إجمالي الناتج المحلي لدول مجلس التعاون الخليجي في ازدياد على الرغم من تراجع أسعار النفط والحصة الأكبر تذهب إلى السعودية والإمارات
لقد شهدت الإقتصادات الإقليمية نمواً متسارعاً في الفترة الواقعة بين 2011 – 2014 والذي كان مدفوعاً بشكل أساسي بأسعار النفط مع كون القطاع المصرفي أكبر المستفيدين من هذه الطفرة الإقتصادية.
ووفقاً لتقرير مفصل أعدته شركة الماسة كابيتال، كانت بعض المجالات الرئيسية التي ساهمت في تعزيز الميزانيات العمومية للمقرضين في المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة هي انتعاش الدخل غير الأساسي، وهو نمو قوي في الإئتمان الذي يقوده الاستثمار إلى جانب ارتفاع عدد السكان. كما تحسنت أيضاً أرباح رأس المال بشكل كبير نتيجة لودائع القطاع العام مما أدى بدوره إلى تحسن نسب رأس المال للمقرضين. وجاءت كل هذه المكاسب في ظل زيادة السيولة من الحكومات المعنية إلى النظام، وهي خطوة قامت بحماية القطاع المالي الإقليمي من الأزمة المالية لعام 2009.
كما لعبت أيضاً عائدات البترودولار والسياسات الصارمة والاستراتيجية التي اتخذتها البنوك المركزية دوراً رئيسياً في ضمان بقاء الاستقرار المالي للاقتصادات الثلاث قوياً وقادراً على الاستمرار.
وحسب خبراء الماسة كابيتال لا يزال القطاع المصرفي الإقليمي يحافظ على المقرضين المحليين حيث لا يزال وجودهم عبر الحدود يواجه قيوداً صارمة على الترخيص بالنسبة للمصارف الأجنبية. لكن مع ازدياد المنافسة تشهد المصارف المحلية توسعاً متسارعاً في القطاع.
وعلى الرغم من ازدهار الاقتصاد لايزال القطاع المالي يواجه بعض التحديات التي تتمثل في تضخم في العجز. كما شهدت بعض القطاعات الاقتصادية الرئيسية نمواً بطيئاً نتيجة لتراجع النشاط الإقتصادي بشكل رئيسي.
وتتمثل أحد التحديات الرئيسية في انخفاض أسعار النفط، والتي ما زالت تمارس الضغط على إيرادات الحكومة، ونتيجة لذلك يبقى الإنفاق الحكومي تحت بؤرة التركيز بشكل خاص لأنه لا يزال متوازياً مع الرؤية الإقليمية طويلة الأمد.
كما كانت هنالك أيضاً ردود أفعال متباينة حول قرار الحكومة بسحب الودائع وإصدار كمبيالات بالعملة المحلية بهدف تمويل العجز. وعلى الرغم من أن هذه الخطوة ساعدت القطاع المصرفي على الصمود حتى عام 2015 إلا أنها استنزفت السيولة من النظام.
المعروض المالي
بقي المعروض النقدي تحت الضغط مع استمرار التباطؤ في النمو. وازدادت السيولة المحلية الخاصة (M2) في دول مجلس التعاون الخليجي بمقدار نقطة ونصف لتقف عند 2.2٪ عام 2016 مقارنة بـ 3.7٪ خلال العام السابق.
ومن جانبه بقي معدل النمو السنوي المركب ثابتاً عند 8.3% بين عامي 2011 و 2016 و 5.4% بين عامي 2013 و 2016. ويشير التباطؤ في دورة خلق الأموال إلى حجم التباطؤ وأثر أسعار النفط على بيئة السيولة في المنطقة.
ووفقا لتقرير الماسة كابيتال، يمكن أن يعزى التباطؤ في نمو المعروض النقدي إلى الودائع ذات الصلة بالحكومة. ويشير التقرير أيضا إلى أن هذه الودائع آخذة في التباطؤ منذ عام 2014 حتى مع استمرار الحكومة في استخدام الاحتياطيات الداخلية في محاولة لتمويل النفقات.
ومن بين الدول كانت قطر الأكثر تضرراً من جراء أزمة السيولة وذلك نتيجة لتراجع أسعار النفط وانخفاض الودائع الحكومية بينما كانت المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة أكثر اللاعبين المهيمنين في المنطقة حيث سجلتا نمواً بنسبة 3.3٪ و 3.6٪ على التوالي.
احتياطي النقد الأجنبي
سجلت المملكة العربية السعودية أعلى انخفاض في احتياطي النقد الأجنبي بنسبة بلغت 27٪ حيث انخفض من 724.3 مليار دولار أمريكي في عام 2014 إلى 528.6 مليار دولار أمريكي في عام 2016، وسجلت قطر انخفاضاً بنسبة 26.5٪ خلال عامين حيث انخفض من 42.7 مليار دولار أمريكي في عام 2014 إلى 31.4 مليار دولار أمريكي في عام 2016.
كما ذكر تقرير الماسة كابيتال أنه وعلى الرغم من تراجع احتياطيات النقد الأجنبي المسجلة للجزء الأكبر من عام 2016، فقد سجلت كل من الإمارات والكويت زيادة في احتياطييها من النقد الأجنبي خلال العامين الماضيين بنسبة 10.2% و 6.4% على التوالي.
