د.حسين دشتي يكتب …هكذا قال أجدادي
أيقنوا أنهم سائرون إلى الفناء، وعجزوا عن وجود حيلة تنقذهم من موت محتم، وخيم شبح الغياب والرحيل.
فكل شيء سيرحل معهم.. لم تعجبهم هذه الخاتمة، إذ لا يعقل أن يختصر الموت تاريخ الشعوب والحضارات.
ذكريات ومآثر وبطولات، نجاحات وإخفاقات، ماذا لو خلدوا آثارهم لا أجسادهم؟ من هنا كانت فكرة تجسيد البقاء والخلود بأشكال متعددة تطورت باختلاف الأزمنة، والإمكانات، فحفروا على الأشجار، ونقشوا في الصخور، ورسموا على جدران الكهوف.. وبنوا القلاع والأهرامات والمعابد، وغيرها من الآثار التي مازلنا نشهدها إلى يومنا هذا..
كما دونوا الكتابات والأشعار والقصص التي روت أخبارهم وعكست الثقافات والفنون والعلوم المختلفة التي تميزت بها هذه الشعوب..
لكن هذا الإنسان المسكين لم يكن ليعرف أن الأيادي العنيفة ستمتد يوما لتعصف بالمعالم التي خلدها منذ آلاف السنين، فتنتزع منه الحق في البقاء التاريخي، والاستمرارية المعنوية.
فقد شكلت الحروب خاصة في الآونة الأخيرة خطرا محدقا بتراثنا حيث أصبحت الآثار هدفا من أهداف الحروب، وأصبحت الحروب قاتلة البشر والحجر بكل ما للتعبير من معنى، وغدت المعالم تتلاشى وتنهار أمام ناظرينا بين ليلة وضحاها فما لم تؤثر فيه السنون على مر الدهور أفناه جشع الإنسان وطمعه.
بالثقافات والهوية من خلال الشعارات الرنانة التي تلمع بريقا يبهر الأنظار هذا الجيل الذي يسوق إلى التقليد الأعمى ضمن ثقافة الاستهلاك لتصبح العادات والتقاليد ضربا من ضروب الماضي الذي لا نعرف عنه إلا من خلال كتب مهجورة، كل ذلك بحجة مواكبة العصر والتطور واللحاق بمن سبقنا
إن ما نتحدث عنه اليوم ليس بمحض الصدفة أوالأفكار الطارئة بل ولأهمية إعادة إحياء مفهوم التراث اللامادي.
بهدف الحفاظ على هذا النوع من التراث وبالتالي إحياء جزء أساس من معالم وثقافات الحضارات والتاريخ، فقد سارعت منظمة اليونيسكو لتبنّي العديد من الأنشطة بالشراكة مع المؤسسات والهيئات لتربوية الاجتماعية لإثارة الوعي والتنبيه لأهمية ذلك.
من هنا فلكل منا دور في الحفاظ على التراث ماديا كان أو غير مادي وأسرة ومؤسسات ودولة.
هذا إذا كنا فعلا لا نريد أن نغدو بعد أعوام قليلة جيلا بلا معلم أو هوية.
الانباء