نحن مختلفين … بقلم محمد حبيب المحميد
نحن مختلفين ولا حاجة للتنظير أو اجترار الكلام حول واقعية الإختلاف الذي نعيشه منذ نعومة الأظفار في أسرنا وبيوتنا ومن ثم مجتمعاتنا وهكذا إلى أوسع نطاق ممكن ، فواقع الإختلاف بين الناس وجداني الإدراك وقرآني الإقرار حيث قال الله تبارك وتعالى ” وَلَوْ شَاء اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُم فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّه مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ” (المائدة ٤٨) .
نحن مختلفين ومما يعجب له ذوي العقول والألباب أن هذه البداهة والوضوح والحتمية في واقعية الإختلاف؛ سبب نزاع لأن هناك من لا يحتمل عقله هذا الواقع ، وإن وعى عقله ذلك فإن صدره يضيق بكل مختلف ، ولا يقتصر مثل هذا الأفق الضيق على فكر هنا أو أيدلوجية هناك ، بل إنها ممارسات بشرية منذ اليوم الأول .
نحن مختلفين ولن نكون إلا كذلك ، فهل يكون الحديث حول التعايش في واقع مثل هذا ضربٌ من المثالية الخيالية!.. أم أن المعروف فعلاً بات منكرًا بحيث ضرب إنسان اليوم كل القيم عرض الجدار ، ليعيش واقعًا برغماتيًا مصلحيًا نفعيًا أنانيًا ، ولا تقتصر هذه الأنانية على الموارد المادية بل حتى على العقول والأفكار .
نحن مختلفين ولا طريق إلا التعايش والتعاشر وقبول الآخر ، أو الإقصاء بكل أشكاله المادية والمعنوية ، الإقصاء الفكري والديني والإنساني ، حتى يمسخ الكثير من بني البشر فيمارسون الإقصاء المادي ، فيسلبون الناس حق الحياة الذي أعطاهم إياه خالقهم “مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا” (المائدة ٣٢) .
نحن مختلفين ولكن لا داعي أن نكون متخلفين؛ بأن نحول هذا الإختلاف إلى خلاف ، فالإختلاف فرصة للسبق كما ورد في الآية الشريفة التي تصدرت المقال ، أي فرصة للتكامل والتسابق إلى الخيرات ، فلنبدأ بذلك في بيوتنا وعمليتنا التربوية ، فنتعرف على الإختلاف والفروق الفردية ، ونشعل فتيل التنافس نحو الهدف ، والتعاون للتكامل ، فالإختلاف تكامل