سلطنة عمان تحتفل بيوم النهضة المباركة
تحتفل سلطنة عمان الشقيقة يوم غد الأحد 23 يوليو ،بالذكرى السابعة والأربعين ليوم النهضة المباركة، حيث يجدد أبناء الشعب العماني في هذا اليوم العهد والولاء لجلالة السلطان قابوس بن سعيد، مقرونة بأصدق وأسمى مشاعر الحب والتقدير والعرفان والوفاء له، فبقيادته مسيرة النهضة المباركة أحيا أمجاد عمان التليدة، وشيد أركان دولة عصرية مجيدة، تقوم على المساواة والمواطنة وحكم القانون وتسعى لتحقيق التقدم والنماء لكل أبناء الوطن.
ويشعر العمانيون في هذا اليوم بالاعتزاز والفخر بما تم إنجازه وتحقيقه على مدى السنوات الـ 47 الماضية من مسيرة النهضة المباركة بقيادة جلالة السلطان قابوس بن سعيد، الذي بفضل رؤيته وحكمته وبجهوده وعطاء الشعب العماني ومشاركته أصبحت عمان اليوم، كما أرادها وخطط لها، واحة أمان وازدهار ودولة بناء وتنمية يعيش أبناؤها في أمان واطمئنان وقد توفرت لهم سبل الحياة الكريمة.
وقد شكل يوم الثالث والعشرين من يوليو 1970 فاتحة عهد مشرق لسلطنة عمان، وهاهم العمانيون اليوم يحصدون ثمار سنوات البناء والتشييد ويقطفون من نجاحات السياسات التي أرسى دعائمها السلطان قابوس بن سعيد على المستويين الداخلي والخارجي، حيث رسخ منذ فجر اليوم الأول للنهضة المباركة، بحكمة ونفاذ بصيرة ورؤية تستشرف المستقبل وبأبوة حانية استوعبت كل أبناء عمان، أسس ودعائم الوحدة الوطنية باعتبارها ركيزة راسخة تنطلق منها وترتكز عليها جهود التنمية في شتى المجالات وبحرصه على إعلاء صروح العدالة وترسيخ قيم العدل وتدعيم أركان دولة القانون والمؤسسات التي ينعم فيها المواطن والمقيم بالأمن والأمان، وتتحقق فيها للجميع أجواء الطمأنينة وصون الحقوق في ظل سيادة القانون، كما وضع سياسة خارجية تقوم على بناء جسور من التعاون والثقة والمصداقية المرتكزة على الصراحة والوضوح في التعامل مع كل الأشقاء والأصدقاء وفي مختلف المواقف والتطورات، وفي كل الظروف، والالتزام بمبادئ محددة واضحة وثابتة ومعلنة في علاقاتها مع كافة الدول شقيقة وصديقة، مما كان له أثر قوي وإيجابي ملموس في التعامل مع مختلف القضايا، وهو ما حفظ لسلطنة عمان مكانتها ودورها الإيجابي، وساهم في مد جسور التواصل بينها ومختلف الدول الشقيقة والصديقة وجعل منها مشاركا ومساهما فاعلا في كل جهد خير لصالح شعوب هذه المنطقة والعالم من حولها.
وبفضل نهج السلام الذي اعتمده السلطان قابوس بن سعيد، تمكنت عمان من إقامة علاقات أخوة وصداقة وتعاون مع سائر دول العالم، وحرصت على استمرار هذه العلاقات وتطويرها في شتى المجالات لما فيه خير ومصلحة السلطنة والدول الأخرى، كما أن سلطنة عمان من الدول التي اعتمدت في سياساتها وعلاقاتها على مبدأ الحوار والمفاوضات لحل الخلافات وتسويتها بالطرق السلمية على أساس الاحترام المتبادل ووفق مبادئ القانون الدولي وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى والتعاون لتحقيق المصالح المشتركة وحسن الجوار.
وقد أكدت سلطنة عمان دوما، سواء على الصعيد المحلي أو في العديد من المحافل الدولية، أنها تؤمن بأنه لا توجد مشكلة إلا ولها حل إذا توافقت المصالح وتوفرت الإرادة وتضافرت الجهود، حيث أن الشعوب تواقة للسلام، وميالة للتفاهم، ومحبة للتعايش السلمي الذي من شأنه أن يحافظ على مصالح جميع الأطراف على أساس قاعدة “لا ضرر ولا ضرار”.
وبفضل هذه السياسات والمواقف التي اتسمت دوما بالمصداقية، حظي السلطان قابوس بتقدير قيادات المنطقة والعالم، وهو ما امتد إلى مختلف جوانب العلاقات العمانية مع الأشقاء والأصدقاء.
