عزيزي سانتا.. أخبر الله عني! بقلم نبيلة مجدي
أكتب إليك الآن ولكني لم أخطط لذلك حقا، كل ما في الأمر أني احترت كثيرا فجأة وأنا أرى الجميع يرمون بأمنياتهم جميعها تحت أرجلك كي تمر عليها بقدميك فتبسطها لهم كل البسط بينما هم نياما، مستسلمين تماما لمن سيخبز لهم الأمل حتى تصحو الشمس فيفتح الصغار ستائر أعينهم في صباح العيد على رائحة أحلام طازجة طرية، ويمد الكبار أذرعهم كي تلم فرحة الصغيرين بما أعد لهم من هدايا.
لا يعير أحدهم سانتا بالا، لم يسأل أحد يوما يعد لسانتا العيد وأين يغيب خارج بياض ذقنه وخيوط بدلته الحمراء بقية العام، ومن يشاركه فتح الهدايا وكيف يقضي وقته بعد أن يقضي الجميع وطرهم منه!
يحق لك أن ترتاب قليلا تجاهي فعادة لا يكترث أحد لسانتا فيما يفعل هو ذلك مع الجميع، وأنا واحدة منهم ومثلهم جميعا أتيت إليك لأن بداخلي مثلهم تماما أحلاما لم يفتح أحد لها الستائر، وأمنيات أعيد اكترارها في مثل هذا الوقت من كل عام على مئات الصفحات من أجندات العام الجديد التي تصل دائما مبكرا لتذكرنا أنه علينا أن ننتبه حقا إلى حاجتنا إلى طوي بعض الصفحات وفتح أخرى، وتجدد لنا أملنا في الفوز بفرصة جديدة للحياة.
عزيزي سانتا، ألن تخبرني هذا العام عن طريقتك في صنع الفرح بالتأكيد ليست الهدايا سرك الوحيد أنا لا أريد فرحا مؤقتا ولا مؤجلا كذلك الذي يقترضه أولئك الذين خططوا للبس فرحتهم فوق بيجامة العيد، أريد أن أعرف إن كان بإمكانك حقا أن تأتي لي العام المقبل بماكينة “غزل الفرح” فغزل البنات لم يعد كافيا بالنسبة لي.
عزيزي سانتا، أريد أن أعرف إن كان بإمكان روح فتاة قصيرة مثلي أن تشب إلى سماء الله لتلتقط منها دعاء صديقي الذي لم يتحقق له منذ زمن وأرى توسلاته تتبخر أمام عيني، ففي كل شتاء أقف تحت ذلك المطر كله بكفين مفتوحتين عاجزتين تماما عن التقاط تأميناتي على دعائه فيما يعجز هو على الإمساك بنقطة ماء واحدة فقط تخصه فدائما ما تسقط الأمنيات بأياد غريبة لا تعنيها الأمنيات أو تضيع هباء حين تصحو الشمس من إغفاءتها القصيرة لتمد الدف فتجف الأمنيات الملقاه على الأرض ويدوسها الطير والناس.
عزيزي سانتا، إن لم يكن بإمكان روح فتاة قصيرة مثلي أن تشب إلى السماء، فهل تعرف مثلا إن كان بإمكانك أن تهديني يدين إضافيتين لأربت على روح صديقي ذلك فتهدأ عروقه النافرة من فرط الجزع قليلا، أريد أن أهديه يقينا دافئا في مثل هذا الشتاء بأن كل شيء سيكون على ما يرام وأنه يستحق الفرح وأنه أهل للرضا وأن أيامه قادمة لا محالة ولكن هناك من أطال طهوها فقط كي تصبح طيبة أكثر مم تمنى.
عزيزي سانتا، فتش لي في هداياك على تنبيه مبكر لصديقتي التي أرهقت روحها من فرط ما التبس عليها كل أمر، أريدك فقط أن توقظ عينيها في مقدمة الخيبات تماما حتى يتسنى لها الهرب، أو أن تسلمها تعويذة ربما لتحصن بها نفسها ضد الوجع.
عزيزي سانتا، عليك حقا أن تمنحني بعض الإجابات على أسئلتها أنا لا أريد خداعها ولا أريد لها الألم ولكني كذلك لا أعرف كيف أصد ريحه عنها هل تملك يا سانتا بابا قديما أو جدارا حتى يصلح لأن أقيمه على عتبة روحها ولا ينقض؟
عزيزي سانتا، ألم يصل السانتاوات مثلك بعد إلى تركيبة بشر من الصلصال حتى يتسنى لي وأنا أشم رائحة الخيبات عن بعد أن أحول نفسي إلي يمامة أو فراشة تهرب أنى شاءت، أو آلة زمن أتكور بداخلها في نهاية كل عام كي أرى إن كان بإمكاني أن أغير اتجاهي قليلا كي لا يتعثر بي إنسان ينفق علي سنواتا من عمره ويمد لي حبال وده، ويفرد لي الأيام أمامي كي أفعل بها ما يحلو لي وأرده خائبا دون أدنى نية مني لذلك.
