قراءة سياسية في الشأن اليمني … مبادرة برلمانية مفتاحا لإنهاء الحرب
صوت الخليج – صنعاء – احمد غيلان
من قمة ترامب في السعودية إلى أزمة الخليج ، إلى غيرها من تطورات ومستجدات شهدتها المنطقة لكنها لم تغير شيئا فيما يتعلق بواقع الحرب في اليمن سوى أنها خفضت من مستوى الاهتمام الإعلامي بها ، ونقلت عناوينها من صدارة الأخبار الإعلامية إلى الخبر الثالث أو الرابع .
يدرك اليمنيون أكثر من غيرهم أن الرهان على مجلس الأمن ومبعوثه والمنظمات الدولية لم يعد رهانا مجديا ، ولهذا السبب تعالت كثير من الأصوات التي تتساءل عن حكماء هذا البلد الذي عرف ببلد الحكمة والإيمان ، ولعل هذه الأصوات استطاعت أن تحرك المياه الراكدة ، فتفاعل معها مجلس النواب اليمني الذي أعلن في الـ 26 من يوليو الجاري عن مبادرة قد تكون مدخلاً لتجنيب البلد كارثة مجاعة وحصار جديدة فيما لو دخلت ميناء البحر الأحمر دائرة الصراع ، ولعله من المهم أن نورد هنا…
نص مبادرة مجلس النواب :
1- دعوة جميع الأطراف لوقف الحرب وكافة الأعمال العسكرية، ورفع الحصار البري والبحري والجوي المفروض على اليمن.
2- دعوة الأمم المتحدة إلى وضع آلية مناسبة لمراقبة سير العمل في كافة المنافذ البرية والموانئ البحرية والمطارات الجوية في أنحاء الجمهورية اليمنية دون استثناء.. لضمان تحصيل إيراداتها إلى البنك المركزي اليمني وبما يكفل مواجهة كافة الالتزامات الحكومية من صرف مرتبات موظفي الدولة وتوفير المواد الغذائية والدوائية ومواجهة شبح الأوبئة القاتلة التي تفتك بأبناء الشعب اليمني في مختلف محافظات الجمهورية اليمنية.
3- دعوة مجلس الأمن إلى أن يضطلع بدوره الإنساني والقانوني بشأن إلغاء كافة القرارات والإجراءات التي اتخذت خلال الفترة الماضية وأدت وتؤدي إلى تمزيق وتشتيت اللحمة الوطنية وعدم الاستقرار الغذائي والصحي وتمزيق وحدة الوطن وتشتيت الإيرادات العامة للدولة.
4- دعوة الأطراف المعنية إلى حوار بناء وشامل بدون شروط مسبقة وبإشراف دولي وصولاً إلى حل سياسي عادل يضمن تحقيق السلام والاستقرار لليمن والمنطقة والوصول إلى شراكة وطنية وسياسية حقة .
ومن الملاحظ أن المبادرة تتضمن مجموعة من النقاط العملية التي يمكن أن تمنع إدخال ميناء الحديدة دائرة الصراع وتنتج آلية جديدة لتجميع إيرادات كل الموانئ والمنافذ البرية والبحرية في وعاء مالي يخضع لرقابة داخلية وخارجية ، وبحيث يتم من خلال هذه الإيرادات توفير ما يمكن توفيره من سيولة مالية يتم من خلالها مواجهة الحدود الدنيا من التزامات الدولة والمتمثلة في دفع مرتبات الموظفين الذين مضى عليهم أكثر من ثمانية أشهر بلا مرتبات .
كما يلاحظ أن المبادرة تمثل استجابة مسئولة تتعاطى مع أوضاع إنسانية كارثية تهدد الحياة الانسانية بخطر المجاعة حيث يُعاني أكثر من (17) مليون شخص في اليمن من انعدام الأمن الغذائي، ويواجه (7) ملايين آخرون إمكانية المجاعة ، كما يُعاني (462) ألف طفل من سوء التغذية الحاد .
وكان بيان رئيس مجلس الأمن الدولي قد وصف خطر المجاعة في اليمن بأنها أكبر حالة من حالات الطوارئ المتعلقة بانعدام الأمن الغذائي في العالم، وكل ذلك يعكس جسامة الأزمة الانسانية في اليمن جراء الحرب والأعمال العسكرية على الأراضي اليمنية التي خلفت آثاراً مأساوية راح جراءها آلاف الضحايا من المدنيين جلًهم من الأطفال والنساء والشيوخ بالإضافة إلى عشرات الآلاف من المصابين وتدمير البنية التحتية من الموانئ والمطارات والطرق والجسور والمصانع والمزارع وآبار المياه، والمستشفيات والمراكز الصحية والمدارس والجامعات، ومحطات الكهرباء، ومراكز الاتصالات، ومؤسسات وشركات القطاع الخاص والمنشآت الحكومية، وغيرها من الممتلكات العامة والخاصة المذكورة في التقارير والإحصائيات الصادرة عن المنظمات الانسانية والحقوقية والإغاثية المحلية والدولية ومنها:
– منظمة الغذاء العالمي.
– منظمة الأمم المتحدة للطفولة.
– مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة.
– منظمة الصحة العالمية.
إضافة إلى انتشار الأوبئة القاتلة ومنها وباء الكوليرا الذي أدى إلى وفاة أكثر من (1.700) شخص كما سجلت نحو (297.438) حالة اشتباه في إصابتها بالكوليرا في (288) مديرية وأثنين وعشرين محافظة في اليمن حتى 20/7/2017م وما يقارب من (16) مليون شخص لا يحصلون على المياه الكافية وخدمات الصرف الصحي والنظافة الصحية مما يجعلهم عرضة للوقوع ضحايا الكوليرا في ظل عدم توفر الإمكانيات لمواجهة هذا الوباء الخطير.
ويلاحظ أيضا أن مبادرة مجلس النواب تأتي استجابة مع التوجهات والمبادرات التي تطلقها عدد من الدول الشقيقة والصديقة والمنظمات الدولية والإنسانية بأهمية الحفاظ على الوحدة اليمنية ووقف كافة الأعمال العسكرية في اليمن وإنهاء الحصار البري والبحري والجوي المفروض على اليمن والدعوة إلى استئناف الحوار الشامل والبناء.
كما أن المبادرة تتماشى مع ما ورد في البيانات الصادرة عن رئاسة مجلس الأمن الدولي وإحاطات السيد أوبراين الممثل المقيم للأمين العام للأمم المتحدة للشؤون ألإنسانية ، وعلى وجه الخصوص ما تناوله بيان مجلس الأمن الدولي الذي أدلى به رئيس المجلس في جلسة مجلس الأمن رقم (7974) المنعقدة في 15/6/2017م بشأن الدعوة إلى استئناف عملية سياسية شاملة لجميع الأطراف .. وتشديده على أهمية الحفاظ على تشغيل جميع الموانئ اليمنية باعتبارها شريان حياة بالغ الأهمية للدعم الإنساني وغيره من الإمدادات الأساسية .. وتأكيد البيان على التزام مجلس الأمن بوحدة اليمن وسيادته واستقلاله وسلامته الإقليمية.
مبادرة البرلمان قد تكون مدخلا لإنهاء مأساة اليمن إذا تعاطت معها كل الأطراف بمسئولية ، فهل تجد هذه المبادرة طريقاً إلى التنفيذ على أرض الواقع ؟
هذا ما ستكشفه الأيام القادمة .