الشيخ عبدالله المبارك الصباح أحد صناع نهضة الكويت الحديثة
في يوم 15 يونيو 1991، توفي سمو الشيخ عبدالله المبارك الصباح، أصغر أنجال مبارك الكبير، رجل الدولة وأحد صناع نهضة الكويت الحديثة ومؤسس من مؤسسي الدولة وقطب فاعل بقلب الجهاز الإداري في الدولة خلال ثلاثة عقود من الزمن.. ودّع الكويتيون في ذلك اليوم رجلاً، كتب اسمه على سور الكويت وأبجدية بنائها الحديث، واليوم نستحضر ذكرى ذلك الرجل بعد مرور 25 عاماً على وداعه .
ولد عبدالله المبارك في 23 أغسطس 1914، وهو نجل مؤسس دولة الكويت الحديثة الشيخ مبارك الكبير، وقد أحب عبدالله المبارك الكويت الطيّبة، وأخلص لها، ودافع عنها وذاد عن حياضها لترفرف رايتها عالية خفاقة، واضطلع بمهام الرجال منذ أن كان في الثانيةَ عشرة من العمر، حتى وصل إلى مكانته المرموقة نائباً للحاكم، وهو من قلائل الرجال في التاريخ العربي ممن زهدوا بالحكم، حيث اعتزل العمل السياسي وهو في أوج عطائه عام 1961.
عبدالله المبارك من مؤسّسي الكويت الحديثة، ممن خطّطوا وشَيَّدوا وعَمَّروا وأقاموا الدعائم الأساسية لكويت الحاضر. الشخصية الاستثنائية لهذا الرجل ظهرت في مجتمع تقليدي فيه ما فيه من القيود والمعيقات، وقد تطلع إلى آفاق رحبة ودعم قوى التغيير في الكويت، بل صنعها في عديد من المجالات.
هو أصغر أبناء الشيخ مبارك الكبير مؤسس الكويت، ومنذ بداية العشرينيات من القرن الماضي -وتحديداً عندما تولى الشيخ أحمد الجابر الحكم في العام 1921- كان عبدالله المبارك عَمّاً لمن تولوا إمارة الكويت، رغم تعبيره الصريح بالولاء والطاعة لهم، واعتبارهم منارات تهتدى عنده. ولا يخفى على ذي نظر دوره في إنشاء الأندية والجمعيات الثقافية التي مثلت اللبنات الأولى في بناء المجتمع المدني في الكويت، وهو من هو في كويت الخمسينيات من حيث دوره في اتخاذ القرار وإدارة العلاقة بين أسرة الحكم في الكويت والشعب والمحيط العربي والإقليمي والمملكة المتحدة والعالم.
شرع الشيخ عبدالله المبارك في العمل العام في سن مبكرة نسبياً منذ العام 1926، وذلك عندما كُلّف حراسة إحدى بوابات سور الكويت، ونجح في مهمته تلك نجاحاً مبهراً بكل حزم وذكاء، ثم كان له الدور البارز في المسؤولية عن القبائل والحكم في نزاعاتها، وقد نجح في ذلك نجاحاً كبيراً، فوجد الاحترام والمحبة من كافة قبائل الجزيرة العربية، وواصل نشاطه وقيادته، واستمر نشاطه في دوائر الحكم الكويتي بعد ذلك ما يقارب 35 عاماً منفّذاً أو صانعاً للقرار.
ورغم أن تفاصيل حياته حسب الوثائق التاريخية المتوافرة غير واضحة ما بين عامي 1926 – 1940، لكن آثارها واضحة في حقبة حكم الشيخ أحمد الجابر وما بعدها، من حيث اضطلاع الشيخ عبدالله المبارك بمهام أمنية مباشرة ومهمة، وإعداده ليكون نائب حاكم الكويت في عهد الشيخ عبدالله السالم، حيث تولى رئاسة دائرة الأمن العام في العام 1942، وأصبح حاكماً لمدينة الكويت إثر وفاة الشيخ علي الخليفة.
واتجهت جهوده نحو فض النزاعات القبلية والمشاجرات والحكم في السرقات ومهمة تحقيق الأمن في الكويت، وكان مقره في العام 1945 بمنطقة الصفاة، وتوجت أعماله آنذاك بحصوله على وسام الإمبراطورية الهندية من الحكومة البريطانية بدرجة رفيق CIE، تقديراً لجهوده خلال الحرب العالمية الثانية.
بعد الثقة التي حازها عبدالله المبارك من أمير الكويت بدأ في العام 1951 بتعميق مفاهيم بناء الدولة الحديثة، وذلك لظهور بوادر الطفرة النفطية، ومن ذلك أنه أشرف على إنشاء ميناء الأحمدي، وقام بزيارة تاريخية إلى لندن، وترأس إذاعة الكويت مع انطلاق بثها لأول مرة من مبنى الشرطة والأمن العام، وقد استمر حتى العام 1960 رئيساً لها، وكذلك رعايته للأنشطة الثقافية والرياضية كقيامه برعاية وحضور مباراة كأس أمير الكويت في العام 1951.