البلطجة السياسية … بقلم عبدالعزيز خريبط
ليس هناك داعٍ ومعنى من التركيز على ما لا يخص المواطن والمقيم في هذا البلد، خاصة في ما يخص العمل الاجتماعي والسياسي والبرلماني، فعامة الشعب شارك في الانتخابات لتلبية طموحه وآماله ولمستقبله لا لتحديد مصير غيره ومشاركة هموم قضايا وملفات شعوب آخرى، فهناك الكثير من الأمور أهم من ذلك أمور كثيرة مهمة، ومنها الأمور التي تصب في صالح المجتمع والفرد «المواطن والمقيم»، المجتمع بحاجة لبنية تحتية ولخدمات متطورة، بحاجة لاقتصاد قوي، بحاجة لخدمات صحية، وبحاجة لتعليم وتدريب وتهيئة للعمل في مختلف قطاعات الدولة، بناء الوطن يحتاج تكاتف وتعاون كل الموجودين على أرض الوطن، ولا يتم ذلك البناء عن طريق استغلال المواطن على حساب مصلحته، بل عن طريق العمل لصالح الوطن ولصالح المواطن، المواطن يحتاج خدمات وتطوير وعمل فعلي على أرض الواقع، الوطن بحاجة إلى خطة، ولا يريد الكثير من الثرثرة والكذب، إذا لم يكن هناك حس بالمسؤولية « نرجو ترك هذا العمل لمن يحمل هذا الحس ويريد خدمة الوطن».
التكسب والاسترزاق من وراء البرلمان يستشف منه الفضائح المتتالية وفقدان التوازن والخبرة السياسية، كما أن استخدام أساليب «البلطجة» لن يجدي نفعا خاصة في وقتنا الحالي فقد تغيرت الحياة وأخذت مجرى آخر غير ما عهدناه في السابق، بمعنى أن ما كان مجديا في الماضي لم يعد ينفع في شيء في الوقت الحالي، فالظروف التي كانت تتوفر في الماضي للبلطجة السياسية لم تعد موجودة وإن كانت موجودة «البلطجة» بحد ذاتها أصبح لا جدوى لها، خاصة أن العالم صار صغيرا، وما يحصل في الغرب صرنا نعرفه هنا في الكويت وما يحصل في الكويت أصبح ينتشر بسرعة حول العالم ويقدر كل من يعنيه الموضوع الإطلاع عليه، مع أن هناك من ليس له اهتمام إلا الفضول، اليوم بدأت الحكومة بمشروع تفكيك بعض القطاعات وذلك تمهيدا للخصخصة، وهو توجه تقوم به كل الدول في العالم، حتى الدول الإشتراكية والشيوعية والماركسية الموجودة في السابق أصبح هذا هو توجهها خاصة أننا في عصر العولمة الذي حمل معه مفاهيم وتوجهات جديدة بسبب التقنيات والتكنولوجيا المتطورة التي اجتاحت العالم وغيرت نظرة الإنسان إلى هذا الكون، ومن لا يتكيف مع الواقع ويساير التقدم ويعيش مع التطور الحضاري الذي يبرز اليوم لن يتقدم في الحياة.
البعض قد يتساءل «ما شأن الوزارات وقطاعاتها بهذا التطور؟» الجواب واضح طبعا «في ظل العولمة أصبح كل شيء ممكن ومن متطلبات هذا الممكن السرعة في الآداء والجودة في الخدمات، الكل اليوم يبحث عن الكفاءة وسرعة الإنجاز والراحة والرفاهية، ولا يمكن أن تكون إلا في ظل التغير والتبدل والتطور، ألا يقول الناس أنظر للبلد الفلاني وما يقدم من خدمات ورفاهية؟!
هذه الدول التي تقدم الخدمات والرفاهية كلها دول رأسمالية وتعيش العولمة وتشجع الأسواق الحرة ومبدأ «دعه يعمل» ففي ظل السيطرة الحكومية الكاملة على كل القطاعات، لن نواكب التطور في تلك الدول، ومن هنا يأتي دور النائب في البرلمان ليشرع القوانين التي تصب في صالح المواطن بالدرجة الأولى الذي سيعيش ويواكب هذا التطور والتقدم والنظام العالمي الجديد، لكن إذا كان النائب همه العنتريات والبطولات والصراخ والكذب والتفرقة والطعن بالمكونات الإجتماعية وهو يحمل عقلية الجهل والارهاب والتعاطف مع الارهابيين لا تواكب العصر والحداثة والعولمة، فالخلل يبدأ منه وهو الذي يقوم بمهمة التشريع والرقابة، إلا أن ما رأيناه من عمل النواب في السابق لم يكن يصب في صالح الوطن والمواطن، فقد كانت الواسطة والمحسوبية والفئوية على رأس نشاطهم السياسي والإجتماعي، وصراحة لا أدري كيف سنواكب الواقع العالمي المتغير الذي يؤثر فينا بشكل مباشر وغير مباشر في ظل عقلية لا تفكر إلا على منوال الإستهلاك والبلطجة والعنتريات الزائفة، ناهيك عن فكر الإسلامويين ومنهم الإخوان المفلسين الفاسدين الحاقدين الارهابين، تفكير لا يواكب التطور وينظر إلى الماضي ولا يعتبر منه، كما انه فكر لا يخدم الحوار بقدر ما يخدم أساليب الاختطاف العاطفي واستغلال الجهل كأكثر أساليب ومناهج الجماعات الإسلاموية، فمنذ بدأ ظهور هذه الجماعات في نهاية السيتينيات وحتى يومنا هذا لم يطوروا من رؤاهم ولم يوسعوا في آفاق نظرتهم إلى الحياة.