبا ما يرددون هذه المقولة المأثورة ومفادها انه (إذا ظهر الجراد انثر الدواء.. وإذا جاء الفقع احفظ الدواء) لاعتباره طعاما صحيا لا يسبب أي أمراض للجسم كونه يتغذى على الأعشاب والنباتات البرية المفيدة.
وكان الناس قديما يستبشرون بقدوم الجراد لانه يشكل غذاء رخيصا ولعدم وجود محاصيل زراعية من الممكن أن تتأثر سلبا من قدوم الجراد نظرا لقلة المساحات المزروعة انذاك.
ويتكاثر الجراد في فصل الربيع تزامنا مع موسم ظهور الفقع او (الكمأة) وتزحف أسرابه التي تملأ السماء قادمة من شرق أفريقيا عبر الجزيرة العربية عبر الكويت وما جاورها من بلدان.
ومازالت عادة اكل الجراد منتشرة في اوساط الكثير من الكويتيين لاسيما مع كثرة ظهوره حاليا بعد هطول الامطار الغزيرة التي شهدتها البلاد في الاونة الاخيرة وظهور الاعشاب والنباتات التي يتغذى عليها الجراد.
وحول هذا الموضوع قال الباحث في التراث الكويتي محمد عبدالهادي جمال في كتابه (الحرف والمهن والأنشطة التجارية القديمة في الكويت) إنه في سنوات مضت شهدت البلاد قدوم أسراب ضخمة من الجراد كانت تملأ المناطق الصحراوية والمدينة وتغطي السماء وتحجب الشمس كالغيوم الكثيفة فيقوم الناس بجمعها وتعبئتها في (خياش) اي اكياس الخيش وتنشغل العائلات أياما عدة بطبخ الجراد وتجفيف كميات كبيرة منه لتناولها طوال العام.
وعن أنواع الجراد ذكر جمال أنه ينقسم الى نوعين (العصفور) وهو الذكر و(المكنة) وهي الأنثى ويفضل الناس أكل (المكنة) لطيب طعمها واحتوائها على البيض.
وأشار إلى أن أصحاب الجمال والحمير وفيما بعد السيارات كانوا يتوجهون إلى المناطق الصحراوية عند سماعهم بقدوم الجراد لصيده وجلبه إلى المدينة بالخياش لبيعه حيث تعج (ساحة الصفاة) و (دروازة العبدالرزاق) و (البرايح) وهي جمع (براحة) اي الساحة في بعض الأحياء بالباعة الذين يبيعون الجراد بالجملة ب (الخياش).
وعن أسعار الجراد كشف جمال أن الخيشة المليئة بالجراد كانت تباع بحوالي روبية ونصف إلى روبيتين عندما يكون متوافرا وتزداد أسعاره إلى حوالي 4 روبيات للخيشة عندما تقل الكمية وكان بعض أصحاب الدكاكين يعرضونه بالقدور والصواني بعد طبخه للبيع بالوزن حيث تباع الاوقية بحوالي 4 آنات إلى نصف روبية حسب توافره.
وأوضح أن الجراد يطير في أثناء النهار ويهبط في الأراضي الزراعية وحول الأعشاب في المساء وتتجمع كميات كبيرة منه حول نبات (العرفج) والنباتات الصحراوية الأخرى ليتغذى منها فيرى وهو يشكل أكواما كبيرة على تلك الأشجار وقد تراكم بعضه فوق بعض.
وأضاف أن صيادي الجراد يبدؤون بصيده قبل الفجر لأن برودة الجو تؤدي إلى تخديره وصعوبة حركته فيقوم الصيادون بجمعه من هذه الأشجار أو قطعها ووضعه داخل الخياش كما يقوم البعض الاخر بجرفه إما بأيديهم أو ب (الصخاخين) اي المجراف داخل الخياش.
وتابع أن البعض الاخر يقوم بحفر حفر كبيرة تسمى الواحدة منها (خدد) يبلغ طولها حوالي مترين وعرضها متر واحدا وعمقها حوالي نصف متر ويتم كنس الجراد بداخلها ليلا ثم يعبأ منها بالخياش.
وتتجه أسراب الجراد التي تمر عبر المدينة والتي لم يتم صيدها إلى ناحية البحر حيث تتساقط هناك وتتكدس فوق سطحه لتشكل طبقات بعضها فوق بعض فتأكلها الأسماك.
وأشار إلى أن الجراد يأتي مرة واحدة في العام ثم يشاهد الناس بعد فترة من قدومه خروج (الدبي) ثم (اليخاخ) اي صغار الجراد من الأرض نتيجة لوضع الجراد بيضه في باطن الأرض في أثناء نزوله في المناطق الزراعية ويختلف شكل ولون وحجم (اليخاخ) عن الجراد وهو لايؤكل لرداءة طعمه وعدم احتوائه على مواد غذائية مفيدة