وجدان العقاب :تكرار الحوادث في مفاعل بوشهر على مدى عقود فاقم حجم المخاوف في الدول المجاورة للجمهورية الإيرانية
أعلنت الجمعية الكويتية لحماية البيئة، وعلى لسان رئيسة مجلس الإدارة د.وجدان العقاب رؤيتها البيئية تجاه تعطل العمل في مفاعل بوشهر الإيراني، فضلا عن الاستعدادات الحقيقية لمواجهة مثل هذا العطل وما ينجم عنه لاحقا، وذلك بعدما تناقلت وكالات أخبار قبل عدة أيام خبرا عن تعطل العمل في مفاعل بوشهر الإيراني.
وقالت د.العقاب إن «الكثير من الدول سعت إلى استغلال التكنولوجيا النووية لتوليد الطاقة الكهربائية بأسعار تنافسية وبأقل ما يمكن من النفايات والتأثيرات البيئية، إلا أن المفاعلات والمحطات النووية ليست دائما صديقة للبيئة، خاصة عند وقوع المحظور في حادث طبيعي ناتج عن الزلازل والفيضانات أو حادث غير طبيعي كالإرهاب المتعمد بالتخريب أو الخطأ البشري غير المتعمد الذي قد يلحق بإجراءات التشغيل والصيانة، والتي قد تتسبب بعطل داخلي يخل بمنظومة الأمن والسلامة. وفي كلتا الحالتين يتحول الحمل الوديع الصديق للبيئة إلى وحش كاسر يفتك بالحياة البشرية لأجيال، ويدمر المنظومة البيئية حوله لعقود».
وأضافت أن تكرار الحوادث في مفاعل بوشهر على مدى عقود فاقم حجم المخاوف في الدول المجاورة للجمهورية الإيرانية والمطلة على الخليج العربي من مغبة انفجار هذا المفاعل القديم لأي سبب من الأسباب أو التسرب الإشعاعي منه، وبات شاغلها الاستعداد لمواجهة هذا الخطر الإقليمي في الخليج، حتى دعت دول «التعاون» لإنشاء منظومة وكيان تنسيقي عام 2013 لمواجهة مثل هذا الخطر، لا قدر الله، حيث يتصدر قائمة سجل المخاطر الإقليمية، وبالفعل تم وضع خطة إقليمية لمواجهة خطر التلوث الإشعاعي والنووي في المنطقة يتم من خلالها تنسيق الجهود المعرفية والإمكانيات الخليجية للتنبؤ بالخطر من خلال منظومة الإنذار المبكر للتلوث والتسرب الإشعاعي، وتواصل كذلك جرد الإمكانيات والآليات المتوافرة لمواجهة هذا الخطر من موارد بشرية وغير بشرية في سجل للموارد المتاح استخدامها وتوفرها في حالة الطوارئ. تم اعتماد الخطة عام 2016 ولاتزال خطاها بطيئة التنفيذ مما يعرض مواطني الخليج للخطر المحدق على الساحل المقابل لهم.
وأوضحت رئيسة جمعية حماية البيئة أنه لا يخفى على الجميع أن أبعاد أي انفجار أو تسرب إشعاعي ناجم عن خلل في المفاعلات النووية ليست بالبسيطة، فهي كارثية، وبالتالي لابد من وجود احترازات صارمة وصيانة دورية ناجعة لمثل مفاعل ومحطة بوشهر النووية القديمة والمتهالكة كثيرة الأعطاب، ناهيك عن التخوف الرئيسي من الأخطاء البشرية في ضعف التدابير الأمنية وقلة الخبرات التشغيلية والرقابية على مثل تلك المنشأة، مبينة «لعل سجل الحوادث على مدى التاريخ دليل قاطع لخطورة التسرب الإشعاعي في الهواء كغبار إشعاعي أو تسرب السوائل الخاصة بالتبريد والملوثة إشعاعيا في مياه المسطحات المائية القريبة منها، مما حتم وجود مسافة آمنة لا تقل عن 300 كيلومتر بين أي منشأة مماثلة وتجمعات بشرية مدنية. إلا أن المسافة بين مفاعل بوشهر ودول الخليج أقل من ذلك بسبب عرض الخليج العربي الذي يتراوح بين 180 كم في بعض المواقع و 280 كم في مواقع أخرى، لافتة إلى أن الكويت وشواطئ المملكة العربية السعودية تبعد حوالي 236 كيلومترا، وبعد المدن الخليجية الأخرى اكثر من 300 كيلومتر لا يبعدها عن الخطر، إذ ان خطر التسريب للمياه يمكن أن يطولها خاصة أن تيارات الخليج العربي تدور عكس عقارب الساعة، وأي تلوث بحري سيطولها تماما كما حدث في عام 1991 اثر وصول البترول المسكوب بواسطة الجيش العراقي أثناء الانسحاب من الكويت بالتحرير، لشواطئ دولة قطر ومملكة البحرين.
وكشفت د.العقاب ان «التلوث الهوائي ستتحكم في نقله الرياح السائدة في المنطقة إلى جهة الجنوب وتبدلها حسب المواسم إلى الشمال الغربي، مهددة المدن والتجمعات البشرية التي تقع في طريقها ومدى انتشارها، وتكمن خطورة التلوث المائي بسبب تسرب المواد المشعة إلى مياه الخليج، في التأثير على الحياة الفطرية ونفوقها وتلوث ما نجا منها لعقود يصعب تفاديها وعلاجها، مما يؤثر على الامن الغذائي في المنطقة، مؤكدة أن اعتماد دول الخليج على تحلية المياه لإنتاج مياه الشرب هو تخوف آخر يهدد توفير مياه شرب صالحة للاستخدام الآدمي مما يؤثر سلبا على الأمن المائي، علما بان دول المنطقة تقع تحت خط الفقر المائي للفرد ولا يمكن تعويض ما قد نفقده من المياه المحلاة بصورة طبيعية».
وذكرت أن «محاولة إنتاج مياه شرب من مياه بحر ملوثة إشعاعيا لفترة ممكن، إلا انه يتسبب بزيادة تلوث مياه البحر بالإشعاع، حيث إن المياه المالحة العائدة للبحر بعد التحلية تكون ملوثة في بعض التقديرات تصل إلى 17 ضعفا، مما يزيد الطين بلة في المنطقة، إلى أن يتم اكتشاف ورصد تلوث المياه المنتجة وعدم صلاحيتها يتوقف انتاجها، فانه يكون تسبب بتلوث محطات تحلية المياه وسيتم صرف مبالغ طائلة لتنظيفها وتعقيمها ولمدة لا تقل عن 3 سنوات لإعادتها إلى العمل مجددا»، مضيفة: «عند تحليل هذه المعادلة البسيطة يتراءى لنا مدى خطورة هذا التلوث المحتمل ومدى تأثيره على الاقتصاد والبيئة، حيث يتجاوز الخطر أبعادا كثيرة على الصحة بسبب التشوهات الخلقية التي تنتقل عبر الأجيال بفعل الإشعاع وأنواع مختلفة من السرطانات وغيرها من الأمراض إلى الأبعاد البيئية التي تطول جودة الهواء والماء والحياة البرية وصلاحية النباتات والحيوانات».