سلطان السلام وفارس الحضارة… بقلم الشيخة حصة الحمود السالم الحمود الصباح
سلطان السلام وفارس الحضارة… بقلم الشيخة حصة الحمود السالم الحمود الصباح
عبر صفحات التاريخ تطل علينا وجوه تحمل فى قسماتها عناوين النبل والقيم الإنسانية ،وجوه لا يعرف حقيقتها إلا ذوى الفراسة الذين تنحاز ضمائرهم اليقظة لكل فارس يمتطى جواد الكفاح ليحقق المجد لقومه فى درجات الترقى الحضارى الإنسانى .
من هؤلاء الفرسان السلطان قابوس بن سعيد حاكم سلطنة عمان الحبيبة والذى حفر إسمه فى قلوب الشعوب العربية والإسلامية والعالم بأسره ، هذا الرجل الذى وهب حياته لنهضة سلطنة عمان حتى تبوأت مكانة رفيعة فى مختلف المجالات . تولى الحكم بعد عودته من بريطانيا عام 1970 والتى كان يدرس فيها العلوم العسكرية فى جامعة ساند هيرست وهى الفترة التى بلورت الشخصية القيادية التى مزجت بين الأصالة العربية والانفتاح الفكرى على العالم من خلال دعمه للتعليم والثقافة فقام بتشييد جامعة السلطان قابوس والكثير من المدارس فى السلطنة للبنين والبنات على حد سواء .
كما أنه من كبار الداعمين للمشروعات الثقافية ليس محلياً فحسب ولكن دولياً من خلال تقديمه لجائزة السلطان قابوس لصون البيئة والتى تمنحها منظمة اليونيسكو كل عامين ،فضلاً عن اهتمامه بالعلوم الدينية ودعمه لجامعة الأزهر الشريف ومسابقات تحفيظ القرآن الكريم وإصدار موسوعة السلطان قابوس للأسماء العربية ، وفى مجال السياسة الخارجية حرص السلطان قابوس على إقامة علاقات دبلوماسية قوية مع كل دول العالم قائمة على الاحترام والتقدير وعدم التدخل فى الشئون الداخلية للدول الأخرى.
وقد نجح السلطان قابوس فى سياسته الخارجية فى الحفاظ على هذا النهج الذى نال احترام وتقدير الجميع للسلطنة حكومةً وشعباً ، أما على المستوى الاقتصادى فقد استغل السلطان قابوس اكتشاف النفط فى السلطنة عام 1968 وقام بإنشاء مصانع تكرير البترول واستغلال العائد النفطى فى تشييد البنية التحتية واعتماد الخطة الخمسية عام 1975 وهى مستمرة إلى اليوم وحققت نجاحاً مذهلاً يلمسه كل من زار السلطنة وهى خطة تعتمد على استغلال العوائد النفطية لتطوير القطاعات الغير نفطية لتنويع مصادر الدخل وأبرزها قطاع السياحة والاستثمار الأجنبى .
لقد نجح القائد فى تحقيق الرفاهية لشعبه اقتصادياً ،ومع ذلك فإن النجاح الأبرز فى حياته المجيدة كان الحزم فى تطبيق القانون بدايةً لتحقيق العدل والمساواة ومفهوم المواطنة الحق بين جميع أبناء الشعب العمانى على اختلاف طوائفهم ومذاهبهم مما جعل الشعب العمانى نموذج راقى فى التسامح و الانتماء ،ومع أن المذهب الإباضى هو المذهب الدينى الرسمى لسلطنة عمان إلا أن باقى المذاهب تلقى نفس الاحترام والاهتمام والتقدير على المستويين الرسمى والشعبى حتى أصبحت عقوبة مثيرى الفتن المذهبية هى السجن عشر سنوات ،
حقيقةً فإن الكلام لا ينتهى عن عظمة هذا القُطر الشقيق قيادةً وشعباً ولا أبالغ إن قلت أن سلطنة عمان تحت الحكم الرشيد للسلطان قابوس هى أكثر دول العالم تسامحاً وأماناً والفضل لله سبحانه وتعالى الذى سخَّر هذا القائد العظيم ليجعل وطنه يتبوأ مكانة رفيعة فى قلوب محبى الخير والسلام والكفاح المشرف ،وهو القائد الذى أصبح أيقونة شعبه ورمز وعنوان محفور على جبين وطنهم ، حفظ الله السلطنة قيادةً وشعباً وأدام الله عليهم نعمة الأمان والبصيرة واليقظة.