الجنسية والخياطين … بقلم محمد حبيب
من العلاجات الرائجة في بلدنا للفساد والمخالفات هو شرعنتها ، وهو علاج العاجز عن فرض القانون صحيح القانون ، أو علاج المستفيد من الفساد والمخالفات في أي مجال ، وبلغ الحال بنا مرحلة خطرة تمس أمننا الوطني بمفهومة الشامل ، وذلك بضرب النسيج الإجتماعي بالعمق ، من خلال مشروع تشريع يحمي المزورين للجنسية والمزدوجين .
لا يوجد في دولة المؤسسات من يعارض بسط سلطة القضاء في موضوع الجنسية كعنوان أولي ، ولكن ينبغي قبل ذلك القضاء على الفساد في ملف الجنسية ، وتطبيق صحيح القانون في موضوعي التزوير والإزدواج ، فمن غير المقبول سقوط مثل هذه المخافات بالتقادم في حال بسط سلطة القضاء الذي يعمل وفق القوانين الناظمة التي قد تعيقه عن إيقاع مثل هذه العقوبات .
ومن المغفول عنه في ما دار حول موضوع الجنسية ، هو محاسبة المسؤول والمتسبب في هذا الملف ، فهنالك طرفان في الفساد ، المزور ومن زور له ، فمن غير المقبول محاسبة طرف دون آخر ، بل ينبغي أن يتحمل كل من ساهم في هذه الكارثة مسؤليته ، فنحن كشعب قد سُلبنا الكثير من حقوقنا بسبب هذا الملف ، من أموال ووظائف وسكن وطرق وغيرها العديد من حقوق المواطنة .
بسط رقابة القضاء مبدأ يتبناه المشرع ، فمن غير المقبول أن يتجزأ مثل هذا المبدأ ، فيُقبل في موضوع الجنسية ويرفض في دور العبادة والإبعاد ، ومما يعجب له المرء هو ذلك الإزدواج الفاقع في المعايير الذي كشفه مقترح النائب الفاضل خالد الشطي في السماح باللجوء للقضاء في قضية دور العبادة مضافًا للجنسية ، مما بيّن للجميع أن القضية عند البعض ليست إيمان بالدستور ولا انصاف لمظلوم ، فالدستور كفل حرية العقيدة والعبادة ، والإخلال بالعدالة بيّن في هذا الموضوع منذ سنوات .
قبل إقرار بسط رقابة القضاء ينبغي أيضًا تشريع قانون مخاصمة القضاء ، الذي يحافظ على حقوق المتقاضي ونزاهة ومهنية القضاء ، فمثل هذا القانون لا يعد طعنًا أو عيبًا في السلطة القضائية بقدر ما هو يحمي نزاهتها ويحافظ على مهنيتها واستقلالها ، ويحمي حق المتقاضي في حال وقوع أخطاء مهنية بشرية ممكن أن يقع فيها أي إنسان ، وأهمية أسبقية مثل هذا القانون على غيره هو جسامه المسؤولية التي ستلقيها تلك التشريعات على عاتق القضاء .
ملف الجنسية ينبغي أن يعالج بدقة وشفافية ، والإختبار اليوم أمام لجنة النظر في المسحوبة جناسيهم ، اللجنة التي تشكلت بأمر سمو الأمير ، لإنصاف المظلوم أيًا كان المظلوم دون النظر إلى تاريخ وظروف الظلامة ، وكذلك حان الوقت لحسم ملف البدون ، بالبحث جديًا عن المستحقين للجنسية وتعديل أوضاع غير المستحق ، وهذا كله يحتاج إلى همم رجال دولة جادين ومنصفين ، وإبعاد الخياطين السياسيين؛ الذين يفصلون الأمور في كل معالجة على قياسات المصالح الفئوية الضيقة خلافا لقسم صيانة الدستور