ترامب : اغتيال سليماني كان من المفترض أن يشكل نقطة الذروة للتعاون الأميركي – الإسرائيلي ضد إيران
في وجبة أخرى من أسرار العلاقات الإسرائيلية – الأميركية في عهد الإدارة السابقة في البيت الأبيض، كشف الكاتب الصحافي باراك رافيد، المزيد من مشاعر الامتعاض من الرئيس دونالد ترمب تجاه رئيس الوزراء السابق رئيس المعارضة الحالي في إسرائيل، بنيامين نتنياهو. وقال إنه رغم أن الإدارة الأميركية، وفي إطار «خطة الدفاع المشترك» السرية لحالة الطوارئ الإقليمي، تعهدت بمساعدة إسرائيل في إعادة إعمار كل ما يتهدم في البنية التحتية في حال تضررها جراء صواريخ إيران في حال نشوب حرب معها، إلا أن إدارة ترمب وجدت سياسة نكران جميل وطعنا في الظهر من طرف تل أبيب.
وقال رافيد، في كتابه الجديد «سلام ترمب»، الذي أصدره قبل أيام، إن ترمب (الذي التقاه مطولاً خلال إعداد الكتاب) عبر أمامه عن انزعاجه من التعامل الإسرائيلي مع اغتيال الولايات المتحدة لقائد «فيلق القدس» في الحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني، في العراق مطلع 2020. ورغم أن اغتيال سليماني كان من المفترض أن يشكل نقطة الذروة للتعاون الأميركي – الإسرائيلي ضد إيران، إلا أنه تحول إلى واحدة من نقاط الانحطاط في العلاقات بينهما. وكتب رافيد أنه عندما سأل ترمب عن مدى ضلوع إسرائيل في عملية اغتيال سليماني، أجاب: «لا أستطيع الحديث عن هذا الموضوع. كنت محبطاً للغاية من إسرائيل حول هذا الموضوع. لا أستطيع الحديث عن هذا الآن. لكنني لم أكن سعيداً من الطريقة التي تصرفت بها إسرائيل. إسرائيل لم تفعل الشيء الصحيح… سيسمع الناس عن ذلك في الوقت المناسب».
وأضاف رافيد أن كل من توجه إليه من المسؤولين الأميركيين للتعليق على الأمر، رفض الحديث، لكن «شعوراً بالحرج ارتسم على وجنتي كل من أخبرته» بما قاله ترمب. ومع أنهم تحدثوا عن «دور إسرائيلي نشط في الأيام التي أحاطت باغتيال سليماني»، إلا أنهم، كما قال رافيد، لم يعترضوا على أقوال ترمب التي اتخذت هذه المرة أيضاً شكلاً حاداً ضد نتنياهو، وعاد إلى وصفه بـ«ناكر للجميل». ونقل الكاتب الإسرائيلي على لسان مسؤول أميركي قوله: «ترمب غضب جداً على نتنياهو، وقال في ذلك اليوم إن الإسرائيليين مستعدون لقتال إيران حتى آخر جندي أميركي».
وقال المسؤول الأميركي إن تصريحات ترمب جاءت في سياق غضبه مع جميع حلفاء الولايات المتحدة في حلف شمال الأطلسي «الناتو». وتابع، وفق ما ورد في الكتاب: «اغتيال سليماني شكل (بادرة سيئة) في العلاقات بين ترمب ونتنياهو منذ ذلك الحين وحتى الآن، ولكن عدداً قليلاً جداً من المسؤولين الإسرائيليين اطلع على الموضوع. وقد حاول نتنياهو الشرح وتصحيح الأمور، طيلة أشهر، لكن جهوده لم تنجح. إذ أن ترمب لم يقتنع، واستمر في الاعتقاد أن نتنياهو استغله».
وقد حرص رافيد على أخذ رد نتنياهو فقال من خلال مسؤول أمني عمل تحت قيادته: «صحيح أن إسرائيل لم ترغب في أن تكون جزءاً من اغتيال سليماني. ولكن في المحادثات بين الأجهزة الأمنية الإسرائيلية والأميركية اقترحت إسرائيل أن تكون هي من ينفذ، لكن الأميركيين أصروا على أن يكونوا هم من ينفذ الاغتيال». وأشار إلى أن «نائب الرئيس الأميركي حينها، مايك بنس، اتصل بمستشار الأمن القومي الإسرائيلي، مئير بن شابات، في وقت متأخر من الليل، شاكراً إياه على أن إسرائيل قامت بمسارات أنقذت حياة جنود أميركيين في العراق».
ويضيف رافيد في كتابه أن إدارة الرئيس ترمب تعهدت، في إطار «خطة الدفاع المشترك» الإسرائيلية – الأميركية السرية لحالة طوارئ إقليمية، أن تقدم لإسرائيل كل ما تحتاجه وتطلبه لإعادة إعمار بنية تحتية مدنية وبضمنها موانئ وشبكات الكهرباء والاتصالات والمياه والشوارع وأي مساعدة أخرى تطلبها، من أجل إعادة إعمار جبهتها الداخلية في حال تضررها من جراء حرب مع إيران.
