التشكيلي الكويتي خالد الشطي :عمق الرؤية الفنية وانعكاس الدلالات البصرية
كتب يوسف الحربى :
يفتح التشكيلي الكويتي خالد الشطي بوابة الجمال من خلال نشر تعابير ذات دلالات بصرية في بانوراما تحاول تفكيك المعنى وترتيبه بأسلوب خلق نظرة متأنية لما يقدمه، في ملامح الوجوه والأشكال المتفاعلة مع العناصر البيئية في الفضاء بتدرج لوني ضوئي حول الرموز والغموض والتعتيم إلى مجال له جاذبية بالأحاسيس بين التذكر والحنين وبين الحقيقة والخيال وبين الرؤية والحلم بالحياة، فالألوان لها فلسفة خاصة تتجادل مع الوجود بحثا عن الاكتمال.
ومن هنا يصنف المختصون في الفن التشكيلي لوحاته ضمن الأسلوب التعبيري، رغم تفاعله ببصمة ذاتية الملامح تتشابك فيها المدارس وتتناغم لتعكس رؤية جمالية وتناولاً يتسم بالكثير من التعبيرات النفسية الذهنية التجريدية التي تخرج الحلم من بوتقة الخيال إلى اتساع الرؤية والمفاهيم، يستدرج المتلقي إلى الغوص في كنّه البشر وتراجيديا الوجوه وملامح البيئة، لوحاته تمنح المهتمين الكثير من التفاصيل التي تفتح باب الفهم المتعدد والتحول بالفكرة من ذاتية الإنجاز إلى شمولية متشعبة الثنايا الذهنية التي تقوم بشرح سلس ومفصل لفهم المضمون وتجاوز أبعاد التي قد تتراءى للوهلة الأولى غامضة، فتلك الوجوه المثقلة بالشجن مستفزة وآسرة بصرياً إذ تمنح اللوحة تعاطفاً عفوياً وتثير انفعالات مختلفة التأويلات من خلال تلك التقنيات الفنية التي تمزج المساحة واللون والضوء الذي يلقي على أدق التفاصيل التي تتفاعل في فضاء المنجز.
ملامح وشخوص الشطي تتمتع بحيوية وحركة تثار بحرفية متمرس وفي حبكة فنان، ويبرز قدرته في خلق قيم فنية جديدة تخرج بالمنجز الفني من سطح اللوحة لتحلق به نحو عمقها في ترويض للفكر الوجودي الذي يخلق الاستفسارات ويفتح طرق الفهم المتجدد كما يخلق ألفة متناغمة بينه وبين المنجز والمتلقي، فالشطي يتعامل معها بطابع مميز يضفي عمقاً على أبعاد اللوحة في تماس الفكرة بشكل سلس، دون أن يتنصل من العلامات البصرية التي تعكس الجمالية في تفاعلات المضمون والفكرة الذاتية والنفسية والتعبير عنها لوناً ومساحة وهندسة لتفاصيلها فالحركة الحيوية مريحة مطمئنة داخلها وهو ما يكسب المنجز دهشة التأمل.
خالد الشطي، يقدم صياغة متميزة لفن راقي الإحساس والفكرة قادرة على اقتحام الأذواق المختلفة للمتلقي، الذي يسرد بدوره فهمه في تلك الدائرة الفنية وهذا ما يخلق حواراً بين المتلقي والمنجز يتناغم مع الفهم والإحساس، فهو تمكن من استدراجه نحوها للغوص فيها دون أن يملي عليه الفكرة بل ترك له حرية الفهم، ولعل هذا الأسلوب خلق تجاوبا إنسانيا في التعامل مع المضمون الفني دون أن تكون هناك قيود معلبة أو احتكار.
كل هذه القيم البصرية الجمالية خلقت لديه جرأة عبقرية حررته من التقيد بمدرسة فنية بذاتها فهو في المساحة محترف في الفن والجمال مكتمل التعبير الداخلي ومرتب لانفعالاته التي يخرجها بفنية وتناغم ، فأعماله تولد من رحم فكرة حرة تراوغ القيود من حساسية التبعية لمدرسة بعينها، جرأة خلقت التنوع والتفرد في منجزه الذي لم يكن وليد الصدفة بل نتاج القدرة والمرونة التي مهدت له سبل الابداع وتقدمت بمساره وسمحت له بترجمة موهبته عبر ما يقدمه من نتاج فني حقيقي يستحق التقدير، فهذه الجرأة الفنية اكسبته مكانة مميزة في الساحة التشكيلية الكويتية العربية والدولية.
يذكر أن الفنان الشطي عضو في العديد من الجمعيات الفنية المحلية والخليجية، أقام عدة معارض شخصية في الكويت، وشارك في الكثير من المعارض الفنية الجماعية في الكويت، ومعارض دولية منها ” قطر، الصين، فنزويلا، روسيا الاتحادية، إيران مصر، اسبانيا، البحرين”، حاز على عدة جوائز منها” بينالي الخرافي الدولي للفن العربي المعاصر الثالث والرابع، جائزة الشيخ صباح الأحمد الصباح، الدانة الذهبية لمعرض 25 فبراير الخليجي”.