وفي الوقت الذي تتبنى فيه السلطنة نهج السلام وتعمل في إطاره بما يحافظ على السلام والاستقرار في العالم، استطاع مشروع “رسالة الإسلام”، وخلال سنوات قليلة، تكوين شراكة عالمية مع مؤسسات علمية وأكاديمية وجامعات ومعاهد ومتاحف في العديد من دول العالم، حيث أنه حتى يوليو 2017م يكون معرض “رسالة الإسلام” قد تجاوز (102) محطة حول العالم ، وخاطب أكثر من (8) ملايين زائر .
وفي المجال العسكري، أثبتت قوات السلطان المسلحة والحرس السلطاني العماني وشرطة عمان السلطانية وأجهزة الأمن قدرتها وتفانيها في الحفاظ على كل شبر من تراب عمان، والذود عن حياض الوطن ومقدساته وحماية منجزاته، حيث تعد تلك القوات إحدى مفاخر مسيرة النهضة المباركة وركيزة أساسية في منظومة التطوير الشامل لعمان الحديثة.
وقد كان لتوجيهات السلطان قابوس بن سعيد القائد الأعلى للقوات المسلحة واهتمامه الأثر البالغ في تطوير تلك القوات وتحديثها للارتقاء بها لمواكبة كل ما هو مستحدث في عالم التدريب والتسليح، حتى غدت قوة عصرية متكاملة تأخذ بأسباب العلم تطويرا وتدريبا وتسليحا، وهو ما جعلها واحدة من القوات المشهود لها بالكفاءة العالية والمهارة القتالية والقدرة على القيام بمهامها الوطنية في كل الظروف.
وفي هذا الإطار، شهد العام الحالي على سبيل المثال حفل تدشين المجموعة الأولى من طائرات “التايفون” المقاتلة وطائرات “الهوك” التدريبية، ضمن خطط التحديث والتطوير التي يشهدها سلاح الجو السلطاني العمانيكما احتفلت البحرية السلطانية العمانية بانضمام السفينة (خصب) والسفينة (الناصر) إلى أسطولها البحري والتي تعد آخر سفن مشروع (أفق).
ومنذ اليوم الأول للنهضة المباركة، وضع السلطان قابوس أسس البناء والتنمية ومسيرة التقدم في كل شبر من أرض عمان على أساس من المشاركة الإيجابية للإنسان العماني في مختلف الميادين، وأن يحظى كل مواطن أينما كان بثمار النهضة الحديثة وبتمكينه في الوقت ذاته من الإسهام بكل طاقاته وقدراته في مسيرة المجتمع نحو آفاق جديدة من التطور والنماء وتشييد صرح الدولة العصرية القادرة على تحقيق طموحاته.
وشكل الاهتمام بـ”الإنسان العماني ” وتعزيز مكانته وحشد طاقاته وقدراته وجعله مشاركا فعالا في البناء والتنمية على أساس من المساواة وتكافؤ الفرص وفي أولوية دائمة اهتمامات السلطان قابوس منذ فجر النهضة الحديثة، حيث حرص على التأكيد دوما على ضرورة استنهاض إمكانات المواطن وخاصة الشباب والارتقاء بمستويات تأهيلهم وتثقيفهم وتدريبهم والاهتمام بهم وتمكينهم من الاستفادة من الفرص المتاحة لهم للقيام بالدور المناط بهم في خدمة هذا الوطن مخلصين في حمل الأمانة والمسؤولية الواجبة عليهم.
وانطلاقا من اهتمام السلطان قابوس بن سعيد بالإنجاز الفكري والمعرفي وتأكيدا على الدور التاريخي لسلطنة عمان في ترسيخ الوعي الثقافي باعتباره الحلقة الأهم في سلم الرقي الحضاري للبشرية، ودعما منه للمثقفين والفنانين والأدباء المجيدين ودعم المجالات الثقافية والفنية والأدبية باعتبارها سبيلا لتعزيز التقدم الحضاري الإنساني، تم إنشـاء جائزة السلطان قابوس للثقافة والفنون والآداب، والتي وصلت إلى دورتها السادسة هذا العام وتم الإعلان عن هذه الدورة وفتح باب التسجيل لها، وسيتنافس فيها هذا العام العمانيون إلى جانب إخوانهم العرب.
وتنفيذا لتوجيهات السلطان قابوس غادرت سفينة البحرية السلطانية العمانية شباب عمان الثانية للمشاركة في سباقات السفن بقارة أوروبا في رحلتها الدولية الثالثة شراع الصداقة والسلام، وستقوم السفينة خلال رحلتها والتي تستمر ستة أشهر بزيارة بحر البلطيق وعدد من الموانئ والدول الأوروبية للمشاركة في سباقات السفن الشراعية الطويلة والمهرجانات والاحتفالات ، وتسعى السفينة إلى إيصال رسالتها والمتمثلة في مد أواصر الصداقة والإخاء بين السلطنة ومختلف دول العالم من خلال التعريف بالثقافة العمانية الأصيلة في مختلف محطاتها الدولية معرفة بتاريخ عمان البحري الماجد وما تنعم به من غد مشرق .