عزيزي سانتا، ألم يأن بعد أن تيتنا بملقط نلتقط به أيامنا المشتاه من عمر الدنيا ومقص رحيم حنون نجز به جذورنا من أرواح من دخلناهم دون أن نسمي الله ومن اخترقونا دون أن يستغفروا الله من ذنبهم، هل تملك يا سانتا مقصا أكبر كثيرا وأحد بصرا نجز به رقبة الوقت الذي يماطل دائما إن نحن أردنا الوصول.
عزيزي سانتا، هل يمكنك أن تلف لي حضن جدتي التي رحلت دون أن تسألني إن كنت حقا مستعدة لذلك بشريط هدايا وتأتي لي به ليلة رأس السنة، هل تلف الأحضان بشرائط الهدايا يا سانتا؟
إن لم يكن بإمكان شريط هدايا أن يلم الأحضان يا سانتا، فعليك إذا أن تخبر جدتي أنني غاضبة منها حقا لأنها غافلتني ولم تنبهني إلى أنه كان يمكنني أن أقضي وقتا أطول معها ولم أعرف أنها كانت حتما ستنتهي يوما، ولكن لا تجعلها تغضب كثيرا فاستيعاب ألمها كان خارج حدود طاقتي، وأخبرها أني لم أتألم في حياتي قط مثل ألمي عندما منعتها الأسلاك الممتدة إلى أوردتها أن تفتح لي ذراعيها كما اعتادت أن تتسع لي ولبردي.
عزيزي سانتا، أخبر الله أني لا أحب أن يمرض الناس من ذلك اليوم ولا أحب ان أرى حجمي الحقيقي في مواجهة ذلك واطلب منه أن يحسن إلى جدتي وأن يسخر لها نعيما تستحقه ويخلق لها جنة تليق بها وأن يكرم نزلها كما أكرمت نزلنا بقلبها.
عزيزي سانتا، لدي الكثير من الرسائل أريد أن أكتبها إلى الله فلتكن حاضرا إذا فلربما أسألك عن طريقتك في لف الدعوات والهدايا.
عزيزي يا ألله أعرف أن عزيزي سانتا ليس سوى بشرا مثلنا، يمكنه فقط إعداد ليلة عيد سعيدة ودفع عجلة العام الجديد بأمل مستحقي البدايات الطازجة وأني قد أرهقته وأتعبت رأسه الأبيض
بأسئلتي، ولكنك أنت وحدك الذي يرى سانتا ويرانا بعين رحمة وسعت كل قلب.
عزيزي يا الله، ظهر سانتا وجعبته الكبيرة الحمراء لن يحملا ولن يتسعا فعلا لكل هذه الأمنيات سيكون علي إذا كلما استكبر لي سانتا طلبا أن أرفع قلبي وعيني قبل يدي إليك لأن ذلك كله عليك هين.
عزيزي يا الله، هل لي أن أدعوك أن تفرد جناح رحمتك على الملتاعين مثلي، وأن تنظر إليهم وتكلمهم قبل القيامة وأن تنبت لهم عيونا في قلوبهم فيبصرون بها وأن ترفع عنهم كل حجاب يحول بينهم وبين فراديسهم الأرضية قبل صعودهم إلى رحمة عليينك، هل تعدني أن تجبر انكسار كل روح وأن تربت على قلوب الجميع لأنهم حقا يستحقون ذلك؟
عزيزي يا الله هل لي أن أطلب منك أن تنظر للمنكسرين بعين رحمة بأن تنزع عنهم المرض وتملأ بطونهم الخاوية بكرمك وأن تعطي لكل محروم مسألته تماما غير منقوصة، فلا أنا ولا سانتا نملك ما يكفي من طعام ودفء ورضا كي ننفقه.
عزيزي يا الله، هل أستحق أن أتمنى عليك كل ما تمنيت، أيمكنني أن أسألك أن تزيد من عدد السنتاوات فهناك من عبادك من لم يتلقوا أي هدايا بعد.
عزيزي يا ألله، أنت تعلم جيدا أني أحبك كثيرا حقا، وجل ما أريده منك هو أن تظل قريبا جدا إلى هذا الحد كي لا أنتظر سانتا، أتمنى أن تفتح لي خزائن رحمتك وحنانك طوال العام كي أنهل منها متى شئت، إن استحققت ذلك أو لم أستحق، أن تملأ لي كفيك بفرح يليق بقلب صديقي ورضا يربت على روح صديقتي ورحمة مبسوطة تحت أريكة أبي وأمي وعمر يمتد إلى أن أرى ذلك كله يتحقق فأسكن إلى أن ألتقيك.
•