أهم الأخبارإقتصاد
محافظ الكويت بـ«أوبك»: توقيع ميثاق للتعاون الدائم بين المنظمة وحلفائها
أعلن محافظ الكويت لدى منظمة الأقطار المصدرة للنفط (أوبك) هيثم الغيص اليوم توقيع ميثاق التعاون طويل المدى بين المنظمة وحلفائها العشرة بقيادة روسيا في خطوة تهدف إلى دفع آفاق التعاون بين الجانبين.
وقال الغيص في لقاء مع وكالة الأنباء الكويتية (كونا) عقب عودته من فيينا حيث شارك في اجتماعات (أوبك) و(أوبك بلس) التي أقرت واحدا من أعمق تخفيضات انتاج النفط بالتحالف الذي يضم 24 بلدا ان الميثاق الجديد الذي وقع أثناء اجتماعات تحالف (أوبك بلس) الاخيرة يبنى على ما تحقق خلال السنوات الثلاث الاخيرة.
واضاف ان ميثاق التعاون طويل المدى يعتبر “آلية لضمان استمرار التعاون بين الاوبك والمنتجين من خارجها في مجالات تتعدى الحفاظ على التوازن في سوق النفط العالمية” مشيرا إلى أن “الباب مفتوح لانضمام منتجين آخرين من خارج أوبك بلس للميثاق الجديد”.
وأشار إلى أهمية الالتزام بالحصص المقررة في اتفاق تعميق خفض الانتاج الأخير بنصف مليون برميل يوميا لتحقيق التوازن في أسواق النفط العالمية لافتا إلى أن القرار جاء لدرء تخمة جديدة في المعروض.
وشدد الغيص وهو عضو اللجنة الفنية لمتابعة اتفاق خفض الانتاج وممثل الكويت فيها على أهمية التزام الدول الأطراف بتعهداتها لنجاح الاتفاق في خفض التخمة مشيرا إلى “تعهدات جديدة قدمتها الدول التي لم تلتزم بقرار الخفض السابق بأنها ستلتزم بالخفض الجديد”.
ولفت الى أنه “لا تستطيع ثلاث أو اربع دول فقط تحمل مسؤولية الخفض منفردة بل هي مسؤولية مشتركة ل 24 دولة”.
ونجحت الكويت والسعودية والامارات في قيادة دول (أوبك بلس) في 6 ديسمبر الجاري لإقرارالتعميق التاريخي في اجتماعات “ماراثونية” استمرت على مدى 12 ساعة.
واوضح الغيص أن معظم توقعات 2020 كانت تشير لارتفاع في معروض النفط بمقدار 2ر2 مليون برميل يوميا مقابل ارتفاع الطلب ب 1ر1 مليون برميل يوميا مشيرا إلى ان نصف هذا المعروض من النفط الصخري والباقي من البرازيل وبحر الشمال ومنتجين آخرين وأضاف “لولا تعميق الخفض لأضيف 63 مليون برميل إضافي للمخزون خلال الربع الاول”.
واشار الى ان القرار يستهدف الربع الاول حيث أعلى معدلات ركود الطلب خلال العام بالنظر إلى صيانة المصافي وبناء المخزون خلال تلك الفترة مما يضغط كثيرا على الطلب.
واوضح الغيص أن التوقعات أشارت لزيادة كبيرة في بناء المخزون تتراوح ما بين 600 الى 700 الف برميل يوميا خلال الربع الاول بشكل رئيسي بسبب الانتاج من خارج أوبك بلس و”إذا دخلنا السنة ولدينا مخزون كبير سيكون الربع الثاني صعبا”.
وذكر ان القرار جاء لحفظ الاستقرار في سوق النفط العالمية وستجري مراجعته في اجتماعات 5 و6 مارس المقبل لتحديد نتائجه وآثاره على السوق بعد دراسة التطورات الاقتصادية خلال تلك الفترة خاصة الخلاف التجاري الامريكي – الصيني وتطورات ملف انسحاب بريطانيا من الاتحاد الاوروبي حتى يمكن اتخاذ القرار المناسب لبقية العام.
وافاد بأن قرار تعميق الخفض راعى جميع السيناريوهات كأن يكون النمو العالمي عند مستوى 3 في المئة أو أقل وجميع احتمالات باقي الملفات المؤثرة في حركة التجارة الدولية “ليبقى في النهاية الاتفاق على الأرقام المعينة التي تقود للقرار المناسب”.
