البشت أناقة التراث الكويتي
تحقيق : رباب عبيد
” البشت ” او ” الباشتو ” بعض من الهوية التراثية … عرف شعب دول الخليج العربي , بارتدائه للبشوت كعادة من العادات وكتقليد من التقاليد المتعارف عليها في المجتمعات الخليجية ومنها الكويت , والشعب الكويتي يعتز بالهوية التراثية فالدشداشة الكويتية على اختلاف الوانها , لابد وان يجللها البشت في المناسبات والمواسم سواء كان شتاء اوصيفا اوربيعا اوخريفا , وفي مناسبات الزواج وغيرها من المواسم كموسم التخييم في البر , مما يدل ان ” البشت ” بعض من الهوية التى لن تندثر .
نبذة تاريخية
ولفظة ” بشت ” لفظة غير عربية من كلمة «باشتو» و تعني الرداء الخارجي، وبالعربية تعني المشلح أو العباءة، وتاريخيا عرفت العباءة الى عصر ما قبل الإسلام وكان زي الجزيرة العربية منذ القدم , ولم يستطع احد الى الآن تحديد تاريخ معين لصناعتها وظهورها , وقد تكون قديمة بقدم الحضارات , وورد عند المؤرخين , انها كانت تستخدم قديما من القصص والروايات المنقولة اذا تمثل الدشداشة , والبشوت ايدلوجيا اللبس العربي الأصيل .
حرفة وطنية
وكانت بدايات صناعة البشوت في الكويت في سوق يقع في قيصرية البدر وبعد ذلك وفي أربعينيات القرن الماضي انتقل الى موقعه المعروف في «سوق الزل», ارتبطت صناعة البشوت بأسماء كويتية بارزة , ومنها ” بشت القطان” 1941 و” بشت ” بوحمد” 1935 وبشت ” السعيد ” 1952 وبشت ” الغربلي” ومحلات أخرى منذ عقدين أو أكثر , مثل ” بشت ” الوجاهة ” وبشت ” الصفاة ” وغيره .
حرفة الاجداد
وقد أبدع الكويتيون في صناعة البشوت منذ ثلاثينيات وأربعينيات وخمسينيات القرن الماضي حيث ارتبط اسم ” البشت الكويتي ” بأجمل وأرقي وأفخم حياكة للبشوت في الكويت منذ عام اكثر من 79 عاما , ومازالت المهنة مستمرة وكيف لا وقد ورثوا المهنة عن آبائهم , ومازال ” البشت الكويتي ” يواكب الحياة العصرية وعلاقته بزبائنه يضرب بها المثل , اذ يستطيع قراؤنا الاعزاء متابعة المواقع الالكتروني لمختلف محلات البشوت التى زرناها .
حيث اصبحت المواقع تعرض أخر الموديلات والستايلات ” للبشوت” المصنعة ودعم الموقع ببرامج الهواتف الذكية لتسويق البشت كمنتج كويتي في العالم .
مهنة وتجارة
تحدث بعض من ألتقت بهم عدسة ” مجلة صوت الخليج ” عن تاريخهم العائلي المهني مع صناعة البشوت وتحدثوا لنا عن مراحل صناعته وبعض من أسرارها كأنواع الأقمشة وطريقة صناعة الزري، وبين حب بعضهم للمهنة وتعلقه بها من حرفة الى تجارة … بعد ان كانوا هم او آبائهم يخيطونها بأيديهم ثم انتقلوا الى تصنيعها في المشاغل الى أن بدءوا باستيراد المواد اللازمة من بلاد عدة .
و تجولت عدسة ” صوت الخليج ” في سوق المباركية وتحديدا بعد الدخول الى الاسواق التراثية ” الى معرض ” بشت سلما ن البوحمد ” وكان لنا مع ابو جواد الساري احد المسئولين عن المعرض .. لقاءا قصيرا تحدث الينا بعد ان سألناه :
– منذ متى وانت تعمل في معرض ” بشت البوحمد ” ؟
– اعمل في معرض بشت ” البوحمد” منذ 1985 ولدينا ست محلات , قريبة من بعضها في المباركية , ولها شهرة كبيرة جدا والحمد لله وإقبال بالشراء من معارضنا سواء من الامراء , او رجال الديوان الاميري او السياسيون في مجلس الامة والوزراء.