وانطلاقا من رؤية السلطان قابوس العميقة بأن الأمم لا تبنى إلا بسواعد أبنائها، وأن المواطن هو أغلى ثروات الوطن وهو هدف التنمية وغايتها، وهو ما آمن به طوال السنوات الـ 47 الماضية وسعى إلى تحقيقه، فقد ترجمت خطط وبرامج التنمية بناء على توجيهاته لتحقيق تلك الغاية، وأكد في العديد من المناسبات الوطنية أنه “بقدر ما تتمكن التنمية بمختلف أساليبها ووسائلها من توفير الحياة الكريمة للفرد والمجتمع بقدر ما تكون تنمية ناجحة جديرة بأن يسعد القائمون عليها ويفاخروا بنتائجها الجيدة ويعتزوا بآثارها الطيبة” .
وامتدت منجزات النهضة المباركة وثمارها المتلاحقة ومكاسبها المتعددة في مجالات التعليم والصحة والطرق والكهرباء والماء والاتصالات وغيرها من الخدمات إلى كل شبر في كافة محافظات السلطنة بدون استثناء وأينما وجد المواطن على هذه الأرض الطيبة، مستهدفة تحقيق الرفاه للمجتمع، حيث كانت العدالة والتوازن سمتان مميزتان لمسيرة النهضة الظافرة طوال السنوات الماضية .
وإدراكا من الحكومة العمانية بوجود ثروات وموارد أخرى وفيرة كمصدر للدخل تتمتع بها السلطنة في القطاعات السياحية والزراعية والسمكية والحيوانية والثروة المعدنية من شأنها أن تشكل جميعها بنودا مهمة في تنمية الاقتصاد العماني خلال الفترة المقبلة ، فقد تبنت البرنامج الوطني لتعزيز التنويع الاقتصادي (تنفيذ)، الذي يعتبر واحدا من البرامج الوطنية التي تقوم عليها خطة التنمية الخمسية التاسعة التي بدأت اعتبارا من بداية العام الماضي 2016 وحتى نهاية عام 2020م.
ويهدف برنامج (تنفيذ) بصورة رئيسية إلى المساهمة في تحقيق رؤية السلطنة نحو التنويع الاقتصادي، وإعداد خطط وطنية تفصيلية قابلة للقياس في هذا المجال، حيث تشمل قطاعات التنويع الاقتصادي في المرحلة الأولى (السياحة ، والصناعات التحويلية والخدمات اللوجستية) إضافة إلى الممكنات الداعمة وهي قطاع سوق العمل، وقطاع التمويل، فيما ستغطي المرحلة الثانية من البرنامج قطاعي (الثروة السمكية – التعدين).
وستؤدي هذه الخطوات إلى تمكين السلطنة من زيادة نسبة الاستثمارات الموجهة إلى المشروعات ذات العائد الاقتصادي، وتوزيع الاستثمارات جغرافيا بحيث تعود المنفعة على مختلف المحافظات، كما أن نجاح برنامج (تنفيذ) سيضمن مضاعفة دخل الفرد، والتوازن بين الإيرادات والاستخدامات، ويهيئ الظروف الملائمة للانطلاق الاقتصادي بصورة جديدة للحد من الاعتماد على مصدر واحد غير متجدد للدخل القومي من خلال تنويع الاقتصاد ودعم التنمية المستدامة.
ورغم تراجع عائدات النفط، إلا أن الوضع المالي والاقتصادي للسلطنة مستقر بصفة عامة، حيث تستمر السلطنة في برامجها الإنمائية للحفاظ على الاستقرار الاقتصادي ومراعاة البعد الاجتماعي وإيجاد مناخ جاذب للاستثمار والمستثمرين وتعزيز الشراكة مع القطاع الخاص ودعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، كما تعمل الحكومة على تعزيز موقف البلاد في المؤشرات التنافسية، حيث تم تشكيل لجنة وزارية أوصت بإنشاء مكتب وطني لتعزيز التنافسية يتبع المركز الوطني للإحصاء والمعلومات وذلك بعد الوقوف على التجارب الإقليمية والدولية.
وتسعى سلطنة عمان إلى زيادة مساهمة قطاع السياحة في الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2040م، حيث تهدف الاستراتيجية العمانية للسياحة 2016 ـ 2040م إلى تعزيز مكانة السلطنة عالميا وجعلها تسير على طريق التحول إلى وجهة عالمية للضيافة المتميزة إلى جانب رفع قيمة المعالم الطبيعية والثقافية واستدامتها وتحقيق المنافع الاقتصادية والاجتماعية وتوفير الإيرادات الضرورية لحفظ وحماية واستدامة التراث وحماية البيئة.