لم يأتِ الصباح …. بقلم نرمين عباس
أرحل عن الأماكن واحداً تلو آخر، لا لسببٍ سوى أنّ النفس أعتادت الوحده، أدفعُ عني الجميع لأصبح خارجَ إطارِ كُلِ الصور، مع كل حدث وكل شعور وكل مشهد أشعر أنه الأخير، يجلس الطبيب أمامي مرتبكاً، يخبرني بصوت مختنق، لا أري تحسن في حالتك سنستمر بالعلاج، أهُز رأسى بهدوء وأطلب منه الإنصراف، قبل أن أغادر يقول لي، تمسكِ بالأمل، أبتسم أبتسامه عابره ممتنه لمواساته وأغادر، بالكاد تحملني قدماي، لا أعرف وجُهتي، أتنفس ببطء وأنظر للسماء، أتساءل هل أراها لآخر مره، لم أعرف من قبل ذلك الشعور، أن يري الإنسان الأشياء لآخر مره، ماذا لو كان فنجان القهوة الذي أحتسيته صباحاً هو الأخير، هل كنت سأعدَّ قهوتي بإمتنان لكل لحظات الوحده التي شاركتها فنجاني، هل كنت سأسافر إلي مدينه جديده، وأحظى بصحبه دافئة، وأقرأ الكثير من الكتب، وأدندن أغنيتي المفضله بصوت مرتفع، هل كنت سأعانق كل من أحببتهم عناق أبدي، قررت أن أغادر الأشياء قبل أن تغادرني، أن أسرق من الحياه لحظات الفرح والبهجه، قررت أن أبحث عن أجمل فستان في مدينتي وأشتريه، أريد أن أبدو اليوم كأجمل فتاة في المدينه، أشتريت فستاناً كما تمنيته تماماً، فستان أحمر اللون، تزينه ورود صغيره، وضعت القليل من مساحيق التجميل لتبرز ملامحي، أسدلت شعري على كتفي وظهري، مع قطرات من العطر، نظرت للمرآه فشعرت أنني أري نفسي لأول مره، بدوت في غايه الجمال، شعرت بثقه لم أشعر بها من قبل، ذهبت لحضور حفلة موسيقيه، لطالما أحببت الموسيقي والغناء، كانت حفلة لإحياء التراث الغنائي القديم، ذهبت للحفلة كأحدي الأميرات، كانت الأنظار تتجه نحوي فلم أبالي، بدأ العازفون في عزف أغار من قلبي، لموسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب، شعرت أن أحدهم ينظر إلي ألتفت لأراه، وجدتك أنت، لم تتغير عيناك وملامحك، أعادت عيناك لقلبي ذكريات الماضي التي لم تغادر روحي، أتذكر لقاءنا، زواجنا، انفصالنا، خلافاتنا، أبتسامتنا، حياتنا، وأتذكر المشهد الأخير بيننا، كانت خيانتك بمثابه خنجر في صدري، جعلتني أفقد توازني، أفقد إيماني بذلك الحب، كان العقاب الذي نلته أقسي كثيرا من عقابك، هل تعلم شعور الإنسان عندما يفقد ذاته، وأنا فقدت كل شيء بفقدانك، فقد أسرفت في حبك وما عاد بيننا فرصه للبقاء، فلملمت شتات نفسي واخترت الإنفصال، لم أسامحك حينها فلقد آلمتني إيلامًا شديدًا، ولكني الآن اسامح كل الدنيا لأنها جعلتني أري أكثر شخص أحبتته رغم كل الجراح، اُدير وجهي عنك وأنا استمع للفرقه التي تغني رائعه موسيقار الأجيال
“أغارُ من قلبي إذا هام بلقياكِ أنت منايَ وروحي فكيف أنساكِ”.. ابتسم ابتسامه إمتنان للحظات الحنين والدفء التي منحتها لي الحياه، أشعر بحاجة إلي مكان أسند إليه رأسي، أتمني لو كان كتفك لكني لا أجد سوي مقعدي، أسند رأسي ببطء وأغمض عيناي بإبتسامه إمتنان أبديه