المعلم .. وتطوير العملية التربوية … بقلم محمد حبيب المحميد
للحديث عن تطوير العملية التربوية التعليمية ، تكون البداية مع المعلم وهو عنصر أساسي فيها ، ويعتمد نجاح أي استراتيجية لتطويرها عليه ، لذا كان له قيمة كبرى في الشرع والعرف ، وينبغي أن ينالها أيضًا في أي مشروع تربوي تعليمي يهدف للتطوير ، فالمعلم ما عاد مجرد ناقل للمعلومات وملقن ، فهو مربي رسالي ، ومثير للعقول ، وموجه لعملية الشك المنهجي ، التي يجب أن يمارسها مع طلابه على طريقة الحكيم اليوناني سقراط ، الذي كان معلمًا استثنائيًا ، لم يعطي إجابات لطلبته بل يعطي أسئلة وينتظر الإجابات ، لذا نجح في إرساء فلسفة ما زالت إلى الآن تدرس في الجامعات ، وتنقد من الفلاسفة ، وتمارس في الحياة ، أي ما زالت حية لحيوية منهجها.
وتتضمن عملية تأهيل المعلم ليكون كذلك ، معالجة مسألة المهام الإدارية والأعباء الخارجة عن ميدان التربية والتعليم ، بحيث لا تزاحم الدور الأساس فيه بل تكون مكملة له ، ومتى ما تحققت هذه المكانة وعولجت المعوقات ، أمكن الحديث عن تطوير أساليب وطرائق التعليم ، ليكون المعلم كائن مبدع ومنتج في مجاله وميدانه ، ويكون الطالب -وهو محور العملية التعليمية – قد تحصل على عملية تربوية تعليمية متكاملة ، تمكنه من استخدام عقله وفكره وتكوين شخصيته ، على طريقة أن لا تعطي للسائل سمكة بل علمه كيف يصطادها .
الدور الملقى على عاتق المعلم كبير جدًا ، لذا يبحث التربويون في تطويره من الناحية الشخصية ومن ناحية الأداء ، من خلال البحث عن أساليب تعليمية تربوية جديدة ، فبعد أن كان مجرد ناقل للمعلومات ومدير ضابط للفصل ، وكان الطالب سلبي متلقي للمعلومات وخازن لها فقط ، أصبح المعلم محفز وموجه ومصدر للخبرة في الفصل ، والطالب إيجابي ومشارك في العملية التعليمية وضبط النفس وبالتالي الفصل ، وهذه إحدى أهم ميزات ما يسمى بالتعليم النشط ، والذي يقوم على أساس الأنشطة التي يمارسها الطالب في العملية التربوية التعليمية تحت اشراف المعلم .
المعلم اليوم بحاجة إلى تجاوز الطرق التقليدية المعتمدة بشكل أساسي عليه ، ويتوجه نحو طرائق تعليمية تجعل من الطالب المساهم الأساسي في هذه العملية ، فلا يكفي النشاط اللاصفي –الواجب المنزلي- ليكون هو جهد الطالب ، وهو ما يسعى الباحثون في طرق التدريس إلى الإقلال منها ، فهذا هو الإتجاه العالمي اليوم كما ورد في وثيقة تطوير التعليم لعام 2008 ، فلابد من اعتماد وسائل تعليمية تخرج الطالب من السلبية إلى الإيجابية ، وهي متعددة وفيها مجال واسع للإبداع ، على سبيل المثال لا الحصر التعليم الترفيهي (edutainment) ، وهو نوع من أنواع التعليم عن طريق الترفيه ، يهدف إلى المشاركة الإجتماعية مع المتعلم ، عن طريق ايصال المعلومة بطرق مألوفة ومحببه تتناسب وبيئة كل مجتمع ، ويستخدم في هذا النوع من التعليم الوسائل الفعالة في إشراك المتعلم في العملية التعليمية لما لذلك من تأثير عليه ، وفيها تطور وابتكار طرق جديدة واستمرار في التحديث في فن التواصل المجتمعي .
وهناك أنواع أخرى من التعليم النشط والمتفاعل ، كالمناقشة والحوار والسؤال ، والعصف الذهني ، والمناظرة في التعليم ، والتدريس المصغر ، والتجربة العلمية ، والملاحظ الميدانية وغيرها ، ومع هذه الأنماط لابد من توافر عنصر التنوع ، بحيث لا يكون المعلم رتيبًا في استخدام طريقةٍ ما مهما بلغ نجاحها في توصيل المعلومة ، إذ الرتابة تولد ضجرًا لدى المتعلم ، وكذلك فإن المحتوى العلمي للمناهج ليس على مستوى واحد ، لذا لابد أن تتناسب الطريقة المختارة مع الدرس المراد شرحه ، والمهم هنا أن يتدرب المعلم على إتقانها بل والإبداع فيها ، ليتم الحديث عن الجوانب الأخرى في تطوير العملية التربوية التعليمية ، كالمناهج على سبيل المثال