البعثة الدولية لمتابعة الاستفتاء على التعديلات الدستورية تؤكد نزاهة عملية الاستفتاء على الدستور المصري ٢٠١٩
أشادت البعثة الدولية المشاركة في متابعة الإستفتاء على التعديلات الدستورية بنزاهة عملية الاستفتاء على التعديلات الدستورية التي شهدتها الساحة المصرية مؤكدة أنها بشكل عام كانت متوافقة مع المعايير الدولية المتعارف عليها للاستفتاءات الحرة والنزيهة، وملتزمة بالأطر الدستورية والقانونية المنظمة، وأن نتائجها تعبر إلى حد كبير عن إرادة المصوتين المصريين، ورغم تسجيل البعثة لبعض الملاحظات والمخالفات، إلا أن هذه المخالفات لا ترقي لدرجة الطعن في نتائج الاستفتاء، لكنها تبقي مخالفات وملاحظات مهمة يجب أخذها بعين الاعتبار من أجل تحسين جودة العمليات الانتخابية وعمليات الاستفتاءات العامة خلال المرحلة المقبلة .
وكانت البعثة قد شاركت بوفد قوامه 69 شخصًا ، زاروا وقيموا العملية في 14 محافظة مصرية، حيث يضم التحالف 4 منظمات “دولية ومحلية من ثلاث قارات وهي منظمات إيكو” من اليونان، ومنتدى جالس من أوغندا، ومنظمة متطوعون بلا حدود من لبنان، بالإضافة لمؤسسة ماعت للسلام والتنمية وحقوق الإنسان من مصر.
خلال أيام الاستفتاء الثلاث زار متابعي البعثة الدوليين عدد 330 مقر اقتراع وسجلوا ملاحظاتهم وشاركوها مع غرفة العمليات الرئيسية ، وأصدرت البعثة 7 بيانات صحفية خلال أيام الاستفتاء .
وبشكل محدد فإن البعثة ارتأت أن تسجل ملاحظاتها وتقييمها المبدئي للعملية في ثلاث محاور أساسية وهي
أولا :- الإطار الإجرائي والمؤسساتي والتنظيمي للاستفتاء على التعديلات الدستورية
تشير البعثة – وقياسا على مشاهداتها السابقة في الانتخابات المصرية منذ عام 2011 حتى الآن – إلى أن عملية إجراء الاستفتاءات والانتخابات العامة في مصر تشهد تطورا نوعيا من حيث البيئة القانونية والمؤسساتية ، وهو تفعيل النصوص الدستورية المتعلقة بإنشاء الهيئة الوطنية للانتخابات ، وإتاحة العناصر البشرية اللازمة لها ، ونعتقد ان الهيئة ككيان أصبحت تمتلك خبرات جيدة ساعدتها على تدارك مشكلة ضيق المدى الزمني بين موافقة البرلمان على التعديلات وبين طرحها للاستفتاء .
فقد كان مطلوبا من الهيئة خلال وقت قصير أن تجهز وترتب لإجراء التصويت على التعديلات خارج مصر وداخل مصر، وحكمها في ذلك المناسبات والأعبيد القومية والدينية للشعب المصري ، ومع ذلك تمكنت من إدارة العملية بكفاءة وخلقت تناغما بين إجراءات الإشراف وإجراءات التامين وتنظيم عملية المتاعبة الدولية والمحلية وتوفير كافة اللوجيستيات المطلوبة .
وسعيا نحو المزيد من التقدم والجودة في هذا المحور، فإن البعثة الدولية المشتركة توصي الهيئة الوطنية للانتخابات بالنظر في إنشاء فروع إقليمية ثابتة لها بالمحافظات المصرية ، والعمل على التعاون مع الجامعات ومنظمات المجتمع المدني وشركاء التنمية الدوليين في تبني برنامج تدريبي علمي مخطط لتجهيز اعداد كافية من الكوادر الوطنية القادرة على المشاركة في إدارة لجان الاقتراع بكفاءة وحيادية ونزاهة.
كما تشيد البعثة بإجراءات التأمين التي وفرت أجواءا مناسبة لممارسة الحق في التصويت دون معوقات .
أيضا رصدت البعثة تأخر فتح بعض اللجان في عدد من المحافظات لحين وصول القضاة خاصة في اليوم الثاني من أيام التصويت ، فيما التزمت غالبية مراكز ولجان الاقتراع في مواعيد فتح اللجان واستقبال المواطنين المشاركين في التصويت.
ثانيا :- طبيعة المشاركة ودوافعها
وفقا لتقديرات البعثة فإن معدلات المشاركة قد تزيد عن 35% من اعداد الناخبين المقيدين بجداول الاقتراع ، وهي نسبة تحتاج إلى كثير من الجهد لتحسينها في المستقبل ، ونعتقد أن منظمات المجتمع المدني والإعلام والنظام التعليمي الرسمي وغير الرسمي والأحزاب السياسية يجب أن تلعب دورا مهما في هذا الاتجاه ، لذا فإننا ننصح بضرورة تبني أطر قانونية وسياسات داعمة تساعد على قيام هذه المؤسسات بدورها في التوعية والتربية السياسية والحث على المشاركة .
