أخبار
وكالة موديز أشادت فيه بحصافة السياسة النقدية التي يطبقها بنك الكويت المركزي، ومتانة أوضاع القطاع المصرفي في البلاد
أصدرت وكالة موديز لخدمات المستثمرين بتاريخ 1 أبريل 2021 تقريرًا بعنوان “الرأي الائتماني” بشأن المراجعة المنتظمة للتصنيف الائتماني السيادي لدولة الكويت، أشادت فيه بحصافة السياسة النقدية التي يطبقها بنك الكويت المركزي، ومتانة أوضاع القطاع المصرفي في البلاد، مشيرة إلى أن إدارة السياسة النقدية لدولة الكويت تشكل مصدرًا للقوة المؤسسية، كما يتضح من مستويات التضخم المنخفضة والمستقرة نسبيًا منذ تطبيق نظام سعر صرف الدينار الكويتي القائم على سلة موزونة من العملات. منوهة بقوة اللوائح التنظيمية التي يصدرها بنك الكويت المركزي وحصافتها، حيث انعكس ذلك في معدلات كفاية رأس المال المرتفعة في النظام المصرفي والنهج الاستباقي لتنفيذ الإطار التنظيمي المصرفي الدولي، بما في ذلك التطبيق الكامل لإصلاحات بازل (3).
وأشارت الوكالة إلى محدودية مخاطر العدوى التي قد يشكلها النظام المصرفي في دولة الكويت على الموازنة العامة للدولة، حيث تصنّف الوكالة تلك المخاطر عند الدرجة “baa”. وبالرغم من توقع الوكالة ضعف ربحية البنوك بسبب التداعيات السلبية لجائحة كورونا، إلّا أنها أشادت بما تتمتع به البنوك من معدلات رسملة وسيولة ومخصصات مرتفعة مما يدعم أداء القطاع المصرفي.
ومن الجدير بالذكر أنه قد سبق لوكالة موديز في تاريخ 22 سبتمبر 2020 أن خفّضت التصنيف الائتماني للكويت بواقع درجتين من “Aa2” إلى “A1” مع تغيير النظرة المستقبلية من تحت المراجعة إلى مستقرة.
وفيما يتعلق بالتصنيف الائتماني لدولة الكويت فقد رأت الوكالة أنه يرتكز على الثروة الاستثنائية التي تتمتع بها، حيث تُقدّر أصول صندوق الثروة السيادي التي تُديرها الهيئة العامة للاستثمار بنحو أربعة أضعاف الناتج المحلي الإجمالي، إلى جانب الاحتياطيات النفطية الضخمة. ومع ذلك، فإن التصنيف الائتماني مُقيّد بالتجاذبات بين السلطتين التنفيذية والتشريعية التي تعوق رسم السياسات وتقوّض قدرة الدولة على التكيف مع الصدمات.
وذكرت الوكالة أن مخاطر السيولة بشكلٍ خاص تُهدد التصنيف الائتماني للدولة على المدى القريب، مضيفة أن احتمالية استمرار السلطتين التنفيذية والتشريعية في طرح تدابير مؤقتة وجزئية من شأنه إطالة حالة عدم اليقين بشأن وضع التمويل على المدى المتوسط. كما أن مخاطر السيولة الناتجة عن المأزق التشريعي المستمر ستظهر إذا استمر إلى أن تستنفد الموارد السائلة المتاحة قبل تواريخ استحقاق السندات الدولية، وفي هذا الشأن ترجح الوكالة أن تواجه التشريعات التي تتقدم بها الحكومة لحل مشكلة نقص مصادر التمويل مقاومة من مجلس الأمة.
وعلى الجانب الإيجابي، أشارت الوكالة إلى أن دولة الكويت تملك رصيدًا ضخمًا من الأصول السيادية في صندوق احتياطي الأجيال القادمة يُقدّر بنحو 420% من الناتج المحلي الإجمالي حتى نهاية عام 2020، كما أن الأصول وإيرادات الاستثمار الناتجة عن صندوق احتياطي الأجيال القادمة مستبعدة حاليًا عن الموازنة العامة بموجب القانون، ويمكن تقليص تحديات التمويل التي تواجه دولة الكويت من خلال تعديل القوانين للسماح بالسحب من صندوق احتياطي الأجيال القادمة لسد عجز الموازنة العامة، وهو ما اقترحته الحكومة مؤخرًا في مشروع قانون تم تقديمه إلى مجلس الأمة. وبالتالي، فإن العقبات التي تواجهها دولة الكويت لحل تحدياتها التمويلية هي بالدرجة الأولى عقبات سياسية.
