دراسة : 100 مليون عربي قد لا يجدون طعاماً في 2030
100 مليون عربي قد يعانون نقصاً حادا في الغذاء في السنوات المقبلة. وقد تتهدد نسبة كبيرة منهم المجاعة، وقد يصبح الجوع سبباً رئيسياً في مشاكل صحية لملايين العرب قد تؤدي ببعضهم الى الوفاة جوعاً. وهي ليست تكهنات بل هي حقيقة يعكسها رصد الأرقام المخيفة لتطور مؤشر الجوع في العالم العربي مقابل تدهور الإنتاج الغذائي والزراعي والحيواني واضطراب مسالك التوزيع وارتفاع الأسعار واستمرار الصراعات في عدد من الدول. كما تؤثر مظاهر الفساد وسياسات احتكار وسائل الإنتاج ومسالك التوزيع ومحدودية كفاءة إدارة التحديات الزراعية والمائية في تدهور الأمن الغذائي.
وضمن دراسة حول التطور المقلق لمؤشر الجوع والفقر في العالم العربي وارتباطه بالأمن والاستقرار أعدها مركز الخليج العربي للدراسات والبحوث (csrgulf)، يقدر برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة (WFP) أن نحو مليار شخص في العالم لا يملكون ما يكفي من الغذاء ليكونوا أصحاء. حوالي 64 مليون منهم منتشرون في 12 دولة عربية. وهو ما يعني أن نحو واحد من كل ستة عرب يعانون مشاكل مرتبطة بنقص الغذاء. وقد فاقمت الكوارث الطبيعية والتغيرات المناخية والحروب والأزمات الاقتصادية مسار تحول الجوع الى حقيقة مزمنة في الحياة بالنسبة للبعض. وتنظر بعض الحكومات الى أزمة الأمن الغذائي بقلق خاصة من ناحية تأثيرات ارتفاع أسعار الغذاء العالمية على حياة المواطن العربي مستقبلاً.
وتشير دراسة للأمم المتحدة إلى أن الجوع في المنطقة العربية مستمر في الارتفاع، مما يهدد جهود المنطقة لتحقيق خطة التنمية المستدامة لعام 2030، بما في ذلك هدف القضاء على الجوع. وتكشف تقديرات الإصدار الأخير من “النظرة العامة الإقليمية للأمن الغذائي والتغذية في الشرق الأدنى وشمال إفريقيا”، أن أكثر من 51 مليون شخص في المنطقة العربية يعانون من الجوع[1].
وبسبب إشكاليات في الحصول على المواد الأساسية والغذاء، ارتفع عدد العرب الفقراء من محدودي الدخل الى نحو 30 مليوناً (اقل من دولارين) ونحو 80 مليوناً (اقل من 3 دولارات يوميا) ونحو 180 مليونا (من يجنون أقل من 5.5 دولار يوميا) في 2018[2] أي ما يعادل نصف اجمالي سكان الدول العربية، ومن المرجح أن هذا العدد قد تخطى عتبة 200 مليون في 2021 بعد تأثيرات جائحة كورونا التي فاقمت مؤشرات الفقر والبطالة والتي لديها علاقة مباشرة مع تغير القدرة الشرائية للفرد والأسرة والتي بدورها تؤثر مباشرة على الأمن الغذائي للفرد خاصة في ظل ارتفاع أسعار المواد الغذائية.
قبل جائحة Covid-19 كانت المنطقة العربية بالفعل خارج المسار الصحيح لتحقيق أهداف التنمية المستدامة المتعلقة بالجوع والتغذية بحلول عام 2030. ورغم إحراز تقدم خلال العقود الماضية، الا انه منذ 2015 تزايد عدد الأشخاص الذين يعانون من نقص التغذية في المنطقة بشكل مضطرد. في عام 2019، بلغ عدد الجياع 51.4 مليون، أو 12.2٪ من سكان المنطقة. إذا استمرت هذه الاتجاهات، حتى مع تجاهل التأثير المحتمل لـ Covid-19، فإن عدد من يشكون نقص الغذاء في المنطقة قد يتجاوز سقف 75 مليون شخص بحلول عام 2030[3].
وقد قوّض وباء كوفيد -19 النظم الغذائية الهشّة بالفعل في المنطقة العربية، في حين أن عدد الأشخاص الذين يعانون من نقص التغذية تجاوز بالفعل 50 مليونًا. وقد اعتبرت الأمينة التنفيذية للجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الاسكوا) رولا دشتي، أنه حان الوقت لاتخاذ إجراءات عاجلة لتحويل السياسات الاجتماعية والاقتصادية العربية، واستراتيجيات النظام الغذائي وأنماط الحوكمة الاقتصادية والتكنولوجية، لتحقيق استدامتها وشمولها، وضمان الوصول إلى الغذاء والنظم الغذائية الصحية للجميع.
التوسع الحضري المتزايد ساهم بدوره الى جانب تحرير الأسواق والتغيرات الديموغرافية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية في حدوث تحول تدريجي في طريقة تناول الطعام في المنطقة العربية وصولاً لتسجيل تفاقم ظاهرة هدر الطعام والغذاء، وهو ما يدعو لزيادة بذل الجهود لتوعية المواطن بأهمية الترشيد في استهلاك الغذاء.
تشير التقديرات التقريبية حول النفايات في البلدان العربية إلى أن 44٪ من الأغذية التي يتم تداولها على طول سلسلة التوريد قبل الاستهلاك إما تُفقد أو تُهدر بينما يُهدر حوالي 34٪ من الطعام المقدم عند الاستهلاك أو أثناءه (HLPE 2014)[4].
2021 © مركز الخليج العربي للدراسات والبحوث CSRGULF