فروسية الكلمة ومعركة الوعى اليقظ.. بقلم الشيخة حصة الحمود السالم الحمود الصباح
” الضمير” .. هذه الكلمة عندما تطرق حروفها الأعصاب السمعية ويترجمها الدماغ البشرى تحدث سكون عميق فى الوجدان لدى أصحاب الفطرة السوية غير الملوثة بتعاملات الحياة المادية البحتة من طمع وتبادل المنافع على حساب القيم الأخلاقية ، ” الضمير” أو الفطرة السوية التى فطر اللهُ الناسَ عليها هى آخر حصن نلجأ إليه لنحافظ على ما تبقى من نقاء سريرة ، هذا النقاء يواجه حربًا ضروسًا لا هدنة فيها ولا هوادة ، هى حرب مرهقة للأعصاب تكلفتها عالية وضحاياها يزيدون يومًا بعد يوم تحت وطأة الحاجة أو استغلالًا لضعف النفس البشرية أمام مغريات الدنيا وزينتها.
لذلك نجد أن الرسالات السماوية اهتمت بتزكية النفس البشرية وجعلتها أساس المنهج الأخلاقى وميزان الفصل بين الخير والشر ، وقد أخبرنا المولى سبحانه وتعالى فى مُحكم التنزيل عن النفس قائلًا جل وعلا .. ” وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا ( ٧) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (٨) قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (٩) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا (١٠)” الشمس ، وقد أخبرنا الله جلّ وعلا فى هذه الآيات الكريمات أن للتقوى والفجور فريقين ، ولكل فريق جنود فمن غلبت تقواه فجوره فهو فى معسكر الخير ، ومن غلب فجوره تقواه فهو فى معسكر الشر والخُسران المبين.
لقد أصبح التعايش بين أتباع الأديان والمِلل والطوائف المختلفة ضرورة حتمية، وأصبح العبء ثقيلًا على الضمير الإنسانى فى هذه الحرب الطاحنة بين جنود الحق وفطرتهم السوية وجنود الباطل وخُبث سريرتهم ، لقد أصبحت حياتنا الطبيعية وقيمنا الأخلاقية فى مجرى سَيل الانتهازية وأطماع ذوى الأنفس الشحيحة وأصبح قول الحق ونصرته ثقيلًا إلا على فئة قليلة من فرسان الكلمة سلاحهم الوحيد هو القلم لإنارة السبيل وهداية الحَيَارى وردع الظالمين.
إن التعايش بين جميع الأديان هو السبيل الوحيد للأمن والسلام الدولى ، وقد أحسنت منظمة الأمم المتحدة فى جمعيتها المنعقدة بتاريخ ٢٥ يوليو ٢٠١٩ باختيارها يوم ٥ أبريل من كل عام يومًا دوليًا للضمير ، وهى إحدى محاولات المنظمة الدولية لإيقاظ الضمير البشرى بتخصيص عدة أيام على مدار السنة للتعايش والأخوة والضمير والسلام لتذكير العالم وإفاقته من سُباته ونحن ننجرف إلى حرب عالمية ثالثة لا يستمع أطرافها لصوت العقل والضمير .
لذلك لا زلت أكتب وسأكتب عن حتمية التعايش السلمى وأناشد كل المسؤولين بأن نحيى هذه الأيام العالمية التى لا يكاد يسمع بها أكثر الناس ، يجب على كل حكومات العالم أن تُعمم على جميع وزاراتها وهيئاتها وسفاراتها ضرورة الإهتمام تحديدًا بذكرى الأيام الدولية للأمم المتحدة المتعلقة بالجانب الإنسانى من تعايش وأُخُوّة وسلام وأن نتوقف عندها كثيرًا وأن لا صوت يعلو على صوت الضمير الإنسانى حتى ننتصر للأمن والسلام لجميع شعوب الأرض .
لقد أصبحت قضية حياتى هى السلام والنزاهة والشفافية ، والقضاء على الفساد بكل صُوَرِه ، أصبحت أنشد أن أرى عالمًا خاليًا من الحروب والضغائن وفساد الذمم ، وكُلِّى رجاء وأمل فى الله سبحانه وتعالى أن تستيقظ الهِمم والضمائر الحية لأن الله لا يُضِيع أجر من أحسن عملًا ، نسأل الله العفو والعافية والسلامة من كل إثم والغنيمة من كل بِر.