امل عبدالله لـ” صوت الخليج” : المسابقات الادبية التلفزيونية ” شو” أدبي
تحقيق : رباب عبيد
الجوائز الادبية التى تمنح للأدباء والمفكرين لها قسمتها الانسانية والاجتماعية , وعكف العالم على اقامة الجوائز الادبية بعد مسابقات بين المتقدمين من المفكرين والأدباء وغيرهم , وحتى نحن اهل الصحافة تقام المسابقات للحصول على لقب او ميزة خاصة كل في مهنته , دعونا نعترف ان المسابقات الادبية وجوائزها محطة كبيرة من محطات التحفيز للوصول الى الهدف المنشود من قصيدة معينة او رواية معينة او اختراع معين او دراسة علمية الخ… اذن يعتبر منجزا ثقافيا وأدبيا لبلد ما .
وانتشرت المسابقات الادبية عبر الشاشة الصغيرة وعبر سائل التواصل الاجتماعي بنظام مزدوج من لجنة تحكيم وتصويت من الجمهور المشارك والمشاهد لتلك المسابقات الادبية التي تنقل على الهواء مباشرة …. بين امتعاظ الكثيرين الذين يسجلون حضورهم في الاستديو ومابين الجالسين من وراء الشاشة عند اعلان النتيجة النهائية للفوز.
ولعلنا نذكر برنامج “أمير الشعراء”مسابقة تلفزيونية في شعر العربية الفصحى، يقام البرنامج كل سنتين بالتناوب مع برنامج “شاعر المليون”، على مدى 10 أسابيع في مسرح شاطئ الراحة بأبوظبي، وقد حصل على اللقب خلال مواسمه الستة منذ عام 2007 ولغاية 2015 ستة شعراء من الإمارات، موريتانيا، سوريا، اليمن، مصر، والسعودية , وخلال ستة مواسم نجح بالكشف عن 165 شاعراً مُبدعا تتراوح أعمارهم ما بين 18 – 45 سنة، وثقت إبداعاتهم الشعرية أكاديمية الشعر في دواوين شعرية مميزة.
لتؤكد بذلك ان المشاركات على نجاح البرنامج في تشجيع المواهب الشابة ، من الشعراء , وتفعل الضوابط الاساسية لقبول قصيدة الفصحى العمودية التقليدية، والشعر الحر أو بالتفعيلة ولا تقبل قصيدة النثر. ويشترط أن يرسل الشاعر قصيدة عمودية واحدة لا تقل عن 20 بيتاً، ولا يزيد عدد أبياتها الإجمالي عن 30 بيتاً، أو يشارك بقصيدة شعر التفعيلة (الشعر الحر) ولا تزيد القصيدة عن مقطعين، كل واحد منها في حدود (15) سطراً.
تكريم
كرمت رابطة الأدباء الكويتيين 3 شعراء من أعضاءها هم الدكتور خليفة الوقيان، الحاصل على جائزة القدس من اتحاد الأدباء العرب، والشاعر فاضل خلف، الحاصل على وسام الاستحقاق من تونس ، والشاعر عبدالعزيز سعود البابطين، مؤسس جائزة عبد العزيز سعود البابطين للإبداع الشعري، بمناسبة إطلاق اسمه على كرسي اللغة العربية في جامعة أكسفورد البريطانية، الذي أسس عام ١٦٣٦، ويعد أعرق وأقدم الكراسي في الجامعات العالمية،خلال موعد التكريم في انطلاق الموسم الثقافي الحالي للرابطة.
مجلة ” صوت الخليج ” تجرى استطلاعا حول الموضوع مدى جدية المسابقات الادبية على الفضائيات وعن الجوائز الادبية ومدى مصداقية لجان التحكيم فيها …
المسابقات والفضائيات
كيف ترى المسابقات الادبية الفضائية كالشعر ؟ وهل بالفعل تفرز المستحقين للفوز بالجائزة الادبية من المواهب المشاركة على الفضائيات التلفزيونية؟
تقول الاعلامية والإذاعية القديرة الاستاذة أمل عبد الله” لـ “صوت الخليج” : “ما تقوم به الفضائيات على اختلاف مسماها وموقعها وأيدلوجيتها من المسابقات الادبية تعتبر ” شو” ادبي لا اكثر ولا اقل وغالبا ما يفتقد الى المصداقية والجدية في اختيار الشاعر او الاديب المستحق للجائزة
اما الاديب والمفكر االسوري لاستاذ عدنان فرزات مدير قناة البابطين الثقافية قال لـ “صوت الخليج” : يفترض من حيث المبدأ أن نؤازر أي وسيلة تشجع الثقافة، سواء كانت مؤسسة أو برنامج تلفزيوني , لذلك احتفى المثقفون بجائزة كتارا مؤخرا كون الأدباء يحتاجون إلى تحفيز ودعم. وبالتالي فإن وجود برامج تلفزيونية تدعم المثقفين فهذا أمر يدعو للسعادة فعلى الأقل يعرف المثقف أنه سيحصل على ثمن الورق الذي يطبع فوقه نتاجه الأدبي لأن غالبية المثقفين في أقطار عربية عديدة يعانون ماديا بسبب أن منهجية التنمية العربية اليوم تضع الثقافة في آخر أولوياتها.
