مغامرة صحفية في مستشفى «قصر العيني».. بـ50 جنيها فقط محررة «صوت الأمة» تصبح طبيبة
نقلا عن صوت الامة المصرية
عن المستشفيات الحكومية «حدث ولا حرج».. إهمال وتسيب واستهتار وفوضى وغياب أطباء وتكاسل، والنتيجة النهائية الموت على نفقة الدولة إلا من رحم ربي.
ودون تشاؤم الصورة قاتمة الأوضاع متردية والفقراء الذين اضطرتهم الظروف إلى اللجوء إلى مستشفيات الحكومة هم من يدفعون وحدهم الثمن والرقابة غائبة.. والمسؤولية تائهة بين الأطباء وطاقم التمريض وأفراد الحراسة ووزارة الصحة والمسؤولين الذين غاب عنهم الضمير.
«صوت الأمة» خاضت مغامرة بنفسها داخل أكبر مستشفى حكومي «قصر العيني» القديم، تقمصت خلالها المحررة دور «طبيبة» وارتدت البالطو الأبيض واستخدمت أدوات طبية، حيث استخدمت السماعة وجهاز قياس الضغط وسماعة الكشف، استأجرتهم بمبلغ 50 جنيهاً، من داخل محل مقابل لـ«قصر العيني» القديم على شارع قصر العيني.
وتجولت المحررة بين أقسام العظام والرماتيزم والجراحة العامة والتجميل، وتسللت من المبني عبر الطرق الرئيسية إلى قسم الاستقبال والطوارئ، ووقعت كشوفاً طبية على المرضى، دون أن يستوقفها أحد للتأكد من هويتها الطبية خاصة وأنها وجه جديد غير مألوف على العاملين بالمستشفى… تفاصيل المغامرة في السطور التالية.
في تمام الساعة الخامسة والنصف انطلقت المحررة من مقر الجريدة بالمهندسين، وبعد شراء «عدة الشغل» وصلت إلى الطابق الأول بمستشفى القصر العيني في تمام الساعة السادسة والنصف وقامت بالتجول بالأدوار التي شاهدت فيها قيام مرضى بافتراش الأرض وحينما سألتهم تبين أنهم مرضى حضروا لتلقي العلاج ولم يجدوا أماكن شاغله لحجزهم للكشف عليهم فقرروا المبيت على بلاط المستشفى لحين توفير سرير بالقسم الذي سيعالج فيه المرضى، كلا حسب حالته.
واستمعت المحررة إلى شكاوى المرضى من المعاملة السيئة من جانب العاملين بالمستشفى وهذه ليست المأساة الوحيدة في هذا الصرح الطبي الكبير، فداخل قسم العظام هناك مئات المأسي لعمليات جراحية أجريت بالخطأ والنتائج جروح وسيقان لا تحمل أصحابها رغم مرور فترات طويلة على العلاج وهو الشيء نفسه في كافة أقسام المستشفى.
وبقسم الاستقبال الذي كان خاليا من الأطباء إلا من ممرضتين وثلاثة عمال وفردا أمن لفض المشاجرات التي تنشب بين أسر المرضى والأطباء، تحدثت «صوت الأمة» إلى المرضى للتعرف على أدق تفاصيل معاناتهم في المستشفى فطلبت منها أسرة مريض قياس الضغط قائلة: «الله يكرمك يا دكتورة قيسي له الضغط عشان داخل العمليات دلوقتي؟»، فسألتها المحررة «إزاي خرج من غرفة العمليات» فرد المريض «أنا بغسل كلى وصايم من إمبارح وداخل عمليات دلوقتي والدكاترة قالولي روح شوف ممرضة تقيس لك الضغط وتكتبة على الورقة دي عشان تدخل عمليات وبقالنا ساعة بيقولوا حاضر ومحدش عاوز ييجي».
حاولت المحررة قياس الضغط للمريض ولمدة 10 دقائق وقفت بغرفة الاستقبال تتظاهر بالكشف على المريض دون أن يستوقفها أحد ويمر من حولها الأمن والتمريض والأطباء ولم يبدوا أي اندهاش فقالت للمريض «ضغطك 120 على 80»- على حسب معرفة المحررة بأن هذا الرقم هو الرقم المثالي لقياس الضغط -، ولكي لا يعتمد عليها المريض تحججت بأن جهاز الضغط يعطي قراءة خطأ فتركته قائلة «انتظر أي ممرضة تمر وأطلب منها قياس الضغط للتأكد من القراءة الصحيحة».
وداخل إحدى الغرف أسرع أحد أهالي المرضى تجاه المحررة عقب مشاهدته لها مرتدية البالطو الأبيض معتقدا أنها طبيبة وطالبها بضرورة الكشف على والده المريض الذي يتألم ولا يجد أحدا من الأطباء ليوقع الكشف الطبي عليه رغم تواجده منذ أكثر من ساعة، توجهت المحررة تجاه المريض ووقعت الكشف الطبى عليه من خلال قياس نبضات قلبه بالسماعة ووجدتها بالفعل سريعة والمريض يحتاج على الفور لطبيب بالإضافة لوجود صفرة في عينيه مما يؤكد أن حالته متدهورة.
وفي الحجرة المجاورة لهذا المريض توجد سيدة في العقد الثالث من عمرها ترقد على أحد الأسرة وتجلس بجوارها والدتها المسنة التي بمجرد أن شاهدتها هرولت نحوها وطالبتها بأن تطمئنها على نجلتها التي ترقد على فراش المرض دون أن يوقع طبيب الكشف عليها.
بعد تجولنا بالاستقبال توجهنا إلى طوابق حجز المرضى بقسم الجراحة العامة وشاهدنا سيدة تسير بالطرقة وبيدها «قسطرة» وحول رقبتها طوق طبي، فحينما شاهدت المحررة بالبلطو الأبيض استوقفتها «دكتورة .. دكتورة»، فردت المحررة «في حاجة مالك ياستي» وقالت لها «الله يخليكي أنا لسة عاملة عملية خارجة منها والدكتور اللي بيتابعني قاللي انزلي من على السرير واتحركي في الطرقة والقسطرة بتجيب دم ومش لقياها بقالي نص ساعة وأعاني من صداع شديد ولا لاقية حد من التمريض ممكن تشوفيها»، فتحدثت معها على أن «هذا الدم هو دم طبيعي وهو من بقايا إجراء العملية» كمعلومة سابقة للمحررة، إلا أنها طالبت المريضة باتباع تعليمات الطبيب الملاحظ للحالة بالمشي في الطرقة لحين ظهوره، وطلبت من ممرضة إعطائها فولتارين المسكن للألام ولكن بعد الرجوع للطبيب المعالج.
وأثناء السير شاهدنا أسرة مريض حالته الصحية متأخرة تجلس بجواره ابنته، وعند سؤال المحررة عن حالته سارعت ابنته بالحديث والدموع تسابق كلامها مطالبة محررة «صوت الأمة» باعتبارها طبيبة أن تطمئنها على حالة والدها الذي قالت إنه لن يتابعه الطبيب إلا في الصباح أو الانتظار إلى الليل حتى يتم إجراء أشعة له، وأكدت أن والدها كان يعاني من جلطة وعقب احتجازه تدهورت حالته الصحية لدرجة أن أحد الأطباء أعطاه حقنه ومن وقتها وحالة والدها الصحية متأخرة، مشيرة إلى أن ساقه بدأت تتضخم بشكل مرعب ولم يخبرها أحد الأطباء بالسبب.