وفيما يتعلّق بالعوامل التي ترفع أو تخفّض التصنيف الائتماني السيادي لدولة الكويت، فقد ذكرت الوكالة عدة عوامل قد تدفع باتجاه الرفع، من بينها التحسن المستدام في القوة المؤسساتية ومعايير الحوكمة في دولة الكويت، والاتفاق بين الحكومة ومجلس الأمة، مما يؤدي إلى تشكيل سياسة أكثر سلاسة، فضلاً عن تحسين فعالية السياسة المالية من خلال تحسين القدرة على الاستجابة للصدمات وتنفيذ الإصلاحات المالية التي تقلل بشكلٍ جوهري من متطلبات التمويل للموازنة العامة. علاوةً عن عوامل أخرى استبعدت الوكالة حدوثها في الأمد القصير تتمثّل بالتقدم نحو التنويع المالي الذي يُقلّص من اعتماد الحكومة على الإيرادات النفطية ويقلل من التقلبات الكامنة في الإيرادات الحكومية. وأشارت الوكالة إلى أنه من المرجح أن يتحقق هذا التنويع المالي الداعم للتصنيف الائتماني من خلال التفويض التشريعي الذي يسمح للحكومة بحساب عوائد استثمارات صندوق احتياطي الأجيال القادمة ضمن الإيرادات العامة للموازنة.
أما فيما يتعلّق بالعوامل التي قد تضغط باتجاه تخفيض التصنيف الائتماني السيادي الحالي بأكثر من درجة واحدة، فتتمثّل -حسب الوكالة- بزيادة مخاطر السيولة الحكومية، لا سيما مع اقتراب استحقاق الشريحة الأولى من السندات الدولية، واقتراب الموارد السائلة لصندوق الاحتياطي العام من النفاد، ومن تلك العوامل أيضا تراجع القوة المالية للحكومة على المدى المتوسط بسبب الزيادة الحادة في الدين الحكومي الناجم عن عدم القدرة على تنفيذ إجراءات ضبط أوضاع المالية العامة وسط انخفاض هيكلي لأسعار النفط.
وعلى صعيد العوامل الأربعة التي بُني عليها التصنيف الائتماني السيادي لدولة الكويت، فقد قامت الوكالة برفع تصنيف العامل الأول للتصنيف المتمثّل بالقوة الاقتصادية لدولة الكويت من الدرجة الأولية “baa2” إلى الدرجة النهائية “a2” لتعكس مستويات الثروة العالية بشكل استثنائي، فضلاً عن ثرواتها الهائلة من النفط. حيث تمتلك دولة الكويت إلى حد بعيد أكبر نسبة من احتياطيات النفط المؤكدة إلى الإنتاج بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، والتي يُقدر أنها تدوم نحو 90 عامًا بالمعدل الحالي للإنتاج. إلى جانب تكاليف الإنتاج المنخفضة نسبيًا، فإن هذا يدعم مستويات مرتفعة من الثروة الوطنية، حيث بلغ نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي من حيث القوة الشرائية نحو 46 ألف دولار أمريكي في عام 2019.
وفيما يتعلّق بالعامل الثاني للتصنيف والمتمثّل بالقوة المؤسساتية ومعايير الحوكمة، فقد صنفتها الوكالة عند الدرجة “ba2″، حيث أشارت إلى ضعف بعض جوانب الإطار المؤسسي وفعالية الحوكمة كما يتضح من التدهور المستمر في مؤشرات الحوكمة الصادرة عن البنك الدولي خلال العقد الماضي ومؤخرًا نتيجة عدم قدرة الدولة على تنفيذ الإصلاحات المالية والاقتصادية المخطط لها. ومع تعافي أسعار النفط جزئيًا في عام 2018، واصلت الحكومة تأخير تنفيذ الإصلاحات الأقل شعبية مثل إدخال ضريبة القيمة المضافة وضرائب الإنتاج ومراجعات أجور ومرتبات القطاع العام. علاوة على ذلك، استمر الإنفاق الحكومي المدرج في الموازنة في السنة المالية السابقة في الارتفاع على أساس سنوي على الرغم من التوقعات بتخفيض الإيرادات الحكومية بأكثر من النصف بسبب انهيار أسعار النفط الناجمة عن تداعيات جائحة فيروس كورونا.
وعلى صعيد العامل الثالث للتصنيف المتمثّل بقوة المالية العامة لدولة الكويت، صنّفت الوكالة قوة المالية العامة لدولة الكويت عند الدرجة النهائية “aaa” أعلى من الدرجة الأولية “aa2”. فعلى الرغم من أن حصة الدين الحكومي بالعملة الأجنبية بالنسبة إلى إجمالي الدين مرتفعة للغاية، إلّا أن عبء الدين الحكومي الإجمالي منخفض جدًا. بالإضافة إلى ذلك، يتم تخفيف مخاطر المالية العامة إلى حدٍ كبير من خلال سياسة سعر صرف الدينار الكويتي، مدعومة باحتياطيات قوية من العملات الأجنبية لدى بنك الكويت المركزي وكذلك الأصول السائلة بالعملة الأجنبية لصندوق الثروة السيادية.
كما يأخذ التصنيف في الاعتبار الهوامش المالية الوقائية الكبيرة للغاية في شكل أصول تديرها الهيئة العامة للاستثمار. ويعكس تصنيف الوكالة لقوة المالية العامة في دولة الكويت فوائض مالية عالية للغاية حافظت عليها في الماضي، مما ساعد على تكوين احتياطيات مالية كبيرة، وأبقى الدين الحكومي عند مستويات منخفضة.