ولا ننكر أن هذه البرامج في الفضائيات أبرزت شعراء وأدباء ونقاد كانوا مغمورين رغم موهبتهم المتميزة.
يبقى أن جدية هذه البرامج مرهونة بضمير القناة الراعية لهذه المسابقات وضمير لجنة التحكيم وعدم التعصب الفئوي للجمهور تجاه شاعر دون آخر.
ومن جهته قال الشاعر الكويتي عبدالله الفيلكاوي لـ ” صوت الخليج” : في الحقيقة أنا لا أؤمن بهذا النوع من المسابقات لأنها تقوم على سياسات ومصالح بالدرجة الأولى أكثر من كونها فنيِّة ؛ وهذا أكثر ما يزعج الفنان ، ثم أن هناك سبب آخر بالنسبة لي متعلق بمسابقات الشعر خصوصًا ، أن المحكمين ليسو شعراء لذلك التحكيم بكون خاضع على أمزجة النقاد وأنا شخصيًا لا أؤمن بكون الناقد محكم بل الشاعر هو المحكم ؛ كما كان في سوق عكاظ قديمًا يحتكم الشعراء للشعراء ، وعمل النقاد يكون خارج هذا السياق.
الجوائز الادبية
وفي خضم الحديث عن المسابقات الادبية على شاشات الفضائيات طاب لنا طرح بعض الاسئلة على الروائي الكويتي طالب الرفاعي الذي رأس سابقا لجنة تحكيم جائزة البوكر حول الجوائز الادبية , لقد عاد الرفاعي وشارك في دورتها الأخيرة وكانت اثنائها روايته مرشحة فوق العادة لولا بعض الأمور الفنية في تاريخ صدورها الأول من الملتقى الثقافي الذي يديره وبالشراكة مع الجامعة الأمريكية في الكويت «جائزة الملتقى» للقصة القصيرة العربية .
وقال طالب الرفاعي” تساهم الجوائز إلى حد ما في صناعة النجم وفق المفهوم الاستهلاكي , والنجم الفائز مطالب بأن يثبت جدارته ويقدم مشروعاً مقنعاً، وإلا غدت الجائزة طوقاً يلف رقبته وقد يخنقه , وان الجوائز قد تعلن عن ميلاد نجم، لكنها أعجز من أن تكرس نجماً، لأن العالم يعيش عصر الاستهلاك المتوحش فإن الجمهور سرعان ما يستهلك بضاعة ذلك النجم ويتحول إلى نجم آخر جديد.
وعن انفاق الكويت ودول الخليج المال الكثير على الجوائز الادبية , ويفوز بها ادباء غير خليجيين … اذن ما وجه الاستفادة قال: دول الخليج العربي تنفق بسخاء، إذا صح تعبيركم هذا، على الجوائز الأدبية، لأن الجوائز الأدبية، وضمن المناسبات الثقافية والفنية، وحدها باتت تجمع أبناء أقطار الوطن العربي ومبدعيه ومثقفيه حول طاولة اللحظة الحاضرة بهمومهم الكثيرة وبصيص آمالهم المؤلم , أما فيما يخص كونها تذهب لكتّاب خارج جغرافيا الخليج، فهذا مدحٌ وليس ذما لها، وهناك من حصل عليها من أبناء الخليج، ومؤكد أن من بين الكتّاب العرب الذين حصلوا عليها من يستحقها، وبينهم من حصل عليها دون وجه استحقاق.
وتسعى الكويت دائما الى المحافظة على الهوية الادبية والفكرية لا سيما ان الكويت لديها جائزة البابطين، وقد وصل إجمالي جوائزها سنوياً إلى 120 ألف دولار أمريكي، وهي مخصصة للشعر العمودي الكلاسيكي والدراسات الأدبية .