أزمة دبلوماسية حادة بين موسكو وباريس بسبب الموقف من الحرب في سوريا
بلغ التوتر الدبلوماسي بين باريس وموسكو بسبب الحرب في سوريا ذروته الثلاثاء مع إلغاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين زيارة مقررة منذ زمن للعاصمة الفرنسية، جراء الشروط التي تفرضها فرنسا.
وأبلغت باريس موسكو أن هولاند جاهز لاستقبال نظيره الروسي من أجل “اجتماع عمل” حول سوريا وليس لمشاركته في تدشين كاتدرائية ارثوذكسية في باريس، في وقت تغير فيه الطائرات الروسية على حلب دعماً لهجوم الجيش السوري.
وقال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف في موسكو “قرر فلاديمير بوتين إلغاء “زيارته المقررة أصلاً لتدشين كاتدرائية كبيرة أرثوذكسية، لكنه “لا يزال مستعداً لزيارة باريس عندما سيشعر هولاند بأنه جاهز” للقائه.
وفي الوقت نفسه أعرب الرئيس الفرنسي “عن استعداده للقائه في أي وقت” للدفع باتجاه السلام.
وأضاف هولاند أمام الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا أن “الحوار ضروري مع روسيا لكن يجب أن يكون حازماً وصريحاً” مشدداً على أن “هناك خلافاً أساسياً” بين باريس وموسكو حول سوريا.
وتجسد هذا الخلاف عندما استخدمت روسيا مساء السبت الفيتو في مجلس الأمن على مشروع قرار فرنسي يدعو إلى وقف عمليات القصف على حلب وقدمت مشروع قرار مختلفاً.
وكان النص الفرنسي يدعو إلى وقف غارات النظام السوري وحليفته روسيا على ثاني مدن سوريا. في حين طالب الاقتراح الروسي المضاد بوقف المعارك لكن من دون الإشارة إلى عمليات القصف التي أوقعت مئات القتلى منذ بدء الهجوم على حلب في 22 سبتمبر (أيلول).
وكان هولاند أعلن لشبكة تلفزيون فرنسية أنه “يتساءل” ما إذا كان عليه استقبال نظيره الروسي بسبب “جرائم الحرب” التي يرتكبها نظام بشار الأسد في حلب بدعم من الطيران الروسي.
وتساءل هولاند في الحديث الذي أجري السبت وبث الأحد “هل سيكون الأمر مفيداً؟ هل هو ضروري؟”.
أما وزير الخارجية الفرنسي جان مارك ايرولت فحذر الاثنين من أن هولاند سيقول “حقائق” لنظيره الروسي إذا قرر استقباله في 19 من الجاري.
وقال ايرولت “إذا قرر رئيس الجمهورية استقبال الرئيس الروسي فلن تكون دعوة اجتماعية بل سيكون لقاء لقول الحقائق”.
ورفض الكرملين اقتراح باريس بعقد اجتماع عمل فألغيت زيارة الرئيس الروسي.
وكانت وكالة أنباء ايتار-تاس نقلت عن المتحدث باسم الكرملين بيسكوف قوله صباح الاثنين إن التحضيرات لزيارة باريس لا تزال مستمرة. إلا أن الجانب الروسي اعتبر أن موقف الرئيس الفرنسي في غير محله، لأنه “عندما يكون هناك توتر دبلوماسي يجب التحاور، والوقت مناسب لذلك” كما أفاد مصدر دبلوماسي روسي.
ولم يستبعد بوتين زيارة برلين مساء 19 أكتوبر (تشرين الأول) للمشاركة في اجتماع مخصص لأزمة أوكرانيا كما نقلت ايتار-تاس مساء الاثنين عن أحد معاونيه يوري اوشاكوف من اسطنبول على هامش زيارة دولة.
والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل هي من اقترح هذا اللقاء بين ألمانيا وفرنسا وروسيا وأوكرانيا كما ذكر مصدر دبلوماسي روسي. وفي هذه المرحلة من غير المؤكد أن يشارك فيه الرئيس الأوكراني بحسب المصدر نفسه.
والتوتر الأخير بين باريس وموسكو قد يزيد الأمور تعقيداً.
وزيارة بوتين لباريس مقررة منذ زمن بعيد لافتتاح “المركز الروحي والثقافي الارثوذكسي الروسي” الجديد الذي شيد في قلب العاصمة الفرنسية. وكان يفترض أن يدشن هولاند معه معرضاً تنظمه مؤسسة فويتون حول مجموعة الروسي سيرغي شتوشكين التي تم تأميمها بعد الثورة في 1917 وفقاً لمصادر دبلوماسية متطابقة.