الأسبوعية

رسالة للزوجين…احذروا البخل العاطفي..!! بقلم د. عبد الفتاح ناجي

هو أكبر تهديد لسعادة شريك الحياة إذ يصبح بمثابة حاجز يحول بين الزوجين، يمنع الحوار بينهما، ويجعل حياتهما جافة بلا عواطف، ما ينتج عنه حالة عدم ثقة في الآخر الذي يترتب عليها مشكلات زوجية كثيرة قد تؤدي الى الانفصال العاطفي، فالجسدي، ثم الطلاق. إنّه البخل العاطفي ما بين الزوجين وهو أشدّ درجات البخل قسوةً لكونه يتنافى مع القاعدة الأساسية التي يقوم عليها الزواج، فأصل الزواج المودة والرحمة، ونقيضه هو حالة من انعدام الحب والتعاطف والتي يعيش فيها الزوجان منفردين عن بعضهما البعض رغم وجودهما في منزل واحد، ويعيشان في انعزال عاطفي تام، ولكلٍ منهما عالمه الخاص البعيد عن الطرف الآخر، حتى يصبح حضور أو غياب أحدهما عن البيت لا يعني للآخر الكثير، وربما يصل في مرحلة متقدمة إلى شعور بالراحة والاطمئنان عند الغياب أو السفر، والأسباب لهذه الظاهرة المتكررة متعددة ومختلفة باختلاف نماذج الحياة من حولنا. فالتطوّر الكبير في عالم الاتصال والتواصل الالكتروني كان صمّاً أجوف فهو لم يحمل معه نبضات القلوب ومشاعر الزوجين لبعضهما البعض.

تتداخل مجموعة من الأمور التي أوجدت ذلك الجفاف العاطفي ومنها عدم قدرة الزوجين على تجديد نفسيهما واهمالهما للجانب العاطفي للشريك، والانغماس بشكل كبير في الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية والمهنية على حساب الشريك، أو الاهتمام بالأطفال على حساب شريك الحياة، وعدم تكيفّ كل طرف مع حاجات ورغبات الآخر. وأنواعه كثيرة منها الخرس الزوجي وغياب الحوار بين الزوجين، والبخل في اعطاء الزوج مشاعر الحب والاهتمام من خلال كلام الحب والغزل حتى لو كان لمجرد المجاملة. فالمرأة مهما كانت قوية تحتاج حماية، أماناً، وعطف الرجل لتشعر بأنوثتها وأنها ما زالت مرغوبة لديه. وكذلك الرجل، فقد تكون الزوجة مقصِّرة في حق زوجها عاطفياً فلا تظهر اشتياقها لزوجها بعد عودته من العمل وتهتم فقط بتأدية أعمالها المنزلية ومتابعة الأطفال ظناً منها أنّها أشبعت رغبات زوجها متناسية أهمية الجانب النفسي كأن تستقبله بابتسامة رقيقة أو تقدم له هدية بسيطة أو تسمعه كلمات يشتاق اليها حتى يذوب الجليد العاطفي بينهما، وتشتعل العاطفة.

إنّ البخل العاطفي يمثّل قوة تدمير سلبية تلقي بظلالها القاتمة على كافة شؤون الحياة ما بين الزوجين وتعجّل في وضع كتابة السطر الأخير لوجود الأسرة، لذلك فإنّ أفضل ما يمكن أن ينصح به هو إعادة التواصل بين الأزواج وإيجاد أرضية مشتركة يقف عليها الطرفان ويجدان أهدافاً ومسببات تدفع للاستمرار في هذه العلاقة، حيث إنّ تدفّق العواطف والمشاعر بينهما قد يكون بمثابة المياه التي تبرّد القلوب، وتصنع قدرات أكبر لتجاوز الخلافات وبناء قواعد رصينة للأسرة. فحتى الحب والمشاعر ما بين الزوجين ينعكس إيجاباً على الأبناء. ولن نبالغ إذا قلنا إنّه يقلل السلوك العنيف بين الأبناء. فالأسرة السعيدة هي التي لا يبخل فيها الزوجان على بعضهما البعض في المشاعر.

إن العواطف والمشاعر هي الرسائل غير المكتوبة التي تبني جسراً من التواصل ما بين الزوجين.. فاستمروا ببناء ذلك الجسر واحرصوا على وجوده يا أيّها الأزواج.

د. عبد الفتاح ناجي

[email protected]

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى