استشاريون بتعديل السلوك الاجتماعي لـ” صوت الخليج” : وسائل الميديا أثرت سلبا على علاقاتنا الاجتماعية
تحقيق : رباب عبيد
المحافظة على العلاقات الاجتماعية بين الفرد وأقرانه وجيرانه وأصدقائه سلوك انساني وديني وحضاري وصحي لمجتمع متماسك ومتكامل فكريا وموحد في السراء والضراء , كما ان التواصل والتقارب المجتمعي يعزز الترابط في المجتمعات ويقوى من العلاقات الاجتماعية , فتزيد المحبة ويرسخ الوئام والمودة
كثيرون قالوا ان مجتمعاتنا العربية والإسلامية ما عادت كالسابق , من حيث الترابط الاسري والعلاقات الاجتماعية بين أهل الحي الواحد او الفريج الواحد , وذلك لبدائل ساهمت بشكل كبير في غياب بعض العادات والتقاليد خصوصا في مجتمعنا الشرقي المتماسك منذ الازل بسبب هذه العادات والأعراف الاجتماعية ومنها الزيارات الى الاقارب والجيران والملف لو كان الجار بابه على باب الجار , اصبحت وسائل التواصل هي النافذة والباب للتواصل الاجتماعي مع الاحبة والجيران , معضلة كبيرة تحتاج الى وقفة لذلك , استطلعت مجلة ” صوت الخليج ” رأي فئات عمرية ونوعية مختلفة من الناس , بهذا التحقيق الذي يبين مدى تأثير ” ثورة السوشيال ميديا ” على العلاقات بين الجيران في الحي الواحد او الجيران في البناية الواحدة والبيت الواحد , بين معترف بايجابية مواقع التواصل ومعترف بسلبيتها على العلاقات الاجتماعية بين الجيران والأصدقاء , سألناهم …
هل أثرت مواقع التواصل الاجتماعي على الترابط الاجتماعي بين الجيران , سلبا ام ايجابا ؟
ا. يسرى الموسى – علاقات عامة قالت لـ ” صوت الخليج ” ان النشء القديم تربى على تقدير العلاقات الاجتماعية ومنها التواصل مع الاقارب والجيران وزيارتهم والسؤال عنهم , وبالغالب كان الاقرباء والأصدقاء جيران حيث الكل يعرف أخاه وأخته وأضافت ” مازال هناك الكثير من الجارات في ” فريجنا “يتزاورون في فترة الصباح منذ 50 عاما وكنت حينها مازلت طفلة كنت ارى اجتماعات جاراتنا في بيتنا وخصوصا ايام المدارس يجتمعن جارات الفريج لشرب شاى الضحى او فنجان القهوة المعتاد الساعة التاسعة صباحا, وعن تأثير وسائل التواصل على علاقات الجيران ببعض قالت ” هناك بعض الايجابية بالتواصل بدون العناء والتزاور المستمر , قربت المسافة بين الجيران بحيث يمكن التواصل باستمرار حتى مع ظروف طارئة تمنعنا من الاجتماع وختمت ا. الموسى الخص قولي ” نحن اليوم نعيش في جفاء اجتماعي لأسباب كثيرة ومنها السوشيال ميديا ونعيشها بيننا وبين ابناءنا فكيف بنا وبالجيران .
وترى مدربة التنمية البشرية ا. امل الوطري ان الشبكة العنكبوتية بمواقع التواصل الاجتماعي الموجودة عليها عززت من العلاقات الاجتماعية بين الجيران من خلال التواصل شبه اليومي مع الاصدقاء والأقارب في اى زمان ومكان وقالت ” ساهمت بتقريب المسافات وتعدي الحدود فأصبح من هم في الشرق يرون اقاربهم وأصدقائهم بأي بلد كانوا فيه , والتواصل غير مكلف ومجاني عبر ” القروبات ” الموجودة على اى برنامج تواصل الكتروني على الكمبيوتر او الآي باد او الموبايل بصور حية ومباشرة وهذه الميزة من اكثر الايجابيات
وأشارت ا. امل الوطري الى ان العلاقات الاجتماعية بين الناس على وسائل التواصل الاجتماعي خففت من التزاور اليومي لان جميع الناس تقريبا يستخدمونها يوميا بدون مشقة او عناء , ولكثرة الانشغال والهموم قللت من السلبيات التى ممكن ان يكسبها الزائر الى زائرهم وقد تعكس السلبيات في حديثه مذكرة ان للتزاور بين الجيران ايجابية كبرى على تعزيز رابطة أكد عليها الدين والعلم وهى سنة الحبيب المصطفى مستذكرة ايضا زيارته لجاره اليهودي وعيادته فزيارة الجيران وتقاربهم لحمة انسانية .
بدورها قالت الاستاذة ام بدر مدرسة بالمرحلة الابتدائية لـ” صوت الخليج ” ” ان مواقع التواصل الاجتماعي ساعدت الشباب على عدم الالتزام بالعادات والتقاليد من زيارة الاهل والجيران باستمرار , فهم يعيشون في عالم خاص من العزلة , وهم الغائبون الحاضرون في التواصل الفعلي كعلاقات اجتماعية وهذا بداية اندثار للهوية الثقافية لاى مجتمع عربي , وترى ام ” بدر ” ان مواقع التواصل ساهمت بشكل كبير بالتقارب مع الاصدقاء ومن كانوا جيران حول العالم , وأما بالنسبة للعلاقات الاجتماعية فقد تدنت في الآونة الاخيرة لكثرة المشاغل والضغط في الحياة , فأصبح الاقارب والأصدقاء لا يرون بعضهم البعض الا في المناسبات والأعياد .
