أم الغيث أهزوجة شعبية كويتية تتغنى به الفتيات طلبا لنزول المطر
(يا أم الغيث غيثينا..خلي المطر ايينه.. بلي ثويب راعينا خلي العشيبة تنبت تنبت..يرعاها طليينا) بهذه الاهزوجة الجميلة كانت تتغنى الفتيات في الماضي وقت انحباس المطر وتأخر نزول الغيث بينما كان الكبار يتوجهون بالدعاء إلى الله تعالى وإقامة صلاة الاستسقاء في المساجد.
وحول عادة الاستمطار التي كانت تسمى في الكويت قديما (أم الغيث) قال الباحث في التراث الكويتي حسين القطان لوكالة الأنباء الكويتية (كونا) اليوم الخميس إن (ام الغيث) تعتبر من ألعاب البنات الجماعية الموسمية التي تمارس قبل موسم الامطار وتعتمد على دمية تصنع من الملابس القديمة وقطعتين من الخشب تحملها الفتيات ويطفن بها حول المنازل مرددات الاهزوجة الخاصة بها (يا أم الغيث غيثينا..).
وبين القطان “أن كل بيت من بيوت (الفرجان) -اي الاحياء القديمة – الذي كانت تقف عنده الفتيات كان يقوم باعطائهن (المقسوم) أي هدية بسيطة من (السلوق) او الخبز او الرز وأحيانا بعض النقود القليلة عندما يكون أصحاب المنزل من المقتدرين ماليا”.
وأضاف أن “كل ذلك كان يقصد به تسلية الصغار والمشاركة في لعب ولهو الفتيات بحسن نية دون الاعتقاد الجازم بأن المطر سوف ينزل بأهزوجة (أم الغيث) فأهل الكويت كانوا على إيمان وعلم بأن المطر ينزل بأمر من الله سبحانه وتعالى”.
وفي السياق ذاته جاء في كتاب الفنان الكويتي الراحل أيوب حسين الايوب (ألعابنا الشعبية الكويتية) “ان للفتيات الصغيرات دورهن الفعال في التقدم بالدعاء قديما لطلب انزال الغيث حيث يقمن بتشكيل مجموعات تحمل كل مجموعة تمثالا بدائيا يصنعنه من الخرق والعصي والخيوط ويضعن عليه بعض التحسينات من كحل وشعر وملابس ويطلقن على هذه الدمية (أم الغيث)”.
كما ورد في الكتاب “ان الفتيات كن يطفن بأم الغيث بين الفرجان القديمة والطرقات ويقفن أمام كل بيت مرددات أهزوجة “أم الغيث غيثينا..” للحصول على ما يجود به أهالي البيت من هدايا لهن كالنقود أو العيش (الرز) او التمر والدقيق.
وأشار الى انه كان للصبية في الماضي أيضا نصيب من الأغاني واللهو واللعب تحت الامطار فاذا نزل المطر خرجوا من منازلهم وهم يضعون على رؤوسهم (الخياش) -أكياس كبيرة مصنوعة من قماش الخيش – ويخوضون في المستنقعات مرددين (طق يامطر طق.. بيتنا يديد .. مرزامنا حديد .. طق يامطر طق) ويطوفون الشوارع ب(درابيحهم) – الدرباحة لعبة قديمة تشبه الدراجة اليدوية – مجتازين المستنقعات الناتجة من آثار الامطار ومستكملين أهازيجهم وفرحتهم بنزول المطر وهم يرددون ( يالله تزيده وترحم عبيده).
من جانبها كتبت الأستاذة عائشة الروضان في المجلد الرابع لمجلة (رسالة الكويت) الصادرة عن مركز البحوث والدراسات الكويتية العدد (47) “أن عادة الاستمطار كانت تسمى في الكويت ب (ام الغيث) فعندما يتأخر نزول المطر تتجمع البنات ويحملن معهن دمية كبيرة تسمى (كرديه) على شكل بنت عليها لباس وعباءة طولها نحو متر ونصف المتر”.
وأوضحت الروضان أن الدمية تحملها أكبر البنات وتكون في المقدمة وفي صباح يوم الجمعة تخرج البنات ومعهن الدمية لطلب الغيث -أي المطر- من الله تعالى ويطفن بها على البيوت وكان كل بيت يعطيهن جزاء دعائهن على قدره طعاما أو مالا فإذا ما جمعن كمية من المواد الغذائية يقمن بطبخ وجبة الغداء لهن في الشارع او (السكة).
وقالت إن من أهازيج البنات التي كن يرددنها قديما لنزول المطر (يارب شيلة شيلة..تعطي الرعد الليلة.. وفلان يسقي خيله على درب الشامية) مؤكدة أن هذه العادة تنبع من صميم التأثير البيئي في وجدان الانسان إذ إن الاحتفاء بالمطر في بيئة صحراوية جافة وطلب نزوله والاستبشار به امور لها ما يبررها ولم تأت هذه العادة من فراغ فالمطر في وجدان المسلم خير تفرد له صلاة الاستسقاء”.