أهم الأخبارالأسبوعية

قيادة حازمة وإرث لا يُنسى.. بقلم الشيخة حصة الحمود السالم الصباح

 

في تلاقي الذكرى الثانية لتولّي حضرة صاحب السموّ أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح حفظه الله ورعاه مقاليد الحكم، مع الذكرى الخامسة لرحيل المغفور له سمو الشيخ ناصر صباح الأحمد الصباح طيّب الله ثراه، تستعيد الكويت فصلًا بالغ الدلالة من تاريخها المعاصر؛ فصلًا تتلاقى فيه الإرادة السياسية الصلبة مع الرؤية الإصلاحية الشجاعة، وتلتقي فيه القيادة بالحسّ الوطني العميق تحت عنوان “الدولة أولًا وسيادة القانون فوق الجميع”.

منذ اللحظة الأولى لعهد سموّ الأمير الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح بدا النهج واضحًا لا لبس فيه، حكمٌ يُدار بعقل الدولة لا بمنطق المجاملات، وإصلاحٌ يستند إلى الدستور والقانون لا إلى الشعارات. لقد قدّم سموّه نموذجًا هادئًا في الشكل، حازمًا في المضمون، واضعًا نصب عينيه استعادة هيبة المؤسسات وترسيخ الثقة بين الدولة والمجتمع وتجفيف منابع العبث التي أنهكت البلاد وأرهقت وجدان الكويتيين.

وفي قلب هذا النهج برز ملف محاربة الفساد باعتباره استحقاقًا وطنيًا لا يقبل التأجيل. فسموّ الأمير حفظه الله لم يكتفِ بإعلان الموقف بل ترجم الإرادة إلى قرار حين منح الضوء الأخضر للأجهزة المعنية وفي مقدّمتها وزارة الداخلية بقيادة معالي النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية سمو الشيخ فهد اليوسف الصباح للتحرّك الحازم من أجل تطهير البلد من المفسدين ومواجهة شبكات التلاعب بالقانون وعلى رأسها قضية تزوير الجنسية التي مثّلت اعتداءً صارخًا على الهوية الوطنية والعدالة الاجتماعية.

وعند هذا المنعطف، تحضر سيرة المغفور له سمو الشيخ ناصر صباح الأحمد الصباح طيّب الله ثراه بوصفه أحد أبرز من كسروا حاجز الصمت وفتحوا ملف الفساد في وقتٍ كان الاقتراب منه محفوفًا بالمخاطر حيث لم يكن سمو الشيخ ناصر رحمه الله رجل شعارات بل رجل مواقف، وقد لخّص فلسفته الإصلاحية في عبارته الخالدة «إنه لا تنمية ولا عدالة في الدولة بوجود الفاسدين في مؤسساتها، وغير ذلك لا يكون إلا إفساد فوق إفساد، وما نراه أقل مما نتمناه». تلك الكلمات لم تكن توصيفًا عابرًا بل رؤية دولة دفعت ثمنها مواقف شجاعة ورسّخت في الوعي العام أن التنمية الحقيقية لا تقوم إلا على النزاهة وأن العدالة لا تستقيم مع الفساد.

ما يجمع بين سموّ الأمير الشيخ مشعل الأحمد الصباح حفظه الله والمغفور له سمو الشيخ ناصر صباح الأحمد الصباح ، وإن اختلف الموقع والمرحلة، هو الانحياز الصريح للكويت. فالراحل بدأ المواجهة، وسموّ الأمير يقودها اليوم بعقل الدولة وأدواتها، محوّلًا القناعة الأخلاقية إلى سياسة عامة، والإرادة الوطنية إلى مسار مؤسسي يتقدم بثبات.
وفي هذه المناسبة المزدوجة، لا تستحضر الكويت ذكرى رجلٍ رحل فحسب، ولا تحتفي بعهدٍ يتجدّد فقط، بل تؤكد أن مسار الإصلاح ليس حدثًا عابرًا، بل خيار دولة. وتحت قيادة حضرة صاحب السموّ أمير البلاد، حفظه الله، تتعزّز الآمال بأن تمضي الكويت بثبات نحو صورتها التي تليق بتاريخها وأهلها: دولة قانون، وعدالة، وهوية مصانة، لا مكان فيها لفسادٍ أو تزوير، ولا غطاء فيها لمن يعبث بمقدّرات الوطن، واللهَ نسأل أن يرزقنا الإخلاص فى القول والعمل وأن يسبغ علينا نعمه وفضله وكرمه إنه ولي ذلك والقادر عليه.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى