توقعات بنهاية الموجة الاولى للوباء في العالم العربي منتصف ابريل والكويت بين الأقل تضرراً
بعد أن زادت أغلب الدول العربية صرامة الاجراءات الوقائية من الوباء وان تأخر بعضها، من المتوقع الانتهاء من حصر الشبكات الاولى لعدد المصابين بـ(الوباء الوافد) وعدد المصابين بـ(العدوى المحلية) في بعض الدول العربية في النصف الثاني لشهر ابريل، ومن المتوقع أن تبدأ أعداد تشخيص الحالات الجديدة بالإصابة في التراجع بداية من نهاية ابريل المقبل في بعض الدول المتشددة في اجراءات الوقاية.
وإذا استمر فرض الحظر الصحي الى غاية النصف الأول لشهر ابريل فمن المرجح أن تبدأ أعداد الإصابات الجديدة في التقلص في دول مثل الكويت والامارات على سبيل المثال وذلك على غرار ما تشهده مدينة ووهان الصينية البؤرة الأولى للوباء التي طبقت حجرا صحيا شاملاً لأكثر من شهر وهي الان تشهد نهاية الموجة الأولى من الوباء.
لكن ما من ضمانات من تجدد الوباء وتطوره الى موجة ثانية، لذلك برزت أهمية استمرار الاجراءات الوقائية الصحية الى ما بعد ابريل أي منتصف شهر مايو لمراقبة تطور العدوى. لكن تبدو النظرة المقلقة حول مسارات تطور الوباء في دول أخرى بامكانيات محدودة أو تلك التي تأخرت في فرض الاجراءات الوقائية. اذ من المتوقع ان تزيد حالات تسجيل الاصابات في عدد من الدول في شهر ابريل.
ومن المنتظر أن احصائيات شهري فبراير ومارس من الإصابات والوفيات بعدوى فيروس كورونا لا حقيقة تأثير الوباء على العالم العربي وخاصة في الدول غير الغنية. اذ يرجح رصد تحليلي لمسار التطور السريع والسريري لعدوى وباء كورونا في الدول العربية أعده مركز الخليج العربي للدراسات والبحوث (csrgulf)، توقع ظهور حقيقة مخالفة لما عليه اليوم في شهر ابريل المقبل لمدى نسبة تأثر الدول العربية بالوباء على مستوى عدد الاصابات بالعدوى المتوقع زيادتها ونسبة الوفيات التي قد ترتفع بقدر توسع دائرة انتشار الوباء ومحدودية استيعاب أقسام الإنعاش والطوارئ خاصة في الدول العربية محدودة الدخل أو الفقيرة.
ويرجع توقع زيادة تشخيص عدد المصابين بكورونا في ابريل بوتيرة أسرع من اليوم في عدد من الدول العربية باستثناء من توقت من الوباء مبكرا بفرض حجر صحي شامل كالكويت والامارات وغيرها، الى تأخر بعض الدول في تطبيق إجراءات صارمة للحجر الصحي الشامل عند بدء انتشار العدوى، فضلاً عن بطء وتيرة الكشف عن المصابين نتيجة نقص عدد المخابر المتخصصة في بعض الدول ومحدودية ادراك المصابين بالعدوى بالفوارق بين علامات الأنفلونزا الموسمية وأعراض فيروس كورونا المستجد رغم الحملات الإعلامية التعريفية والتحسيسية.
وقد تصدرت الكويت والامارات قائمة الدول العربية في سياسات الوقاية الاستباقية والحجر الصحي الالزامي. ومن المتوقع أن وتيرة الكشف عن عدد المصابين ستبدأ في التقلص بداية من نصف ابريل في بعض الدول على غرار الكويت والامارات، في حين قد تتضاعف في دول أخرى تأخرت إجراءاتها الوقائية. وكانت الكويت والامارات عززت من سرعة الاستجابة للحالات المشتبه بإصابتها بالعدوى او الذين اختلطوا بمصابين بالفيروس. وفي حين سجلت زيادة عدد الخاضعين للتحاليل اليومية، بدأت الاجهزة الصحية تدريجيا في تطويق شبكة الموجة الاولى لظهور الوباء والتي كانت نواتها حالات وافدة من الخارج حملت معها الفيروس خاصة من إيران. وتراهن الكويت على نجاح مرحلة التحوط والوقاية والتي تمثل اهم مرحلة فيما بعد تطويق الوباء وعلاجه ذاتيا او في المستشفيات، وقد سجلت الامارات والكويت اعلى متوسط نسبة شفاء من العدوى مقارنة بدول أخرى.
وحسب رصد مختلف الدراسات العلمية الحديثة لفيروس كورونا فان عدوى الفيروس تأتي عبر موجات وحسب نوعية بيئة الدول المتفشي فيها الوباء. وبالتالي من المرجح أن تتقلص فاعلية الموجة الأولى للعدوى بحصر عدد المصابين وخضوعهم للعلاج، على أن تبقى درجة الحيطة والحذر والوقاية مطلوبة على اعلى مستوى للتأكد من زوال الوباء وعدم التعرض لموجة ثانية للعدوى. وترجح الدراسات انه اذا تم حصر شبكة جميع المصابين بـ(الوباء الوافد) مباشرة من الدول الموبوءة كالصين وأوروبا أو بالعدوى المحلية خلال الأسبوعين المقبلين، فان احتمال نشوء موجة ثانية من العدوى قليلة جدا خاصة في ظل ظروف توقع تغير العوامل الجوية التي تؤثر على حاضنة انتشار الفيروس خارجيا وليس على انتقاله من شخص الى أخر.
زيادة مراكمة مشاعر الخوف تقلص من الإفصاح عن حالة العدوى
ورصد المركز أن حملات التوعية بقدر ما أثرت ايجاباً في زيادة الوعي الصحي والوقاية من خطر العدوى والالتزام بالإجراءات والارشادات الصحية، بقدر ما كان لها أيضاً نتائج سلبية عكسية تمثلت في زيادة مراكمة مشاعر الخوف والهلع خاصة عند التعريف بإجراءات العزل الصحي عند الإنعاش أو خصوصية ظروف دفن الضحايا وطرق التخلص من الجثة والتي تلتزم دول كثيرة بمعايير منظمة الصحة العالمية في ذلك.
وربط المركز تأخر الكشف عن حقيقة انتشار الوباء في العالم العربي للأسباب الثلاثة التالية: السبب الأول يكمن في محدودية المخابر والأجهزة القادرة على تشخيص أكثر عدد ممكن من الحالات المشتبه بإصابتها بالوباء أو من تخضع للحجر الصحي الذاتي.
أما السبب الثاني فيكمن في محدودية الوعي الصحي لشريحة مهمة من الشعوب العربية بالإضافة لضعف ثقافة الافصاح عن المرض. أما السبب الثالث فيرجع احتمال عدم دقة عدد المصابين بالوباء الى تسبب الإجراءات الاحترازية في عزل المصابين عند الإنعاش وطريقة دفن حالات الوفيات منهم في ظروف قاهرة تمنع اهل المصاب من توديع فقيدهم نظرا لضرورة التزام السلطات الصحية والأمنية بإجراءات صحية صارمة عند التخلص من الجثة للتوقي من انتشار الفيروس.
ويرجع استطلاع المركز أيضاً محدودية تشخيص الحالات المصابة بالعدوى في العالم العربي مقارنة بمناطق أخرى في العالم الى أسباب ذاتية مرتبطة أساساً بثقافة الخصوصية لدى شريحة من الشعوب العربية التي تفضل التحفظ عن الاعلان والافصاح عن حقيقة اصاباتها بأعراض الامراض وخاصة الوباء الأخير لأسباب تتعلق بالخوف والهلع من ظروف الاجراءات المتبعة مع مريض كورونا وفق المعايير الدولية والتي تتمثل في عزل المريض التام عن اهله خلال خضوعه للإنعاش. الى ذلك تضيف طريقة دفن وفيات الوباء وفق معايير منظمة الصحة العالمية الرعب بين الكثيرين والتي تشمل منع حضور عائلة المتوفي بالوباء جنازته التي تكون وفق إجراءات صحية وامنية مشددة لمنع انتشار العدوى حتى اثناء التخلص من الجثة.
هذه السيناريوهات زادت حالة الخوف والرعب حتى لدى المصابين والذي رصدت تقارير كثيرة في دول عربية اما هروب بعض المرضى من الحجر الصحي أو تخيير بعض المصابين الحجر الذاتي وتحمل تداعيات المرض، حتى أن البعض في دول أوروبية وخاصة في إيطاليا يموتون في بيوتهم، كما سجلت أيضا حالة وفاة مصابة بالوباء في تونس في بيتها. وهو ما يزيد من تعقيد حقيقة تشخيص عدد المصابين بالعدوى والذي قد يخاف الكثير منهم تبليغ السلطات بحقيقة حالتهم ويغالطونهم بتحسن صحتهم مخافة اللجوء الى الإنعاش ومواجهة مصير مخيف كما عبر عن ذلك نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي في عدد من الدول العربية.
وعلى صعيد آخر، تعاني بعض الدول العربية اما من نقص الوعي الصحي بهذا الوباء والاستهتار به أو من تردد المصابين في الإبلاغ عن اصابتهم بالعدوى لعدم مواجهة احتمالات الوفاة في عزلة عن الاهل. كما برزت تحديات أخرى تتمثل في احتمالات ردود فعل انتقامية للمصابين من العدوى وتحميل الدولة والمجتمع مسؤولية اصابتهم. هؤلاء قد يمثل سلوكهم المتهور خطرا على المجتمع ولا يمكن توقع ردود فعلهم الانتقامية.
الى ذلك قد لا يشجع عدم اكتشاف مصل فعال للوباء الكثيرين في اللجوء الى المستشفى للحجر الصحي او الإنعاش. كما لا تحفز محدودية الثقة بين المواطن ومؤسسات الدولة في اغلب دول العالم العربي المواطنين للتعاون بشكل واعي ومسؤول في ظل حالة الطوارئ الصحية. وقد تؤثر حالة اليقين لدى الشعوب بعدم جدوى انتظار لقاح قريب للوباء سلبا على زيادة الهرب من مواجهة مصير يزعمون انه غامض ويفضل بعضهم العلاج الذاتي وهو ما قد يزيد من مخاطر حالات العدوى داخل الاسرة الواحدة إذا أصر المصاب على العلاج ذاتيا داخل بيته دون احترام إجراءات وقاية المحيطين به من الإصابة بالعدوى.