النواب الشيعة … بقلم محمد حبيب المحميد
من الهروب الذي لا يستسيغه العقلاء هو تجاوز التقسيمات السياسية أو المذهبية أو العرقية في أي بقعة جغرافية كانت، فطبيعة الإنسان يجنح اجتماعيًا إلى التنظيم والإنضمام إلى أشباهه في الفكر والنظر، ولا تخالف هذه الطبيعة مبدأ التعايش السلمي، بل هي من بديهيات الديمقراطيات منذ نشأت، ومنها تولدت قيمة التعددية، فلذا هذا المقال ليس دعوة طائفية أو فئوية بقدر ما هو تقييم للأمور كما هي في الواقع، وكانت هذه المقدمة لأن الواقع المريض الذي نعيشه يفسر كل كلمة بسوء الظن ولا يحمل قائلها إلا بمحامل السوء.
في الواقع السياسي الكويتي دائمًا كانت هناك تقسيمات تقليدية، أحدها المعني في هذا المقال وهم الشيعة ومن يمثلهم في مجلس الأمة، أعني النواب الشيعة والذين تتفاوت عادة مواقفهم السياسية بناء على مدارسهم الفكرية، وإنما يوحدهم بطبيعة الحال مطالب واحتياجات الطائفة وأبناءها كفئة من فئات المجتمع، ولكن هذه الخصوصية لم تكن مانعًا في يوم من الأيام من التشارك في الموقف الوطني والتزامل مع شركاء الوطن في المشتركات، حالهم كحال أي فئة في المجتمع.
النواب الشيعة اختلفت اصطفافاتهم السياسية في مراحل التاريخ السياسي الكويتي وفق ظروف كل مرحلة، ولكن لم تتخلف يومًا عن حماية الوطن ورعاية مصالحه، وفي ذلك فليرجع المهتمين لكل الكتب التي أرخت للحقب السياسية في البلد وخصوصًا في الأزمات الكبرى، على سبيل المثال لا الحصر معارك الصريف والرقة وسنة المجلس والغزو، وليس ذلك منةً منهم بل شعورًا منهم بمسؤلية وطن بنوه بالتشارك مع فئاته، وهم أبناءه وملح ترابه.
قبل الحديث حول تقويم الأداء البرلماني، لابد من وضع النقاط على الحروف؛ إن فئة المواطنين الشيعة لم ولن تكون منعزلة عن الدور الوطني الريادي المتشارك مع بقية الفئات في المجتمع، ولم ولن يقتصر نوابهم على المطالب المذهبية المحقة، ولكن ينبغي للآخر أن يراجع مواقفه الإقصائية ومطالبه الفئوية التي حجبت ثقة هذه الفئة بأداءه السياسي، فلا ينبغي توجيه النقد وحده على أداء النواب الشيعة خصوصًا أنه كان نتيجة يتحمل مسؤليتها كل من ساهم في حالة الإصطفاف والتهميش من حكومة ونواب وهيئات مجتمع مدني.
المقصود بالدور الوطني كي لا يكون المقال غارقًا بالعموميات؛ هو الموقف من الفساد، والأداء الرقابي في مجلس الأمة، وكذلك الدور التشريعي الوطني المشترك، حيث ينبغي أن تكون المواقف الوطنية واضحة، وليست عرضة للتفاوض من أجل مكتسبات أخرى وإن كانت محقة، وإنما ينبغي أن تنتزع تلك المكتسبات بأداء تشريعي رقابي، وتعاون مع الآخر الذي يؤمن بالعمل الوطني المشترك، فكي تكون مسطرة الحكومة واحدة؛ لابد أن يكون الأداء التشريعي الرقابي الوطني موازي للأداء المطلبي، ولا تفاوض على شيء مقابل شيء، والواقع دليل ليس بحاجة إلى التدليل؛ أن الحقوق تؤخذ ولا تُعطى.
الأداء الذي لا ينتزع الحقوق سواء كانت المذهبية أو الوطنية المشتركة لابد أن يكون تحت التقييم والتقويم، كي لا يكون النواب الشيعة محط اتهام سياسي أو مالي بحق أو بغير حق، لذلك فهم مطالبون بمثل هذه الوقفة لمراجعة أدائهم ومواقفهم وترشيدها، بدل من اللجوء إلى تصنيف المنتقدين أو تبرير ذلك بحسابات وتصفيات سياسية، وإن اندس بين المنتقدين من هو كذلك، ومن المهم التنسيق على المستويين سواء المطلبي الحقوقي أو الوطني المشترك، بحيث لا يشكل الإختلاف بالرأي بينهم حالة تنازع لا تخدم لا هذا ولا ذاك.
*عضو المكتب السياسي
حركة التوافق الوطني الإسلامية