وحول انعكاسات ذلك على الاسعار قال الغيص “ان أوبك وحلفاءها لا يستهدفون سعرا محددا بل نهدف فقط أن يكون المخزون العالمي من النفط عند مستويات مريحة أي عند معدل الخمس سنوات الماضية”.
وأضاف ان “السعر يحدده البائع والمشتري وليست الدول وتوجد بورصات للنفط في لندن وفي نيويورك يجري فيها يوميا تحديد السعر وأوبك لا تستهدف نطاقا سعريا بعينه وهذه نقطة مهمة جدا”.
وكان (بنك أوف أمريكا) قد أشار في أحدث توقعاته إلى أن “التزاما قويا” من جانب دول (أوبك بلس) قد يرفع سعر النفط إلى 70 دولارا للبرميل قبل نهاية الربع الأول 2020.
ودحض الغيص التحليلات الدولية التي أشارت إلى أن التعميق الجديد يعد “مخاطرة” من أوبك خاصة إذا لم تستجب الاسواق التي قد لا تكترث بالمنظمة بعد ذلك وقال ان من أهم عناصر سوق النفط اليوم هي (الاوبك بلس) التي تنتج حوالي 45 مليون برميل يوميا أي نصف الانتاج العالمي تقريبا”.
واشار في الوقت ذاته إلى أن التطورات الاقتصادية والسياسية الدولية “خارج نطاق سيطرة هذا التحالف” مضيفا انه “توجد مخاطرة لكنها ستكون أكبر لو لم يتخذ هذا القرار”.
ولفت إلى أن استثناء مكثفات الغاز الروسية من حساب الحصص سيساهم كثيرا في دعم تعميق الخفض لان الطلب يرتفع على المكثفات داخل روسيا خلال فصل الشتاء وليست للتصدير.
وحول آفاق اجتماع مارس المقبل قال الغيص إن كل الاحتمالات مطروحة موضحا انه “من السابق لاوانه التكهن بما سيحدث وأن كل ذلك سيعتمد على بيانات العرض والطلب آنذاك ومدى التزام الدول بالاتفاق الحالي” وأن الكويت تدعم القرار الجماعي.
وتوقع ان تزيد حصة الاوبك على حساب النفط الصخري والمنتجين الآخرين مع بدء التباطؤ في نموه بعد الطفرة التي شهدها خلال الاعوام الماضية مبينا ان “الامر بالنهاية يخضع للعرض والطلب ونفوط الأوبك هي الأقل في كلفة الإنتاج”.
واوضح انه “رغم ذلك لا نزال حذرين خاصة في ضوء التوقعات التي تشير إلى نمو بنحو 2ر2 مليون برميل يوميا للعام المقبل ووجود منتجين كبار خارج التحالف مثل كندا والنرويج والبرازيل”.
وبين الغيص أن تحالف (أوبك بلس) دوره الموازنة بين العرض والطلب للحيلولة دون بناء مخزون يؤدي لانهيار الاسواق كما حدث في 2014 لافتا الى ان هذا الانهيار تعدت آثاره المنتجين وأضر بمستقبل الصناعة النفطية مما دفع الكثير من الشركات للتوقف عن الاستثمار فيها.
واشار الغيص الى ان “هذا الامر خطير على الاقتصاد العالمي نفسه الذي يعتمد اعتمادا كبيرا على النفط الذي يشكل نحو 33 بالمئة من مزيج الطاقة العالمي اليوم من النفط وإذا ما أضفنا الغاز سيصل ذلك إلى نحو 55 في المئة”.
ولفت الغيص وهو ايضا المسؤول عن ادارة البحوث التسويقية في مؤسسة البترول الكويتية الى ان انتاج النفط الصخري يمثل التحدي الابرز أمام اوبك على المدى المتوسط حتى مع التباطؤ في نموه.
وتوقع ان البقاء في هذه المنافسة لنفوط الاوبك رغم الطفرة في تكنولوجيا الانتاج الصخري وزيادة قدرة منتجي النفط الصخري على التكيف مع بيئة أسعار منخفضة “لكن بالمقارنة مع نفط دول الخليج مثلا لا يزال الفارق كبيرا”.