– هل للبشوت أنواع وألوان وما مدى الأقبال عليها ؟
– البشوت مثلها مثل جميع أنواع الملابس المختلفة التصاميم والأزياء إذ تصنف بالنسبة للمواسم ما بين الشتوي والصيفي والربيعي وبالنسبة للأقمشة والخامات المصنعة فقد تغيرت مع الأزمنة , مثلا سابقا كانت البشوت الصيفية كلها يدوية منها النجفي نسبة الى منطقة النجف في العراق والدورقي من منطقة الدورق في إيران وبهبهان أيضا في إيران وكل شيء ينسب الى مكان صناعة ونسيج القماش، ثم دخل القماش الانجليزي والذي كان يسمى بـ «اللندني» ومعروف بابوعلمين الى ان جاءت المنسوجات اليابانية والتي أثبتت جدارتها كأرقى أنواع الأقمشة إلا انها لا تضاهي البشت النجفي صيفي فقط , وقيمته تبدأ من 500 دينار ,الياباني للبشت الصيفي هو الأفضل وهو على 3 درجات، الياباني والياباني اللوكس والياباني سوبر لوكس , أما الربيعي فيسمى قماشة الونيشن وهو ياباني أيضا يلبس ما بين الربيع والشتاء ويسمى ما بين البشتين، وكذلك نوع مارينة الوبر وهو ربيعي أيضا يصنع من الوبر الخفيف وخياطنا كويتي ” مشغل الكويت ” والوبر من السعودية مشغل “سلمان بوحمد” .
– اى الالوان أكثر مبيعا , وماذا بعد اقبال الشتاء ؟
– على حسب ذوق المشترى هناك ألوان صيفية وشتوية وربيعية وتختلف طبيعة البشت بحسب الموسم ، ففي الصباح تكون الألوان الفاتحة كالأبيض أو البدري وفي المساء الألوان الغامقة كالأسود وهو الأكثر إقبالا بين الألوان , وتختلف الاسعار فهناك فروة طبيعية فروة غنم من الكويت ونجلبها من سوريا و تبدأ من 250 / وفروة بـ 120 دينار , والفروة الصناعية اسعارها تبدأ من 15/ 35 وهناك اقبال بعد دخول الشتاء واضح على شراء البشوت .
ومع مسئول اخر داخل المعرض حدثنا ” علي محسن ” عن رأيه .. بالتطور الذي طرأ على الصناعة الكويتية للبشوت والإقبال عليها …. سألناه:
– منذ متى بدأت معارض البشوت ” سلمان بوحمد “؟
– بداية المعارض بشوت ” البوحمد ” منذ عام 1935 والصنعة صنعة الآباء , وتميزنا بصناعة البشوت سواء الشتوية من الفروات الطبيعية والصناعية.
– هل اختلف الإقبال على البشوت اليوم عن الماضي ؟
– اختلفت درجات الاقبال على شراء البشوت اليوم عن الماضي , قبل 30 سنة , وفي ذلك الحين ,كان الاقبال كبيرا واغلب الرجال في الكويت يلبسون البشت سواء في المناسبات أو غيرها خصوصا في مرحلة الستينيات حيث كان البشت ملازما للرجال وعلى الأقل ان يضعه على يده إن لم يكن يرتديه , لأن عدم ارتداء البشت يعتبر غريبا ومعيبا , لكن ومع تطور الحياة اصبح ارتداء البشت فقط في المناسبات سواء كانت رسمية أو دبلوماسية وكذلك في الأعراس والاحتفالات الوطنية , اضافة الى فئة من الكويتيين الذين مازالوا محافظين على لبس البشت كالشيوخ والمسئولين وكبار شخصيات الدولة والتجار وكبار السن الذين يعتبرون البشت رمزا تراثيا اصيلا ولن ننسى ان الاحتفالات الرسمية يجب ان يكون البشت فيها ظاهرا اضافة الى المناسبات الدبلوماسية والوطنية والأعراس , ولا يمكن ان يتزوج المعرس بدون بشت ولكن اصبح بعض المعاريس يستأجرون ” البشوت” مقابل أجر مادي كما تطورت البشوت بالنوع ” الفرو” .