وأكد هذا النشر، أمس الجمعة، أيضاً المحلل العسكري في صحيفة «يديعوت أحرونوت»، أليكس فيشمان، فكتب: «بند إعادة الإعمار في الخطة سري ومعروف فقط لعدد قليل جداً من المسؤولين السياسيين والأمنيين في إسرائيل. وقد تمت المصادقة النهائية عليه في العام 2018، وحتى اليوم لا أحد يؤمن أنه سنصل مرة إلى دمار بهذا الحجم». وقال: «إسرائيل والولايات المتحدة لا تتحدثان عن تحالف عسكري حتى الآن. ولكنهما تقيمان علاقات تعاون عميقة خصوصاً بين مقرات القيادات الأمنية في الجانبين، حيث تتشاركان في المعلومات في مجالات استخباراتية وعسكرية وعمليات مشتركة للدفاع الجوي عن إسرائيل». ووصف فيشمان هذه العلاقة بأنها «شكل من أشكال التحالف أو يمكن تسميتها خطوة التفافية على التحالف». وقال إنه «تم بناء هذه الخطوة على مراحل. بداية أثناء حرب الخليج الأولى، عام 1991، في أعقاب إرسال بطارية «باتريوت» أميركية لاعتراض الصواريخ التي هاجمت إسرائيل، ثم تطورت إلى «خطة الدفاع المشترك» في أعقاب الغزو الأميركي للعراق، عام 2003، عندما تدربت وحدات دفاع جوي أميركية في إسرائيل، وبقيت فيها طوال حرب الخليج الثانية».
وتابع فيشمان أن «الأميركيين أدركوا سريعاً جداً أن بإمكانهم استخدام القدرات الاستخباراتية والعسكرية الإسرائيلية في إطار الحرب ضد داعش، وهكذا ولد التعاون الاستخباراتي والعسكري في الأراضي السورية وفي سمائها. وفي السنوات الأخيرة، أقيمت في مقر الجيش الإسرائيلي في تل أبيب غرفة عمليات خاصة لسلاح الجو من أجل التعاون مع الأميركيين في سوريا».
ووصف ضابط إسرائيلي كبير ذلك بأنه «مستوى تعاون وثيق ويومي غير مسبوق». وأضاف: «إلى جانب مجالي السيابر والاستخبارات، تنفذ إسرائيل والولايات المتحدة تدريبات مشتركة تتضمن أهدافاً محددة في الدفاع عن الأجواء الإسرائيلية من صواريخ باليستية، كتلك التي ستطلق من إيران والعراق وحتى من اليمن. وتجري هذه التدريبات مرة كل سنتين بشكل ثابت، في إطار مناورتي (جنيفر كوبرا) و(جنيفر فالكون)».
ووصف فيشمان «الادعاء الذي يتعالى اليوم بأن إسرائيل ليست بحاجة إلى اطلاع الأميركيين بشأن نواياها ضد إيران»، بأنه ادعاء «بائد». وأن تهديد نتنياهو، ووزير دفاعه حينها، إيهود باراك، بهجوم عسكري مستقل ضد إيران، في العام 2011، كان مجرد تهديد واليوم بات أصعب بالنسبة للثلاثي الحاكم في إسرائيل، نفتالي بنيت ويائير لبيد وبيني غانتس.
ولفت التقرير إلى أن الأنباء التي ترددت أثناء زيارة غانتس، إلى واشنطن، الأسبوع الماضي، حول تدريبات عسكرية أميركية – إسرائيلية مشتركة على تدمير المنشآت النووية الإيرانية، لم تؤد إلى انفعال لدى الوفد الإسرائيلي في واشنطن، «وكان واضحاً أن هدفه الآذان الإيرانية على خلفية جمود المحادثات لإحياء البرنامج النووي وأداة ردع تعزز العلاقات بين الدولتين إلى مستوى حلف عسكري، من دون التقيد بشروط حلف كهذا».
ووفقاً لتقرير فيشمان، فإن تقديرات خبراء من خارج جهاز الأمن الإسرائيلي أن تل أبيب بعيدة مدة تتراوح ما بين ثلاث إلى خمس سنوات عن وضع تتمكن فيه من مهاجمة إيران بشكل مستقل وتحقيق نتيجة فعالة و«عندما أعلن رئيس أركان الجيش، أفيف كوخافي، عن استعدادات متزايد لمواجهة مع إيران، قصد عملياً العودة إلى مستوى تدريبات ما قبل التوقيع على الاتفاق النووي. وبكلمات أخرى: مضاعفة كمية تدريبات سلاح الجو. لكن ليس بإمكان أي مجهود أن يختصر بشكل دراماتيكي الخطوات المتعلقة ببناء القوة».