كما توقع ارتفاع الطلب على نفط أوبك خلال ال3 الى 5 سنوات المقبلة ليصل في عام 2040 إلى 39 مليون برميل يوميا مقارنة ب نحو 5ر29 مليون برميل يوميا حاليا أي بارتفاع حوالي 10 ملايين برميل يوميا.
وقال ان ذلك سيكون على حساب المنتجين الاخرين مضيفا ان “الطلب على نفوط أوبك هو الذي سيبقى وينمو مستقبلا وهذا سيتزامن مع تراجع في انتاج النفط الصخري وهذا ما بدأت تظهره تراجع وتيرة النمو مؤخرا.
واوضح ان النفط الصخري لا يمثل تحديا لاوبك فقط بل للصناعة النفطية بوجه عام لأن آلية الإنتاج غير منظمة ولا يوجد من يتحكم بالانتاج رغم أنه مؤخرا دخلت شركات كبرى مثل (شيفرون) و(اكسون موبيل) لهذا المجال.
واشار الى ان “النفط الصخري سيبقى تحديا لنفوط أوبك خلال السنوات الخمس المقبلة”.
واوضح ان روسيا شريك للاوبك وليست منافسا وهي مستفيدة من اتفاق (أوبك بلس) الجديد وأن “الالتزام الروسي حاليا جيد جدا وموسكو قدمت وعودا بالالتزام بنسبة 100 في المئة” مشيرا إلى ان استثناء المكثفات من الخفض الروسي سيساعدهم في الالتزام بالاتفاق.
واكد الغيص أنه لا أساس لما يتردد عن نهاية عصر النفط أو بلوغ ذروته قائلا “سيظل النفط والغاز من الركائز الاساسية لامداد العالم بالطاقة”.
وكانت مجلة (ذي اكونوميست) البريطانية قد ذكرت مؤخرا نقلا عن وكالة الطاقة الدولية أنه بحلول عام 2040 ستزيد الطاقة المستمدة من الشمس والرياح بحوالي خمسة أضعاف لتشكل 7 في المئة من إجمالي مزيج الطاقة العالمي لكنها استدركت أن تلك المصادر لن تنجح في أن تكون بديلا للوقود الاحفوري الذي ينتج الطاقة دون انقطاع.
وعقب الغيص على ذلك بالقول بانه “هذا يتماشى تقريبا مع توقعات أوبك بان نسبة الطاقة المتجددة ستكون ما بين 7 – 10 بالمئة من مزيج الطاقة العالمي بحلول عام 2040”.
وأضاف “نؤمن جميعا في أوبك بأنه لا يمكن مستقبلا الاعتماد على مصدر وحيد للطاقة وهو النفط والغاز فالعالم سينمو أكثر وسيحتاج جميع أنواع مصادر الطاقة ومن بينها النفط بشكل رئيسي”.
وبين انه من التحديات التي تواجهها أوبك هي توعية نشطاء البيئة في العالم بشأن مخاوفهم حول ظاهرة التغير المناخي والعمل على توعيتهم بأن النفط ليس مضرا إذا استخدم بالطريقة الصديقة للبيئة.
وتابع “وجهنا في مجلس محافظي الاوبك سكرتارية المنظمة بضرورة إطلاق حملة إعلامية للتواصل مع نشطاء البيئة وتوعيتهم بدور النفط وأهميته في النمو الاقتصادي العالمي”.
وعندما يدخل التعميق الجديد حيز النفاذ مطلع يناير المقبل ستبلغ حصة الاوبك فيه 372 الف برميل يوميا وحلفائها 131 ألف برميل يوميا ليبلغ الاجمالي 503 الف برميل يوميا وبذلك يرتفع الخفض الاجمالي من 2ر1 إلى 7ر1 مليون برميل يوميا.
وتعد السعودية أكبر المتعهدين من أوبك بالخفض الجديد ب 167 الف برميل يوميا تليها الإمارات ب 60 الف برميل يوميا فالكويت ب 55 الف برميل يوميا ثم العراق ب 50 الف برميل يوميا ومن حلفاء اوبك تأتي روسيا ب 70 الف برميل يوميا تليها المكسيك ب 18 الف برميل يوميا بينما استثنيت فنزويلا وإيران وليبيا وهي الدول التي تعاني إما من عقوبات أو اضطرابات أمنية واقتصادية.