28 عاما مرت على كارثة الغزو العراقي للكويت
28 عاما مرت على كارثة الغزو العراقي للكويت التي مثلت مرحلة فاصلة في تاريخ البلاد بما تضمنته من مآس كبيرة وخسائر جسيمة ما زالت بعض تداعياتها مستمرة حتى الآن رغم السعي الحثيث من البلدين الجارين إلى تجاوزها.
ورغم تلك التداعيات المؤلمة للغزو وابرزها ملف المفقودين الذين غيبهم النظام العراقي السابق والممتلكات المنهوبة والاضرار المادية الجسيمة فان البلدين الشقيقين بفضل حكمة قيادتهما حريصان على تدشين مرحلة جديدة من العلاقات المبنية على الاحترام المتبادل وعدم التدخل في شؤون الاخرين.
وبتوجيهات مستمرة من سمو امير البلاد الشيخ صباح الاحمد الجابر الصباح حفظه الله ورعاه فان الكويت لم تتوقف عن تقديم كل أشكال العون الممكنة للعراق لمساعدته على تجاوز المحن التي مر بها بعد القضاء على نظامه السابق وللحفاظ على أمن المنطقة واستقرارها.
ويؤكد المسؤولون الكويتيون والعراقيون في تصريحاتهم بمناسبات مختلفة حرص البلدين الجارين على تعزيز العلاقات بينهما والمضي بها نحو المزيد من الانجازات في مجالات شتى بما يخدم مصالحهما المشتركة.
وبمناسبة الذكرى السنوية ال 28 للغزو التي تصادف غدا اكد عدد من مسؤولي البلدين في تصريحات متفرقة لوكالة الأنباء الكويتية (كونا) سعي البلدين الجارين الى تجاوز كل اثار الغزو الذي شنه النظام السابق على الكويت بفضل وعي وحكمة القيادتين فيهما مشيدين بالعلاقات الحالية القائمة بين البلدين والشعبين الشقيقين.
وقال سفير الكويت لدى العراق سالم الزمانان ان رسالة الكويت بين الامم كانت ولا تزال الدعوة للسلام والتعاون مضيفا ان ذلك “ما نتطلع اليه مع الاشقاء في العراق”.
ولفت الزمانان الى مساعي القيادة الكويتية وتوجيهات سمو امير البلاد الداعية الى مزيد من الانجاز والتقدم بين البلدين الشقيقين في كل المجالات.
واضاف ان الكويت تتطلع الى امن المنطقة واستقرارها مشددا على الروابط والصلات المتعددة وجغرافية المكان التي تحكم العلاقة مع العراق.
وقال “اننا نقف عند ذكرى الغزو العراقي لنستذكر الارادة الكويتية قيادة وشعبا الواثقة بالله في العودة بمساعدة الاشقاء والاصدقاء وعبر إرادة دولية غير مسبوقة في اعادة الحق لاهله” داعيا المولى عز وجل ان يتغمد بواسع رحمته شهداء الكويت الذين ضحوا بأرواحهم من اجل هذه الارض الطيبة.
واعرب عن امله في سرعة الكشف عن مواقع رفات المفقودين الكويتيين لاعادتها الى احضان الوطن من خلال التعاون المنشود من الاشقاء في العراق وفق ما نظمته قرارات مجلس الامن.
واكد الزمانان سعي الجانبين الى تعزيز المصالح المشتركة التي من شأنها الارتقاء بالعلاقات الثنائية بين الشعبين الشقيقين.
وذكر ان البلدين يمران بمرحلة جديدة من مسيرة علاقتهما خصوصا وهما يقطعان شوطا كبيرا في انجاز الاتفاقيات والتفاهمات التي من شأنها تعزيز الروابط الاخوية.
واشار الى مبادرة سمو الامير الحكيمة لمؤازرة العراق وتقديم المساعدات للنازحين جراء الحرب على ما يسمى تنظيم الدولة الاسلامية (داعش) واحتضان الكويت مؤتمر إعادة اعمار العراق مطلع العام ومبادرة سموه في تخفيف معاناة الاشقاء العراقيين في المحافظات الجنوبية.
من جانبه، قال المتحدث باسم الحكومة العراقية سعد الحديثي “ان البلدين استطاعا ان يجتازا اثار الغزو الذي شنه النظام السابق على الكويت الشقيقة بفضل وعي وحكمة القيادة في البلدين”.
ووصف الحديثي العلاقة الحالية بين البلدين بانها “جيدة جدا” مضيفا ان الكويت “من اقرب الدول الى العراق في علاقاته الخارجية”.
واشاد بالدعم الذي تقدمه الكويت للعراق في شتى الميادين ودورها الذي وصفه بالاساسي في عقد مؤتمر الكويت الدولي لاعادة اعمار العراق والجهود التي بذلتها في التحضير والتهيئة له.
وذكر ان نتائج المؤتمر والدعم المقدم عبره من المجتمع الدولي شكلت عاملا مهما في دعم العديد من الملفات الانسانية لاسيما ملفات دعم النازحين وبرامج اعادة تأهيل واعمار المدن المحررة من الارهاب فضلا عن تعزيز التعاون الاقتصادي مع العراق في مختلف القطاعات .