يشير التقرير أيضا إلى أنه على الرغم من أن حالة السيولة في المنطقة لا زالت في مرحلة التعافي خلال الأرباع الثلاثة الماضية من العام، إلا أنها لا تزال ضعيفة وتشكل مصدر قلق للبنوك المركزية.
لكن من المتوقع أن تتلاشى التدابير المؤقتة المعتمدة، حيث تستخدم الحكومات الأموال لتخفيف العجز الناجم عن الانخفاض المستمر في أسعار النفط.
التغلغل في القطاع المصرفي
ما زال مجلس التعاون الخليجي يشهد قطاعا مصرفياً قوياً مع ازدياد التغلغل منذ عام 2011 ويرجع ذلك بكل رئيسي إلى بيئة اقتصادية كلية قادرة وأسعار طاقة مزدهرة وأسعار فائدة مقبولة.
وبلغت نسبة قروض دول مجلس التعاون الخليجي إلى إجمالي الناتج المحلي ونسبة الودائع إلى إجمالي الناتج المحلي في عام 2016 84٪ و 85٪ على التوالي وهو مؤشر واضح على أنه من المرجح أن يزداد إجمالي التغلغل المصرفي على المدى المنظور مع استمرار نمو الاقتصادات.
كما تسير الأصول المصرفية باتجاه النمو وستكون مدفوعة بشكل أساسي بنشر الإئتمان حيث تواصل البنوك تقديم القروض للقطاعين العام والخاص لدعم النشاط الإقتصادي الأوسع.
أداء المصارف
استمر الأداء في القطاع المصرفي بتحقيق نمو مطرد حيث بلغت نسبة البنوك التي تخضع للمراجعة أكثر من 90٪ من إجمالي الأصول.
ومن بين البنوك البارزة التي ظهرت في المراكز العشرة الأولى بنك الكويت الوطني حيث بلغ حجم الأصول 80.7 مليار دولار أمريكي أي ما يمثل حصة سوقية بنسبة 3.8٪ وبنك الرياض بقيمة 58 مليار دولار أمريكي في حجم أصول التي تمثل حصة سوقية تبلغ 2.7٪.
وبحسب التقرير فقد ارتفع إجمالي أصول بنوك دولة الإمارات العربية المتحدة بمعدل نمو سنوي مركب نسبته 10.2 % من 1.202.3 مليار درهم في عام 2007 إلى 2.610.8 مليار درهم في عام 2016. وقد تسارع بشكل عام نمو أصول البنك بعد الزيادة التي شهدها عام 2013 حيث تزايدت بهوامش مثيرة للإعجاب خلال السنوات الثلاث الماضية. وقد سجل متوسط النمو الشهري في عام 2016 0.4 %.
الصفقات الإقليمية المكتسبة
اجتذبت منطقة مجلس التعاون الخليجي على مدى أكثر من عقد عدة صفقات رئيسية مع أكثر الصفقات ربحاً بين عامي 2006 و 2016. و تم خلال هذه الفترة تسجيل ما مجموعه 69 صفقة تقدر قيمتها بأكثر من 27 مليار دولار أمريكي.
وقد بقيت سنة 2016 الأكثر ربحاً من حيث القيمة حيث سجلت 14869 مليون دولار من صفقتين فقط.
ودائع العملاء
على الرغم من تراجع أسعار النفط، إلا أن ودائع العملاء قد ارتفعت في دولة الإمارات العربية المتحدة بمعدل نمو سنوي مركب بلغ 9.1% من 716 مليون درهم إماراتي إلى 1,562.9 مليار درهم إماراتي عام 2015.
وأشار تقرير الماسة كابيتال إلى أن ودائع القطاع العام قد سجلت نمواً من 72.8% عام 2014 إلى 76.5% عام 2016. وارتفعت مساهمة ودائع القطاع الخاص في قاعدة الودائع الشاملة من 23.9% عام 2010 إلى 27.2% عام 2014.
ويمتلك بنك أبوظبي الأول (FAB) أعلى حصة من ودائع العملاء مع نسبة 30.4% يليه بنك الإمارات دبي الوطني (ENBD) مع نسبة تتجاوز 16%، ثم بنك أبوظبي التجاري (ADCB) مع أكثر بقليل من 10%.
الخدمات المصرفية الإسلامية
يواصل القطاع المصرفي الإسلامي بتسجيل نمو مثير للإعجاب مقارنة مع الخدمات المصرفية التقليدية. حيث واصلت الخدمات المصرفية الإسلامية، حتى خلال عام 2016 الذي اتسم بالبطء، بالتفوق إلى حد كبير على أداء المقرضين التقليديين الوطنيين والدوليين.
والسبب في ذلك هو دعم المؤسسات بأنظمة استباقية وزيادة الإدراك حول التمويل الإسلامي بالإضافة إلى تبني منتجات الشريعة على نطاق أوسع وخاصة في مجال التجزئة.
ولقد قدر أن الأصول المالية في عام 2016 في دولة الإمارات العربية المتحدة تمثل نحو 30% من النظام، وهذه زيادة ملحوظة مقارنة بنحو 20% عام 2010. وقد تحقق هذا بشكل رئيسي بفضل النمو المتسارع للنوافذ الإسلامية التي استحوذت من خلالها المصارف التقليدية على حصص سوق إضافية وعملاء جدد على مر السنين.