في غالبية اللجان التي زارتها البعثة وكذلك معظم ما تلقته غرفة العمليات من إفادات لم تلحظ البعثة ما من شانه التأثير الكبير والجوهري على ممارسة الحق في التصويت ، وحق كل ” مستفتي ” في أن يكون قناعته ويعبر عن إرادته ، إلا أننا نود ان نسجل بان هناك يعض المخالفات التي تم رصدها أمام عدد من مقار الاقتراع والمتمثلة في دعوة المستفتين للمشاركه من خلال مكبرات الصوت والسيارات المتحركة والتي يمكن ان تفسر علي انها توجيه للمصوتين ..
وعلي جانب اخر خالف البعض مبدآ سريه التصويت باستخدام الموبيل وتصوير بطاقه الاقتراع او التصويت دون استخدام الساتر
من الملاحظات ذات الدلالة في هذا المحور كثافة مشاركة النساء بمعظم المحافظات ، وهو ما قد يشير إلى ما تضمنته التعديلات من رفع نسبة تمثيل النساء في المجالس النيابية المنتخبة إلى 25% من إجمالي عدد الأعضاء ، كما يتسق ذلك مع مشاهدات سابقة في مرحلة ما بعد 25 يناير 2011 ، إلا أننا نسجل هنا استمرار ضعف المشاركة الشبابية المنظمة ، خاصة أن الاستفتاء جاء متزامنا مع فترة امتحانات نهاية العام للجامعات المصرية.
ثالثا :- الإطار السياسي لعملية الاستفتاء
رصدت البعثة وجود تضارب بين القوى السياسية فيما يتعلق بموقفها من تعديلات الدستور ، ولكن الملاحظ أن دعوات المشاركة كانت هي القاسم المشترك بين المؤيدين والرافضين للتعديلات ، حيث شجع الفريقين أنصارهما والمواطنين بشكل عام على المشاركة بالإدلاء بالصوت مع التوجيه نحو الخيار الذي يعبر عن موقف كل حزب أو فصيل سياسي ، وكانت منصات التواصل الاجتماعي ساحة رئيسية للحشد والتعبئة ، إلا أن الفعاليات الجماهيرية على الأرض شهدت نشاطا من المؤيدين والداعمين للاستفتاء ، بينما اكتفت معظم القوى المعارضة بمخاطبة المواطنين من خلال المنصات الإلكترونية .
ويمكن أن تتفهم البعثة السياق السياسي للاستفتاء ، خاصة أن التعديلات تتناول جوانب مرتبطة بمدد الرئاسة وبحقوق المرأة في التمثيل بالمجالس النيابية وباستحداث غرفة برلمانية لم تكن موجودة في دستور 2014 ، وكان
واوضح أن المواقف السياسية من الاستفتاء جزء من المواقف السياسية للقوى الحزبية من السلطة الحالية بشكل عام ، وترى البعثة أن ذلك دفع غالبية الناخبين نحو إبداء رأيهم في التعديلات بما يتوافق مع موقفهم من السلطة أكثر من توافقه مع قراءتهم وتحليلهم للتعديلات في حد ذاتها .
وأوصت البعثة في هذا المحور بضرورة قيام القوى الحزبية والسياسية في مصر بالانفتاح بدرجة أكبر على الجمهور العام ، والتعامل مع منصات التواصل الاجتماعي على أنها وسيلة للتواصل مع الجمهور ، ولكنها ليست الوسيلة الوحيدة في هذا الشأن ، ومن الأمور المشجعة على ذلك ملاءمة وجودة الإطار القانوني المنظم لعمل الأحزاب بمصر ، وكذلك كثرة عدد الأحزاب المسجلة رسميا والتي تزيد عن 100 حزب سياسي تغطي تقريبا كافة الرؤي الأيديولوجية المتعارف عليها في العمل السياسي الحزبي .
وتقدمت البعثة بالشكر إلى كل الأطراف المصرية التي يسرت سبل مشاركتها في متابعة الاستفتاء الدستوري الأخير ، وتؤكد على أنطباعتها الإيجابية المتعلقة بمجريات عملية الاستفتاء، وتشيد بالإجراءات التنظيمية والأجواء الأمنية التي تم فيها الاستفتاء .
ودعت البعثة كافة القوى السياسية والحكومية وغير الحكومية المصرية إلى ضرورة الاستفادة من الزخم الذي أحدثته التعديلات الدستورية والاستفتاء عليها في توسيع ومأسسة الممارسة الديمقراطية والانفتاح بشكل أكبر على الجماهير العامة والعمل على تعزيز الوعي العام والتثقيف السياسي بما يؤدي إلى مزيد من المشاركة في المستقبل.
كما دعت البعثة الهيئات المعنية خاصة الهيئة الوطنية للانتخابات والبرلمان المصري بضرورة أخذ ملاحظات وتوصيات البعثة بعين الاعتبار خاصة فيما يتعلق بتعزيز التطور المؤسسي للهيئة وتطوير النظم القانونية الحاكمة بما يساهم في محاصرة والحد من أي مخالفات .