واوضح ان كل تلك المبادرات تشير الى “عودة العلاقة مع العراق الى سابق عهدها باعتبارها علاقات اخوة وجيرة بين اشقاء متعاونين متعاضدين لهم مصالح متقاربة وتواجههم تحديات متشابهة كالارهاب والتطرف وتربطهم اهداف موحدة في القضايا المتعلقة بالتنمية والاعمار وتعزيز المصالح المشتركة”.
واضاف “ان الوضع الطبيعي للبلدين هو ما كان عليه قبل عام 1990 وقبل ان يلوثه غزو النظام السابق للكويت”.
واكد ان “البلدين نجحا في طي صفحة الماضي الاليم والعودة بالعلاقات الى سابق عهدها” مضيفا “ان علاقاتهما اليوم تمتاز بخصوصية اذا ما قورنت ببقية علاقات العراق بدول المنطقة”.
بدوره، قال الناطق الرسمي باسم مركز الاعلام الامني وقيادة العمليات المشتركة في العراق العميد يحيى رسول ان الجيش العراقي اليوم ليس نفسه الجيش السابق الذي غزا الكويت مبينا ان القوات الامنية تعمل حاليا وفق مهمة واضحة هي الدفاع عن العراق وشعبه وارضه وحمايته دون اي تدخل خارجي.
واكد ان بلاده تكن لدول الجوار ولاسيما الكويت وشعبها كل الاحترام وترتبط معها بعلاقات طيبة جيدة معربا عن امله بان ينعم الاشقاء في الكويت بالمزيد من الامن والاستقرار.
وفيما يتعلق بملف المفقودين الكويتيين اوضح ان الملف تحول من وزارة حقوق الانسان المنحلة الى وزارة الدفاع التي تبذل جهودا كبيرة من اجل الوصول الى رفاتهم واعادتهم الى ذويهم.
واضاف ان الوزارة لن تتوانى عن التحرك والتدقيق والبحث في حال تلقيها اي معلومة بخصوص المفقودين الكويتيين لافتا الى ان هذه المهمة انسانية قبل ان تكون واجبا عسكريا.
يذكر ان وزارة الدفاع العراقية جددت في ال 18 من يوليو الماضي الاعلان عن تخصيص مكافآت مالية مجزية لمن يدلي بمعلومات عن رفات الكويتيين المفقودين في العراق او عن الممتلكات الكويتية المنهوبة ابان الغزو العراقي للكويت.
وكان الامين العام لمجلس الوزراء العراقي مهدي العلاق اعرب في تصريح سابق ل (كونا) عن الامتنان الكبير لبلاده للكويت لان المنح الانسانية التي تلقتها منها هي الاكبر مقارنة بمنح الدول العربية مجتمعة.
ونوه العلاق بحملات بناء المدارس الكرفانية التي مولت من الكويت وساعدت كثيرا في ضمان التحاق الطلبة في المدارس في المناطق المحررة من تنظيم ما يسمى بالدولة الاسلامية ( داعش) فضلا عن المدارس المشيدة داخل مخيمات النزوح.
واشاد بالمنحة المالية لدعم القطاع الصحي في المحافظات المحررة والتي من شانها ان تسهم في اعادة اعمار المراكز الصحية والمسشتفيات هناك .
وكانت الكويت قد خصصت 200 مليون دولار في عام 2015 لدعم الجهود الانسانية في العراق فضلا عن مئة مليون دولار خصصت مؤخرا لدعم القطاع الصحي في المحافظات المتضررة فيما تواصل العمل في تقديم المؤازرة للنازحين من خلال التنسيق المباشر مع خلية الازمات المدنية التابعة لرئاسة الوزراء العراقية.
وقدمت الكويت كذلك المئات من السلال الغذائية وشيدت العشرات من المدارس المؤقتة وتكفلت بالعشرات من الايتام وتبنت مشروعا للتدريب المهني للارامل في المحافظات المتضررة وجهزت عيادات طبية متنقلة وبنت خياما لتوزيع الدواء والبطانيات والحقائب المدرسية.
وفي 26 يوليو الماضي وصل إلى مدينة البصرة العراقية 17 مولد كهرباء وكميات كبيرة من الوقود قدمتهاالكويت بناء على توجيهات سمو امير البلاد بهدف التخفيف من معاناة الشعب العراقي.
وكان مؤتمر الكويت الدولي لاعادة اعمار العراق خرج بتعهدات من الدول المانحة بنحو 30 مليار دولار امريكي على شكل منح وقروض وضمانات.
وجاءت كل تلك الاموال نتيجة الزخم الواسع في المشاركة في المؤتمر وبواقع 76 دولة ومنظمة اقليمية ودولية و51 صندوقا تنمويا ومؤسسات مالية اقليمية ودولية و107 منظمات محلية واقليمية ودولية من المنظمات غير الحكومية و1850 جهة مختصة من ممثلي القطاع الخاص.