«البنك الدولي»: نؤيد توجه الكويت لإقرار حزمة الإصلاحات الاقتصادية
أعرب مدير مكتب البنك الدولي في دولة الكويت الدكتور فراس رعد عن تأييد البنك للخطوات التي تقوم بها الحكومة ومجلس الأمة الكويتيان نحو إقرار حزمة متكاملة من الإصلاحات لما لها من أهمية بالغة في تحقيق الغايات التنموية المنشودة في البلاد.
وقال رعد في لقاء مع وكالة الأنباء الكويتية «كونا» اليوم إن الحزمة الحالية وفق ما أعلنه نائب رئيس الوزراء ووزير المالية ووزير النفط بالوكالة أنس الصالح تضم إصلاحات متعددة على المديين القصير والمتوسط وتشمل مجالات السياسة المالية والتخصيص وريادة الأعمال وسوق العمل وبيئة الاستثمار والأعمال.
وأكد أهمية هذه الإصلاحات الاقتصادية بغض النظر عن مستوى أسعار النفط العالمية «لأنها ضرورية في إعادة رسم دور القطاع العام في الحياة الاقتصادية الوطنية وتهيئة الدولة والمجتمع للتعاطي ضمن بيئة إقتصادية جديدة غير مبنية على النفط على المدى البعيد لاسيما أن هبوط أسعار النفط في الأونة الأخيرة يزيد من أهمية الإسراع في تنفيذ مثل هذه الإصلاحات نحو التحديث الاقتصادي».
وأعاد التأكيد على موقف البنك الدولي من مسألة ترشيد الدعوم «والقائم على اعتبارات عدة أولها المبدأ العام الذي يؤمن به البنك بأن الإنفاق العام على الدعوم – إن وجد – يجب أن يوجه نحو مؤازرة أفراد يستحقون تلقي هذا الدعم وليس نحو دعم سلع أو خدمات في المطلق إذ تشير معظم التجارب الدولية إلى أن السياسات الداعمة للسلع والخدمات لا تفيد الطبقات الاقتصادية الأقل حظا بقدر ما تفيد الطبقات المتوسطة والعليا وهذا الواقع لا يخدم غاية العدالة الاجتماعية».
وأضاف رعد أن الاعتبار الثاني يكمن في أن للدعوم تأثيرا سلبيا على إيرادات الميزانية العامة وتهدد الاستدامة المالية للدولة على المدى البعيد وهذه الحقيقة مثلا حفزت دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية في الأشهر الأخيرة على اتخاذ خطوات تصحيحية لمعالجة هذا الوضع.
وأشار إلى أن «العجز المقدر في ميزانية الكويت للسنة المالية المقبلة هو نحو 40 مليار دولار أمريكي «الدولار يساوي 300ر0 دينار كويتي» وفق تصريحات وزارة المالية الكويتية وهذا المبلغ سيشكل عبئا إضافيا جديدا على الدولة الكويتية ولا يمكن تغطيته إلا من خلال الاقتراض أو السحب من الاحتياطي العام».
وعن الاعتبار الثالث ذكر أن الدعوم تساهم في نشوء سلوكيات غير صحية في المجتمع عبر تشجيع الإسراف فضلا عن أن لدعم مشتقات النفط آثارا سلبية على البيئة والاكتظاظ المروري بسبب الاستهلاك المتزايد للمركبات.
وعن التشريعات الاقتصادية في الكويت أفاد رعد بأن البنك الدولي يؤيد السير قدما نحو إقرار جملة من القوانين الاقتصادية الجديدة منها قوانين الضريبة المضافة والضريبة على الأرباح وقانون المناقصات العامة وقوانين الإعسار.
وبين أن البنك الدولي عمل منذ عام 2011 مع جهات حكومية عدة بشأن قوانين الإعسار لاسيما وزارة التجارة والصناعة وهيئة تشجيع الأستثمار المباشر وإدارة الفتوى والتشريع للتحضير لقانونين جديدين يخصان موضوع الإعسار حفاظا على حقوق الدائنين و تشجيعا للاستثمار المباشر في الاقتصاد الكويتي.
وقال إن القانونين هما «قانون إعادة هيكلة وتصفية المنشآت التجارية» و«قانون إعادة هيكلة المديونيات الطوعية» مشيرا إلى أن البنك الدولي سيعمل على مساعدة الحكومة الكويتية في تحضير قانونين اضافيين في هذا الإطار هما «قانون المعاملات المضمونة» و«قانون الاستعلام الائتماني».
وأكد رعد أن هذه التشريعات الاقتصادية الجديدة إلى جانب خطوات اقتصادية أخرى «مثل إنشاء النافذة الواحدة والسريعة لتسجيل الشركات وتحديث المنظومة الجمركية وتسريع الدورة المستندية» ستعمل على تحديت بيئة الأعمال والاستشمار في الكويت مما ينعكس إيجابا على حركة الاستثمار وخلق فرص العمل في القطاع الخاص الكويتي.
وذكر أن سياسة التوظيف العام هي بمنزلة آلية لإعادة توزيع الثروة النفظية على المواطنين في الكويت وأدت إلى وجود نحو 90 في المئة من المواطنين في القطاع العام.
وبين أن معالجة هذا الوضع غير المستدام يحتم على الكويت إجراء إصلاحات في سوق العمل وحث المواطنين على الدخول في صفوف القطاع الخاص واستحداث آلية جديدة لإعادة توزيع الثروة الوطنية على المواطنين.
وأكد رعد أهمية دور الصندوق الوطني لرعاية وتنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة في هذا المجال من خلال مبادراته الحالية لخلق منظومة بيئية لدعم ريادة الأعمال في الكويت.
وعن أهم القطاعات لتنويع مصادر الدخل في الكويت التي يمكن الاستفادة منها مستقبلا أفاد رعد بأن هناك قطاعات اقتصادية واعدة في الكويت يمكن التعويل عليها بما فيها القطاع التجاري واللوجستي إضافة إلى قطاع الصناعات الخفيفة وقطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة خصوصا المشاريع الرائدة في مجال التكنولوجيا الحديثة والمعلومات والاتصالات.
وقال إن المولى عز وجل حبا الكويت عبر التاريخ بنعم عديدة أهمها القيادة الحكيمة والرشيدة والترابط الاجتماعي خلف هذه القيادة علاوة على الأمن والاستقرار والموقع الجغرافي والثروة النفطية التي ساهمت في تأسيس الكويت الحديثة التي ضخت استثمارات جمة في مجال البنية التحتية والتنمية البشرية لتحتل الكويت مكانة تنموية متقدمة بين الدول العربية في العقود الأولى بعد الاستقلال.
وأشار إلى أن الكويت عملت بنجاح على تنويع أنشطتها واستثماراتها في قطاع النفط داخل البلاد وخارجها وسجلت قصة نجاح اقتصادية كبيرة في العقود الماضية عبر هيكلة القطاع إلى شركات متخصصة ومعنية بكل المراحل من الإنتاج والتكرير والنقل والبيع والمنتجات الثانوية «البتروكيماوية» حيث تمتلك شركة البترول الكويتية العالمية استثمارات ناجحة في العديد من دول العالم لاسيما أوروبا.