من جهته قال الطالب الجامعي جواد هادي لـ ” صوت الخليج ” أن التطور التكنولوجي والحياة العصرية طور مفهوم التواصل مع الجيران والأقارب لأننا في عصر السرعة أصبحت الكرة الارضية ” قرية عالمية ” نتواصل مع من نريد من حول العالم , وأشار ” ان هذا شىء ايجابي لكن الجيل السابق لجيلنا يحبون ان نلتزم بالزيارات العائلية والزيارات الى الجيران والأصدقاء , وأرى كثرة التزاور قد يكلفنا مضيعة للوقت لهم ولنا , وأضاف جواد هادي لكن انا مع زياراتي المستمرة بالأعياد والمناسبات الخاصة بالجيران المقربين وهذا حق لهم علينا .
وبدوره قال ا. ابو عبد العزيز مدرس سابق لـ” صوت الخليج ” أنا أقطن في بيتي منذ 35 عاما ونحن وجيراننا الأقدم بالفريج , وعلاقتنا طيبة والحمد لله لكن خف التزاور عن قبل لأسباب كثيرة, واليوم يميل الناس للابتعاد عن المشاكل ويتخوفون من زلات اللسان , اصبحت الثقة شبة معدومة بين البشر بسبب ما نراه ونسمعه من حروب وخلافات , وأضاف ” ان الجيل الحالي من الشباب جيل غير مبالي بالتواصل والتزاور وذلك لسهولة ما انتجته التكنولوجيا الحديثة, وعالرغم من أن كثير من الناس ربت أبناءها على الالتزام بالعادات والتقاليد إلا ان انجراف الشباب وراء الحياة العصرية اضفت انطباعا مختلف عن عادات المجتمع الكويتي قديما وأضاف ” أبناءنا مستقلون ويرون الحياة بنظرة أخرى مختلفة عمن نراها سابقا والتكنولوجيا أفادتنا ولم تضرنا ولكن عليهم استخدامها بالشكل المطلوب ومراعاة الله بصلة الرحم والجيرة الطيبة , فكم من أبناء جيراننا يزوروننا بالديوانية مع آبائهم , ولا يتحدثون ولا يحاورون فقط هم جالسون وبأيديهم الهواتف النقالة ويتواصلون مع آخرون , وعليهم احترام أدبيات الزيارة وللأسف أصبحت الأدبيات مفقودة هذه الأيام.
هروب اجتماعي
تشير احدى الدراسات الاجتماعية الامريكية , ان الانسان بطبعه اجتماعي , ولكن المدمنين على التواصل المستمر مع الاجيران والأقرباء وغيرهم عبر وسائل السوشيال ميديا لديهم مشكلة كبيرة, وتحديدا ” هروب من التعامل المباشر مع الغير” , وأوضحت الدراسة ان الشخص يقوم بادِّعاء الانشغال بها، وضيق الوقت وهموم الحياة لا تسعفه بالحضور مباشرة والالتقاء بالأقارب والجيران , وتوضح الدراسة الاثار السلبية لندرة القيام بالزيارات الاجتماعية، بأنها تضعف التواصل الانساني وتضيع فرص تبادُل الخبرات وتعتري الأحاسيس الانسانية برودة اظهار الود والمشاركة الجماعية بين الجيران ، ليحل محلها الرسائل القصيرة عن طريق الواتسب او اى برنامج على وسائل التواصل الاجتماعي كأن يتبادلون الرسائل للتهنئة او للسؤال او للتعزية دون أداء الواجب العرفي دينيا ومجتمعيا مثلا ” كل عام وانتم بخير , او طمني عن صحتك, او خطاكم السوء , او عظم الله آجركم ” .
العزلة الاجتماعية احدى ظواهر الادمان الالكتروني والذي ينشر الامراض النفسية ويفشيها فتكثر الامراض النفسية مثل الانطوائية والاكتئاب , وحب العزلة لانتظار المجهول من اقامة علاقات جديدة بعيدة عن محيط الاسرة والمجتمع , وبالتالي يرفض الفرد قيم المجتمع التى تربى عليها وثوابت الدين لانه حقق المتعة المزيفة ,بتواصله مع اناس مختلفين ثقافيا بالفكر والمكان .
السعادة علاقات ناجحة
وللتعرف أكثر على اسباب الاصابة بالعزلة الاجتماعية اوضحت الدراسات ان اسبابها نتجت اما للفشل في إقامة عَلاقات إنسانية طبيعية مع الآخرين، او عدم الثقة بالنفس او من المخاوف الغامضة او لتعرضه لقلة احترام الذات بالتالى يشعر الاشخاص بعقدة النقص تتملكه اما لعيب في النطق او في الشكل ويعزل نفسه عن محيطه خوفا من السخرية والاستهزاء .
كما توصل باحثون من جامعة “يونغ بريغهام” إلى آثار ضعف العَلاقات الاجتماعية والذي يُوازي تدخين 15 سيجارة في اليوم الواحد , وان تدهور العلاقات الانسانية في الحياة الاجتماعية بين الاشخاص من الاقارب والجيران يُعادل معاناة إدمان الخمر وإعياء مرض تليف الكبد , بخلاف ما اظهرته الدراسة من جانب ايجابي أخر يبين ان قضاءَ اوقات سعيدة مع الأهل والأصدقاء , يقلل من خطر الموت المبكر بنسبة 50% , وان زيادة العَلاقات الاجتماعية وتقويتها مفيدة لصحة الانسان كفائدة أخذ اللقاحات لتحصين الجسد من الامراض والأوبئة .