أهم الأخباركتاب

الخليج .. ملتقى الحضارات ووحدة القلوب.. بقلم الشيخة حصة الحمود السالم الصباح

 

 

كمواطنة كويتية لا يسعني إلا أن أشعر بالفخر والفرح وأنا أتابع تفاصيل زيارة جلالة الملك المعظم حمد بن عيسى آل خليفة، عاهل مملكة البحرين حفظه الله ورعاه إلى سلطنة عُمان، ولقائه بأخيه جلالة السلطان المعظم هيثم بن طارق حفظه الله ورعاه هذه الزيارة لم تكن بالنسبة لي خبرًا عابرًا في وسائل الإعلام بل كانت مشهدًا مؤثرًا يلامس وجدان كل خليجي، ويجسّد القيم التي نشأنا عليها: المحبة، والوفاء، والتقدير بين القادة والشعوب.

رأيت في هذا اللقاء الأخوي ترجمة صادقة لما نحمله جميعًا تجاه بعضنا البعض، من روابط لا تحكمها السياسة فقط، بل تتغلغل في عمق تاريخنا المشترك، وحضاراتنا المتداخلة، وهويتنا الخليجية الواحدة.

 

وما بين عُمان والبحرين والكويت، لا تجد فقط دولًا متجاورة، بل ترى حضاراتٍ قامت، وشعوبًا تقاربت، وقيمًا راسخة ما زالت تُورّث من جيل إلى آخر.

ولهذا، أحببت أن أكتب هذه الكلمات، لا كمجرّد مقال، بل كرسالة محبة واعتزاز بتاريخنا الخليجي، وخصوصًا ذلك الترابط الحضاري الجميل الذي يجمعنا منذ القدم ، لذلك حين تتأمل العلاقة التي تجمع سلطنة عُمان ومملكة البحرين ودولة الكويت، لا تراها مجرد صداقة عابرة، ولا تجاور جغرافي فحسب ،بل تشعر أنها قصة قديمة كتبتها الحضارات ووشمتها الذاكرة وورثتها القلوب جيلًا بعد جيل.

ففي البحرين، نَمت حضارة دلمون، تلك التي كانت يومًا ما بوابة الخليج نحو العالم، ومهدًا لتاريخ لا يزال ينبض بالحياة في تفاصيل الأرض وروح الناس. دلمون لم تكن مجرد حضارة تجارية، بل كانت رمزًا للتواصل والازدهار، ورابطة بين الشرق والغرب، وكانت من أوائل ما سطر على صفحات التاريخ القديم.

 

أما عُمان، فقد حملت راية مجان، حضارة النحاس والبحر والملاحة. هناك، حيث الجبال العالية والبحار المفتوحة، وُلدت روح التجارة، وعلَت رايات السفن العُمانية نحو موانئ بعيدة، تنقل النحاس والتوابل والعطور، وترسم خريطة لعُمان المتصلة بالعالم منذ آلاف السنين.

 

وفي الكويت، برزت جزيرة فيلكا، التي احتضنت حضارات عظيمة، من الإغريق إلى الحضارات الشرقية. كانت فيلكا نافذة للكويت على العالم، ومركزًا لتلاقي الثقافات، ومثالًا على دور هذه الأرض في الحوار الحضاري والتبادل التجاري منذ القدم.

 

هذه الحضارات لم تكن منفصلة، بل كانت متشابكة كتشابك الأنهار في مجرى واحد، تلتقي وتكمل بعضها بعضًا، وكأن التاريخ كتب على الخليج أن يكون قلبًا نابضًا لوحدة لا تموت.

واليوم و بعد كل هذا الإرث، لا تزال العلاقات بين شعوب عُمان والبحرين والكويت نموذجًا للمحبة والتقدير والوفاء ،لا تفصلهم المسافات، ولا تُغيرهم الأيام ، يتشابهون في طيبة القلب وكرم الضيافة وصدق المشاعر، يتشاركون الأعياد، ويتعاطفون في الأزمات، ويقفون جنبًا إلى جنب في كل موقف.

إن الترابط العماني – البحريني – الكويتي ليس مجرّد تاريخ نقرأه، بل هو شعور نعيشه، وهوية نشعر بها، وأخوة نستظل بها تحت سماء واحدة ،إنها حضارة استمرّت، ومحبة تجذّرت، ومستقبل يُكتب بحروف من نور ، ونسأل الله العلي القدير أن يديم علينا نعمة الأمن والأمان والأخوة الصادقة ، إنه ولي ذلك والقادر عليه.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى