ورحل أمير التواضع .. بقلم الباحثة ريم معروف
كما هو عهدنا بآل الصباح الكرام الذين توالوا على حكم دولة الكويت منذ عام 1756، وما عُرف عنهم من احترامهم للدستور والقوانين، والذود عن حريات الشعب ومصالحه، وصيانة استقلال الوطن وسلامة أراضيه، بداية من الشيخ صباح بن جابر الصباح أول حاكم للكويت ، مروراً بالشيخ مبارك الكبير و عبدالله السالم الصباح ( أبو الدستور)، وحباً وثناءً على أمير القلوب الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح، وأمير الإنسانية وقائدها الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، ووقوفاً عند أمير التواضع الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح، الأمير السادس عشر لدولة الكويت، والذي يعد أحد مؤسسي الكويت الحديثة الذين أسهموا في إرساء دعائم الدولة، وشاركوا في النهضة والبناء والتنمية عقب الاستقلال عام 1961 ، حيث تقلد في حياته عدة مناصب سياسية ووزارية ، ابتداءً من منصب محافظ حولي عام 1962 ، وعبر مسيرة حافلة مليئة بالإنجازات كانت طريقاً لتوليه ولاية العهد في عام 2006 ، حيث توجت تلك المسيرة بتوليه مقاليد الحكم خلفاً للشيخ صباح الأحمد في عام 2020 ، في مرحلة مليئة بالتحديات من انتشار جائحة كرونا وتراجع في أسعار النفط ، فكان نعم القائد في زمن التحديات باذلاً غاية جهده ، محافظاً على رفعة الكويت وعزتها وأمنها وأمانها واستقرارها وكرامة ورفاه شعبها، والذي ختم رحلة عطائه وكان آخر عهده من الدنيا موقفه المشرف من أهل غزة وفلسطين ، وعفوه الأبوي الذي صدر منذ أيام عن بعض المواطنين التي كانت في حقهم أحكاماً ، في مكرمة أميرية تأتي ترسيخاً لما جُبل عليه حكام الكويت من قيم التسامح والعفو .
وبعد مسيرة امتدت لستين عاماً من خدمة البلاد في كل المناصب ترجل الأمير الفارس، أمير التواضع والعفو والتسامح ، المُصلي بين الناس، الذي أكرم أهل الدين والعلم وأعزهم وجعل من الكويت منارة لخدمة القران الكريم، أميراً دخل في كل بيت وفي قلب كل فرد من أفراد الشعب.
رحل أمير التواضع الذي أحبنا وأحببناه وعرفناه بالصلاح والخير والبذل وحب الناس والرحمة وشهدنا له بذلك.
سيشتاقك يا أميرنا مسجدك بلال بن رباح الذي بنيته من نفقتك، سيشتاقك المؤذن كلما أذن للصلاة، سيشتاقك كرسيك الأحمر الذي تجلس عليه في آخر المسجد، سيشتاقك مصحفك الذي ترتل فيه الآيات ترتيلاً، سيشتاقك أطفال المسجد الذين كنت تمسح على رؤوسهم، سيشتاقك جميع أهل الكويت ومحبوها، لكن عزائنا الوحيد أن ذكراك حاضرة وإن غبت وأعمالك شاهدة وإن لم تحضر.
وداعاً أمير التواضع إلى جنان الخلد وجنات النعيم فقد سلمت الراية بيضاء ناصعة لسمو الأمير مشعل الأحمد الجابر الصباح حفظه الله ورعاه، وأعانه على حملها واستكمال مسيرة العطاء مبايعينه على السمع والطاعة.
رحمك الله يا أميرنا رحمة واسعة وألهمنا الصبر والسلوان.