– ماذا عن البشوت الشتوية الاخرى ؟ واكثر الالوان شراء؟
– اكثر البشوت تأتي من سوريا هناك بشوت ” الوبر” من البعير والجمال ووبر من اللامة ” وأفضلها اللامة خامته خفيفة وبشوت ” فيها اكثر من نوع “, والى الآن تأتينا البشوت من ” دمشق” , والعمل بالطلبية وأكثر الالوان الوان البر البيج والأصفر الداكن حتى تتحمل ولا تتسخ بسرعة من غبار البر , والخامات الأكثر استخداما , الصوف الصناعي .
– سمعتكم الطيبة داخل وخارج الكويت … كيف تتواصلون مع زبائنكم خارج الكويت ؟
– الحمد لله زبائننا في الكويت من كل دول مجلس التعاون ومن السعودية ومملكة البحرين الشقيقة وفي دولة الإمارات العربية المتحدة وسلطنة عمان وعلى أعلى المستويات ونحظى بثقتهم وبالسمعة الطيبة لـ ” بشت سلمان بوحمد ” خصوصا عندما يزورون الكويت سواء بشكل خاص أو مع الوفود الزائرة..
أسواق تراثية
دخلنا الى معرض ” بشت السعيد ” والتقينا بـ” أبوسلطان السعيد” بعد ان عرفنا بنفسه , سألناه …
– منذ متى بدأتم العمل بصناعة البشوت ؟
– بدأنا العمل بصناعة البشوت منذ عام 1952 , وعندنا ولله الحمد محلين في سوق الزل – سوق المباركية .
– نرى أنواع مختلفة من البشوت الشتوية في المعرض .. حدثنا عنها ؟
– بشت الارنب الفروة الطبيعية يركب داخل البشت , والثاني ” البشت الطفيلي ” وهو من فرو الماعز , ومن البشوت الشتوية ” خالصة الوبر ” وهناك بشوت مخلوطة الخيوط يتم تجميعها وخياطتها في مشغلنا داخل الكويت , وطبعا هناك البشت التوب ويكون الوبر فيه ناعم جدا وعمره من سنة الى سنتين بعده يخف , وأما بشت المارينا سوبر لوكس ففيه الزري المطلي والخيوط تتجمع من سوريا وكوريا واليابان .
– هل تطورت صناعة البشوت في الكويت ؟
– بالتأكيد تطورت .. أصبحنا نخيط البشت وعليه الزري المطلي ونستورد الخيوط من فرنسا وألمانيا وهناك من يركب اسمه على البشت , وأصبح المعريس يختار الوان نهارية , وإقبال المعاريس اكثر على الالوان الاسود والعودي , كما ان بشت الوبر وبشت الصوف النسائي والرجالي عليه اقبال والحمد لله .
– هل تختلف البشوت الكويتتية عن البشوت الخليجية ؟
– لا تختلف البشوت فكلها نفس التصميم فجتين وزري والى اخره ولكن البشت السعودي يكون غامق , والبشت الكويتي الزري يكون فاتح لان الزري الالماني فاتح .
بشوت متنوعة
تجولنا في معرض “الصفاة للبشوت” …. وألتقينا بالعامل الهندي “محي الدين خان “عامل في معرض الصفاة ” للبشوت ,قال لنا ” يأتون الينا من دول الخليج والكويتيون يقبلون على البشوت ابو فروة النسائي والرجالي في الشتاء وخصوصا عند موسم التخييم , وسعر البشت ابو فروة الصناعي 25 دينار والفرو نستورده من سوريا , وأكثر الأوان شراء البني والرمادي .
كما التقطت عدستنا بعد الموديلات الحديثة للبشوت الرجالية والنسائية , من بشت ” الوجاهة “ورأينا تنوع المقاسات والألوان الشتوية الجميلة وتنوع الخياط للبشوت في معرض بشت الوجاهة بين بشوت الفرو الطبيعي والصناعي , وهكذا تبقى صناعة البشوت حرفة وطنية لن تندثر لأنها جزء من الهوية الكويتية والعربية والخليجية .