الحقيقة ليست كما نراها … بقلم : فاطمة أبوزيد
بقلم : فاطمة أبوزيد
في أحد أزقة مدينة من بلاد العالم الثالث , كان هناك متجر في سوق شعبي يمتلكه رجل طاعن في السن , في كل صباح باكر يفتح شترات المتجر ليجد أمامه , رجل مستلقي على الارض , رجل لا يعرف للمكان نوماً سوى أمام هذا المحل , كثيف الشعر المجعد ولونه اسود من سواد الليل من اتساخه , ملابسه الرثه لا تنفع سوى لستره وقرصات البرد ليلاً تكملها عليه صحوة النهار بدلو من الماء البارد يتلقه من صاحب المتجر وينهال عليه بالسباب والشتائم وطرده من مكانه , فهو لا يستغل من مساحة ملكيته سوى انو مستلقي على الارض .
كان يتجول في هذا الشارع يبحث في مكب النفايات عن لقمة يسد فيها جوعته , وكان عندما يجلس الرجل الطاعن في السن على كرسيه الخشبي أمام محله يتناول وجبته كان ينظر إليه بنظرة الاستعطاف وما يجد مقابلاً سوى العبارات السليطه والكلمات النابيه , ولكن ما كان ان يبالي بكل تلك العبارات القاسيه ولا صقيع الماء الملقى عليه بغرض طرده , وفي صباح يومٍ أخر رفع الرجل الطاعن في السن شترات متجره ليتفاجئ بغيابه وفي اليوم الثاني كذلك الامر وبدأ يستفقده مع مرور الايام وفي حال سؤاله عنه جيرانه أجابوه :” الأن قد بدأت تفقده لقد ذهب منذ زمن ” تأثرت الرجل الكبير بكلام جيرانه ولكن ما ان رفع راسه حتى وقعت عينه على كاميرات المراقبه الأمنيه التي كان قد سبق ان وضعها بهدف كشف هوية السارقين ,, وشريط شنيع أفعاله قد تراءى له مره اخرى عن سوء معاملته له وعن ردود أفعال الدفاعيه التي كانت النظير من قبل الرجل المسكين عندما كانت تلك الشترات مسدله .
تاره أحدهم يأتي ليرسم على شتراته بأنبوب الصبغ ليلاً يضربه طارداً إياه وفتاة اخرى تقدم له الطعام وشبان يعتمرون الخوذة محاولين سرقة المتجر , وحين ابعادهم وطردهم قامو بالهجوم عليه واضعين راسه تحت اقدامهم متبادلين الضرب إلا أن اشهروا في وجه سكيناً طاعنين المسكين في بطنه بات رقداً الأن أمام متجر لم يكن فتح وإسدال شتراته إلا سقماً وتعنيفاً عليه فإما من صباح بارد وإما من ليلٍ جائر .. ندم الرجل الكبير في السن عما كان يكافئ فيه في كل يوم.
يوجد الكثير من الحقائق التي نغفل عنها في طيات حياتنا اليوميه , فكم من حسنٍ نجده أسوء وكم سيءٍ هو في العمق أحسنُ .