الشيخة حصة الحمود السالم الحمود الصباح تكتب.. جوهر الاديان
المحبة والتسامح هما ركيزتان يقوم عليهما كل توجه تقدمى فى العمل والمعرفة والتعاون على البر ، والمجتمعات البشرية المتحابة المتصالحة مع الواقع بلا إفراط أو تفريط والمتسامحة بصبر على المكاره هى الأكثر قوة وثبات وقدرة على التأثير الإيجابى فيما بينها ومن ثم على الآخرين ، وعندما نفصل كثيرا فى عقيدة المحبة والتسامح فهذا ليس تعبيرا عن الخوف والتردد والتوجس من المخالفين ولكن هى ثقة بالنفس بأننا نقف على أرض صلبة سلاحنا فيها هو المحبة وما شرعه الله لنا من منهج أخلاقى مصدره التعاون على البر والتقوى وليس على الإثم والعدوان .
إن المحبة هى القوة التى تجعل الإنسان ينتصر على ألد أعداءه داخل نفسه من شهواته ونزغاته الحيوانية وتمكنه من ترويض غول الكراهية والرغبة فى الإنتقام ومن ثم هزيمته ، فبالمحبة تتراحم الخلائق وتسمو النفوس وترقى الأفعال لدرجة عالية تمكن أصحابها من قهر المعوقات والصعاب وتخطى الحواجز النفسية التى تحول بينه وبين الحقائق الجمالية و أعمال الخير .
وإذا تطرقنا إلى مبدأ التسامح ومفهومه فى الرسالات السماوية ومفهوم التسامح عند أغلب المتبعين لهذه الرسالات وبالتحديد فى المنطقة العربية التى هى مهبط الوحى لكل الرسالات السماوية نجد أن البَون شاسع والفارق كبير وذلك نتيجة للخلط القديم بين الأديان كمصدر إلهى وبين تاريخ المتبعين لهذه الرسالات وما فيها من غلبة الإنحراف عن المنهج وتغليب منطق القوة والإستبداد والبغى و العدوان والذى أدى إلى تفرق أتباع كل شريعة كل حزب بما لديهم فرحون ، لذلك عندما نتحدث عن المحبة والتسامح فنحن نقصد جوهر الأديان وما تحويه من تفاصيل عديدة تدعوا إلى نبذ العدوان والبغى والقتل والقهر تحت غطاء دينى ، نحن ننتصر للمنهج والقيمة والمبدأ لا للإنحراف عنهم ، نحن ننتصر للمصدر والمنبع والأصل لا للفروع المنحرفة أو الصور المزيفة مهما غلبت على واقعنا وتأصلت فى نفوس الكثير من الناس ، نحن دائما ندعوا إلى تفعيل المنهج لا تعطيله تحت دعاوى خادعة بإسم نصرة المذهب أو الطائفة .
إن القرآن الكريم والسنة النبوية المطبقة لهذا المنهج الإلهى هى المنهج الأقوم والأعظم فى تاريخ البشرية بشهادة المنصفين ، لم يأتى فى تاريخ البشرية كرسولنا الكريم وأصحابه فى تحمل معاناة ظروف عصرهم وقد أثنى الله عليهم فى كتابه فى مواضع عديده وعاتبهم فى مواضع أخرى ولم تشهد غزوات النبى عدوانا وبغيا ولكن دفاعا عن الأنفس والأهل ومجتمعهم الناشئ والذى كان مهددا بأخطار قوى تحيط بهم وتريد أن تستأصلهم ، ومع ذلك تعامل رسولنا الكريم (ص) بالصبر والتسامح والرحمة مع هذه الظروف الصعبة فى بيئة لم تعرف من قبل هذا المنهج الأخلاقى والذى فتح الباب لأن يدخل الناس فى دين الله أفواجا ، ولذلك يجب أن نركز جهودنا فى إحياء قيم التسامح والمحبة والعقلانية والصبر متخذين فى ذلك الإسلام المحمدى نموذجا وقدوة فى الشدة واللين ، نحن للأسف نعيش فى زمن يغلب عليه الوعى الخاطئ المزيف والذى أساء لديننا ورسولنا حتى تطاول على مقامه الشريف أعداءه من داخل مجتمعنا وخارجه وذلك لهيمنة الفكر المذهبى الإقصائى على المسلمين وضاع رسول الله ومنهجه القرآنى بين تلك الفرق والتى صدت عن سبيل الله ظلما وبهتانا .
كل الأمم تركز على رموزها القديمة والحديثة كعنوان للتسامح والمحبة ونحن نأبى أن ننصف رسول الله ومنهجه الأخلاقى العظيم وننسب إليه السيف والرمح لتحقيق مآرب سياسية أخرى تحت غطاء دينى ..!
أفيقوا يرحمكم الله قبل فوات الأوان