كفى عبثاً … بقلم خولة سامي سليقة
اغرورقت الأعين بالدموع ضحكاً بعد تعليقه الطّريف،إذ راح يشكو كثرة الرسائل التي تصله تملأ جواله، معلنة اختيار رقمه بين آلاف مؤلفة و فوزه في مسابقات وهميةجوائز خلبية، سقط ضحيتها غير مرةحتى أعلن توبته النصوحة .
كلّ شيء غدا بوّابةً للاستثمار حتى فسحة نومنا، غريبٌ عالمنا بحقّ، إذ استوقفني أيضاً أمر آخر و يزعجني صراحة ،هو ما يسمونه رعاة أو دعاة تفسيرالأحلام،فما تنفك الرسائل تنهمر عليّ لأرد بالرقم كذا أو الكلمة المحددة حتى يتمّ الخصم تلقائيّا
من رصيدي، و ينشغل العالم بتفسير رؤاي و أحلامي التي هربت منذ أمدٍ بعيدٍ بل رجعة.
متى نكبر بل متى نتطوّر؟ كم كان بودّيأن أصرخ برسالة صوتية لهؤلاء أسألهم فيها أنيكفوا عن خداع البؤساء، لينشغلوا باكتشاف دواءٍ لمرض يحرمنا النوم و بهجة اللّيل، ليبنوا بيوتاً تأوي إليها رؤوس لا تعرف الدفء فكيف تسكنها الأحلام؟
ليحترموا مشاعرنا قليلاً ،فمن ذا الذي ينامبعد هانئا لتقصده الأحلام طائعة تطلب الشرحو التأويل ؟
لعلّهم في فلسطين قد عافوا النوم و الراحة. لا. ربما في العراق ينامون بصورة أفضل،بل في اليمن. لا. لا. في لبنان!
بل إني أعرفهم جيداً، أولئك من ينامون ملء أعينهم و لا يكدّرسماءهم عزيف رصاص أو نشيد قنبلة،أولئك الذين يكسبهم التياران الهوائيان: الداخلو الخارج من الخيمة جوّاً شاعرياً فتأتي الأحلام ملوّنة بزرقة السّماء و بريق النجوم.
أما حين يفيض الثلج بكرمه أكواما تعلو أجسادهم،تُكسب الليل و الأحلام بياضاً لا يضاهى. مساكين نحن حقّاً!
كم نحتاج سيّدنا يوسفيشفق على ليلاتنا المفرغةمن القادم و أحلامه،يوقف العبث، يعلن أنالشمس التي ولّت هاربة منذ عقود عن أرضنا أضاعت سبيل الإياب،أن الفقراء و المظلومين من العرب على وجه التحديد تضيق بأجداثهم جنبات الأرض،
فكيف تتسع لما يحملونه في رؤوسهم ليلا؟ كفّوا أرجوكم عن اللهو بأوجاعنا، ما الأحلام إلا نزيف العقل المتعب حين يرتمي على
حجر أو وسادة، هل يحلم المهجّر إلا بوطن؟ هل يحلّم الموشك على الغرق في موجالمتوسط، إلا بيدٍ توقظه من واقع يتمنى أن
يكون كابوسا؟ بمَ يحلم فاقد الأبوين تحت القصف؟ كفاكم تتركون الجرح مفتوحاً و تغوصون في صغائر الأمور،انظروا إلى العالم
المتطوّر كيف يفكّر في حلول جذريّة للمشكلات، يقفز فوق آلامه موصدا الباب أمام تكرار المأساة، فالعاقل درسٌ يكفيه.
بل ليت هذي المبالغ البسيطة التيتستنزف لتفسير أحلام لم تحدث البتة، تكون لبناء واقع حقيقيّ ملموسٍ يحمي شرفالعربيّ و كرامته،يعيد إليه إنسانيته الغارقة في الأوحال. لا تنشغلوا بتفسيرالأحلام لكن حققوها.