وأدت صدمة أسعار النفط في عام 2015 ومؤخرًا جائحة كورونا إلى إبقاء رصيد الموازنة العامة للدولة في عجز كبير ومستمر، حيث بلغ متوسط العجز ما نسبته 16% من الناتج المحلي الإجمالي منذ عام 2015. وقد أدى عدم القدرة على إصدار الديون في غياب قانون جديد للدين العام منذ عام 2017 إلى دفع عبء الدين إلى الانخفاض، لكنه استنفد بسرعة صندوق الاحتياطي العام “صندوق الاستقرار” الذي يسمح للحكومة بالسحب منه خلال فترات انخفاض أسعار النفط.
وأشارت الوكالة إلى أن توقعاتها الأساسية تفترض أن تقوم دولة الكويت بتمويل عجزها هذا العام جزئيًا من خلال المزيد من بيع بعض الأصول غير السائلة من صندوق الاحتياطي العام إلى صندوق احتياطي الأجيال القادمة، والتي نقدرها في المبلغ الإجمالي بنحو 18% من الناتج المحلي الإجمالي. ومع ذلك، حتى إذا كان من الممكن بيعها بالكامل إلى صندوق احتياطي الأجيال القادمة، فإن الحصة المتبقية من الأصول غير السائلة لا تزال غير كافية لتمويل متطلبات التمويل الإجمالية لكامل السنة المالية القادمة.
وفيما يتعلّق بالعامل الرابع للتصنيف والمتمثّل بحساسية التصنيف للمخاطر الجيوسياسية، فقد أشارت الوكالة إلى أنه وعلى غرار معظم دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، فإن الموقع الجغرافي لدولة الكويت يجعلها عرضة لمخاطر الأحداث الجيوسياسية الإقليمية ويدعم تصنيف الوكالة لهذا العامل عند درجة “ba”. وعلى وجه الخصوص، تمثل التوترات بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية وإيران وخطر إغلاق مضيق هرمز احتمالية منخفضة إلا أن ذلك الإغلاق في حال وقوعه سيكون حاد الأثر على دولة الكويت حيث يمر كل النفط المصدر من الكويت عبر المضيق. ومع ذلك، تتمتع دولة الكويت بعلاقات وثيقة مع الولايات المتحدة الأمريكية التي أظهرت التزامًا قويًا بحماية سيادة دولة الكويت، وهناك علاقات وثيقة مع مجموعة الدول السبع الأخرى ودول مجلس التعاون الخليجي. كما تحاول الحكومة الحفاظ على علاقات مستقرة مع الجارتين إيران والعراق.
كما أن تصنيف الوكالة لدرجة المخاطر السياسية في دولة الكويت مبني أيضًا على الهيكل السياسي للدولة. وأدت الاحتكاكات البرلمانية إلى تباطؤ زخم الإصلاح وأخّرت إقرار تشريعات مهمة بما في ذلك مشروع قانون الدين العام. وأشارت الوكالة إلى أن استمرار مجلس الأمة برفض معظم مقترحات إصلاح الإيرادات غير النفطية أثر سلبًا على فعالية السياسة المالية للدولة.
وقيمت الوكالة مخاطر السيولة الحكومية عند درجة “ba” مدعومة بالأصول الضخمة لصندوق الثروة السيادي وتكاليف الاقتراض المواتية في أسواق الدين الدولية، ولكنها متوازنة مع مخاطر السيولة المتزايدة مع نفاد أصول صندوق الاحتياطي العام والعقبات القانونية الحالية لإصدار الديون والوصول إلى أصول صندوق احتياطي الأجيال القادمة.
وعلى صعيد مخاطر نقاط الضعف الخارجية لدولة الكويت، فقد صنّفتها الوكالة عند الدرجة “aa”، حيث أشارت الوكالة إلى أن دولة الكويت تاريخيًا سجلت فوائض مالية كبيرة في الحساب الجاري لميزان المدفوعات بلغ بالمتوسط نحو 40% من الناتج المحلي الإجمالي خلال السنوات 2010 -2014. وتحوّل الحساب الجاري لفترة وجيزة إلى عجز قدره 4.6% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2016 بعد صدمة أسعار النفط، قبل العودة إلى متوسط فائض قدره 13% من الناتج المحلي الإجمالي خلال الفترة 2017-2019 مع ارتفاع أسعار النفط. وسيؤدي انخفاض أسعار النفط إلى تقليص قيمة الصادرات النفطية على المدى القصير، إلّا أن سعر برميل النفط التعادلي للحساب الجاري منخفضة عند نحو 38 دولارًا للبرميل في عام 2020. ووفقًا لافتراضات الوكالة لأسعار النفط العالمية على المدى المتوسط، فإنها تتوقع الوكالة استمرار رصيد ميزان الحساب الجاري في تسجيل فوائض مالية.