المدمن و تصحيح نظرة المجتمع له بقلم الباحثة الأدبية / ريم محمود معروف
في حلقة مميزة من برنامج إثراء على الهواء – تحت عنوان : ( طريقة التعامل مع المدمن وعلاجه ) تألقت الأستاذة غنيمة حبيب كرم ـ استشاري علاج الإدمان ورئيس الفريق الداعم لأهالي المدمنين ، حيث تناولت هذه القضية الهامة موضحة في البداية أن الإدمان مرض مدرج ضمن أمراض الاضطرابات النفسية_كما أقرت بذلك منظمة الصحة العالمية _ فهو مرض سلوكي يولد به الإنسان ويظهر مع حب التجربة بالتعاطي أو نتيجة خطأ طبي من صرف أدوية نفسية تحت ظروف خاصة .. ، فهو مرض مزمن صاحبه لديه استعداد لسلوك إدماني لكنه ليس بالمجرم أو المنحرف .
مصححة بذلك بعض المفاهيم المغلوطة في المجتمع العربي عامة والكويتي خاصة ، والتي أدت إلى تأخير التعافي من حالة الإدمان لكثير من المصابين به ، فلا يوجد دولة الآن خالية من المخدرات فهي مشكلة عالمية وغير خاصة بالمجتمع الكويتي فحسب ، ولكن جوهر المشكلة يكمن في عدم القدرة على السيطرة واستدراك نسبة تزايد حالات الإدمان خاصة بعد انخفاض سن التعاطي لمن هم دون سن 18 .
من هنا لا بد من تصحيح تلك المفاهيم حتى نتمكن من تخطي هذه المرحلة وذلك بعدم خوف الأسرة من طلب المساعدة عند تأكدها من أن أحد أبنائها مدمناً سواء أكان (ولداً أو بنتاً ) حتى لا توصم بالقبيح وسوء التربية والخلق ، و مفهوم آخر هو إلقاء اللوم على رفاق السوء ، فالمشكلة الحقيقية لا تكمن في رفاق السوء فالشخص هو من يحدد من يرافق ويصاحب إذن المشكلة كامنة في الشخص وطريقة اختياره للطريق السوي والغير سوي.
فحينما تتغير نظرتنا للإدمان والمدمنين تتغير نواحي كثيرة من حيث التشريعات وطريقة التعامل مع هذا الشخص المريض وتفتح العديد من المصحات الخاصة للعلاج .
أما من الناحية العلاجية للمدمن فقد بينت الأستاذة غنيمة أنها ليست بقيام الأسرة بحبس المدمن ( ابنها أو ابنتها ) وفصله عن العالم الخارجي والقيام بتنظيف جسمه من السموم والمخدرات منزلياً ، لكن لابد من اللجوء للمركز العلاجي ويكون تحت إشرافٍ طبي ، فالمشكلة ليست جسدية بقدر ما هي مزمنة وبحاجة للعلاج والتأهيل السلوكي منعاً للانتكاسة بعد انتهاء فترة العلاج .
هذا وأكدت الأستاذة غنيمة على دور وسائل الإعلام في إعطاء الأمل والفرصة لبداية جديدة إلى كل مدمن وتخطي النهايات السيئة للإدمان من ( السجن والموت والجنون … إلخ) ، فهناك أمثلة كثيرة لأفراد استطاعوا تخطي هذه المرحلة والوصول إلى مرحلة التعافي ، موضحة أن الدور الأكبر والأبرز هو للأسرة فالتوعية لابد أن تكون لأسرة المدمن لا لشخصه فهوفاقد للأهلية ، من هنا كانت الأستاذة غنيمة كرم هي الأولى في دولة الكويت التي قامت بتشكيل فريق لدعم أسر وأهالي المدمنين لتوعيتهم بالسلوك الذي يجب اتباعه خلال فترة العلاج وبعده وتغيير نظرتهم له قبل وبعد العلاج ، فكلما تم رفع مستوى الوعي عند الأسرة زادت نسبة التعافي عند المدمن والعكس صحيح .
وفي الختام أكدت الأستاذة غنيمة على أن الأبناء هم الاستثمار الحقيقي والثروة الحقيقية للوطن فلابد من حمايتها وتنمية قدراتها لتحقيق التقدم للبلاد .