احتجاجات واسعة للفلاشا في إسرائيل.. فمن هم؟
يشهد عدد من مفترقات الطرق الرئيسية في أنحاء إسرائيل منذ بداية يوليو تظاهرات واعتصامات ينظمها آلاف الإسرائيليين من أصل إثيوبي وأنصارهم، بعد أن قتل شرطي بالرصاص شابا إسرائيليا من أصل إثيوبي.
وفيما يلي نظرة سريعة على الإسرائيليين من أصل إثيوبي أو ما يطلق عليهم الفلاشا، وطريقة تعامل إسرائيل معهم منذ إعلان قيام الدولة عام 1948.
البدايات
الفلاشا هم المهاجرون من إثيوبيا أو الذين ينحدرون من أولئك الذين هاجروا من إثيوبيا إلى إسرائيل، ويطلق عليهم اسم “بيتا إسرائيل” وتعني جماعة إسرائيل، وباختصار هم يهود الحبشة، أو اليهود الفلاشا الذين تم نقلهم سرا في ثمانينيات وتسعينيات القرن العشرين، ويقدر عددهم بنحو 130 ألف.
واليهود الفلاشا لا يتمتعون بنفس حقوق التعليم والوظائف، في المجتمع الإسرائيلي حديث التشكل، الذي يعاني من مشاكل انقسام عرقي وديني حادة.
والفلاشا، إلى جانب اليهود الشرقيين عموما، لطالما رفعوا أصواتهم ضد التمييز العنصري الذي يتعرضون له في إسرائيل، وكانت من أبرز الحوادث العنصرية الاعتداء على جندي من أصل إثيوبي، وكذلك إلقاء أحد المراكز الطبية الإسرائيلية بدم تبرعت به نائبة من أصل إثيوبي في الكنيست في القمامة.
الحكومات ترفض الفلاشا
ووفقا للمسؤول في الوكالة اليهودية يعقوب وينشتاين، الذي زار إثيوبيا عام 1949، وطالب بالاستعجال بهجرة يهود إثيوبيا، فإن الحكومة الإسرائيلية في ذلك الوقت عارضت هذا المطلب، بزعم أن اليهود المهاجرين يحملون أمراضا وراثية معدية، لكن الحكومة نفت ذلك لاحقا بعد تعرضها لانتقادات شديدة اللهجة.
ورفض معظم رؤساء وزراء إسرائيل، وعلى رأسهم ديفيد بن غوريون وموشيه شاريت وليفي إشكول وغولدا مائير، هجرة اليهود الإثيوبيين الجماعية إلى إسرائيل، ووصل الأمر، في بعض الأحيان، إلى إبعاد من وصلوا إلى إسرائيل بالفعل خلال تلك الأعوام بحجة أنه لا ينطبق عليهم “قانون العودة” وأنهم “نصارى”.
ونبعت معارضة المسؤولين الإسرائيليين لهجرة اليهود الفلاشا إلى إسرائيل من موقفهم الديني.
لكن في عام 1975، قبل رئيس الوزراء الإسرائيلي إسحاق رابين بتطبيق “قانون العودة” عليهم، وبدأت الهجرة الجماعية في الفترة بين عامي 1979 و1990، إذ وصل 16 ألف يهودي إثيوبي إلى إسرائيل، في أكثر من عملية سرية عرفت واحدة منها باسم “عملية موسى”، وتلتها “عملية سليمان” بين عامي 1990 و1991.
تفشي الفقر والجهل
القادمون إلى إسرائيل عبر الهجرات الجماعية كانوا في غالبيتهم من الفقراء والأميين، كما كانوا يفتقدون المهارات الأساسية في الأعمال والمهن، وبلغت نسب البطالة بينهم في وقت من الأوقات حوالي 80 في المائة.
وفي عام 2005، بلغ معدل البطالة بينهم حوالي 65 في المائة، فيما ظلت نسبة كبيرة منهم تعيش في مناطق معزولة عن باقي اليهود الأشكناز والسفارديم.
وأظهرت دراسة في العام 2012 أن معدل دخل اليهودي من أصل إثيوبي أقل بنسبة 30-40 في المائة من دخل فلسطينيي 1948، الذين هم بدورهم يشتكون من العنصرية والتمييز.
في عام 2012 عينت إسرائيل ولأول مرة في تاريخها سفيرة لها من أصول إثيوبية لتكون مبعوثتها الدبلوماسية إلى إثيوبيا.
انتشارهم وتوزيعهم
نظرا للتمييز العنصري ضدهم، فإن اليهود من أصل إثيوبي ينتشرون في مناطق محددة داخل إسرائيل، كما ينتشرون في بعض المناطق والمستوطنات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية.
ووفقا لبعض الدراسات، فإن أكبر تجمع للإسرائيليين من أصل إثيوبي في الضفة الغربية المحتلة يوجد في مستوطنة كريات أربع قرب الخليل.
كذلك ثمة تجمع لهم بالقرب من صفد في الجليل الأعلى داخل الخط الأخضر، كما يتركز عدد من اليهود الإثيوبيين في مدينة عسقلان.
بالإضافة إلى ذلك يتوزع عدد من هؤلاء في تجمعات استيطانية حول القدس مثل راموت وبيت مئير وتلة زئيف.
العنصرية ضدهم
وتتسم معظم هذه التجمعات ببيئتها الفقيرة، وارتفاع معدلات البطالة، وفقدان جزء كبير من الخدمات التي تتمتع بها المدن الإسرائيلية التي يقطنها “اليهود البيض”، وفقا للوصف الذي أطلقه عليهم اليهودي من أصل عراقي شلومو معوز، الذي طرد من عمله في شركة استثمارات، عام 2012، لأنه هاجم التمييز العنصري الذي تعرض له.
وقال معوز، بحسب خبر نشر في صحيفة الشرق الأوسط في يناير 2012،:”إن التمييز ضد اليهود الشرقيين ما زال قائما. والنخبة الأشكنازية ما زالت مسيطرة على المجتمع الإسرائيلي ومفاتيحه القيادية”.
وفي العاشر من يناير 2012، اقتحم نحو 3 آلاف إسرائيلي من أصل إثيوبي مقر الكنيست، احتجاجا على العنصرية ضدهم، بعد الكشف عن رفض تجمعات لليهود البيض في جنوب إسرائيل بيع أو تأجير بيوت لليهود الإثيوبيين.
ورفع المتظاهرون شعارات قالوا فيها: “دمنا الأحمر يصلح فقط للحروب”، و”وجوهنا سود ولكن قلوبنا بيضاء، وأنتم وجوهكم بيض ولكن قلوبكم سوداء”، و”نتانياهو.. متى ستستنكر العنصرية؟”
وقال أحد المتظاهرين في ذلك الوقت: “أن تكون إثيوبيا في إسرائيل يعني أن تكون منبوذا، ومستضعفا، وموضع شك”.
وعندما اقتحم المتظاهرون مبنى الكنيست، صرخت وزيرة الاستيعاب في ذلك الحين، صوفا لاندفار، الروسية الأصل، قائلة: “يجب على الإثيوبيين أن يشكروا دولة إسرائيل لأنها جلبتهم إلى هنا”، الأمر الذي أثار موجة احتجاج أكبر.