الحكومة المصرية تطلق حملة جديدة تدفع المواطنين للحد من الزيادة السكانية بعنوان «2 كفاية»
اطلقت الحكومة المصرية حملة جديدة تدفع المواطنين للحد من الزيادة السكانية، بعنوان «2 كفاية» تهدف للوصول لمعدل إنجاب طفلين لكل أسرة عام 2030.
واستخدمت الحملة في وجهها الإعلاني شخصية فلاح مصري من الصعيد يُدعى «أبو شنب»، لديه عدد كبير من الأبناء، لكنه يفشل في الإنفاق على تعليمهم، ولا يجدهم في وقت الشدة، ليكتشف أن «السند مش في العدد»، في دحض لما استقر في الشخصية المصرية لعقود من أن «كثرة الأبناء عزوة».
واتخذت الحملة طابعاً كوميدياً يبعد عن الوعظ في تنظيم النسل، إذ اعتمدت على الممثل المصري الكوميدي أكرم حسني، الذي اشتهر بشخصية «أبو حفيظة». وجسّد في الحملة شخصية «أبو شنب»، مستعيراً لحناً شهيراً لمايكل جاكسون They really don’t care about us»» أو «إنهم حقاً لا يعيروننا اهتماماً» من أجل أغنية الحملة، مما جعلها تلقى رواجاً عبر مواقع التواصل في الأيام الماضية، بواقع 18 مليون مشاهدة للفيديو عبر صفحة الحملة على موقع «فيسبوك».
واعتبر حسني، الذي لم يتقاضَ أجراً على الحملة، أن مشاركته في الحملة تأتي في ظل اقتناعه الشخصي بالقضية، مضيفاً في تصريحات تلفزيونية: «الأفضل إنجاب طفل أو طفلين والاستثمار فيهما من الإنجاب دون مراعاة حاجة الأبناء».
تأتي الحملة التي ترعاها وزارة التضامن الاجتماعي في الوقت الذي يشدد فيه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي على أن الزيادة السكانية خطر يواجه مصر، في مناسبات عدة، مثل حديثه بمؤتمر الشباب بالإسكندرية في يوليو (تموز) 2017 قائلاً: «موضوع الزيادة السكانية أعتبره تحدياً… فأكبر خطرين يواجهان مصر في تاريخها هما الإرهاب والزيادة السكانية، لأنها تقلل فرص مصر في أن تتقدم للأمام».
واختارت الحملة شخصية الصعيدي، بسبب كثافة الإنجاب في محافظات جنوب مصر مقارنة بالوجه البحري، وفقاً للمتحدث باسم وزارة التضامن الاجتماعي محمد العقبي، الذي صرّح لـ«الشرق الأوسط» بأن الحملة تستهدف 10 محافظات، 9 منها في الصعيد، ومحافظة البحيرة في الشمال، لأنها المحافظات الأعلى خصوبة وكثافة سكانية، وكذلك الأكثر فقراً بالجمهورية.
وتأتي الحملة ضمن استراتيجية حكومية من أجل الحد من الزيادة السكانية، التي تهدف إلى توعية السكان، من خلال الحملة الإعلانية، وكذلك تفعيل عيادات طبية تستقبل النساء لتنظيم الحمل، بواقع 50 عيادة في المحافظات، وزيارات طرق أبواب للأسر، من خلال رائدات ريفيات يُسهِمن في التوعية، بميزانية نحو مليوني جنيه مصري، وبمساعدة 100 جمعية أهلية من المجتمع المدني، وفقاً للعقبي.
واعتمدت الحملة الإعلانية على استبيانات سابقة من نساء ورجال في الصعيد، وبحسب العقبي فإن «سباق السلايف» أو المنافسة بين زوجات الأشقاء على الإنجاب سبب رئيسي للحمل المتكرر، وبالتالي الزيادة السكانية، فضلاً عن مفاهيم مثل «الأولاد سند» و«ربط الزوج بالأطفال».
من جهته، اعتبر سعيد صادق أستاذ علم الاجتماع السياسي في الجامعة الأميركية بالقاهرة أن الحملات الإعلانية لمواجهة الزيادة السكانية هي إحدى الوسائل التي تتخذها الدولة من أجل الحد من هذا الانفجار، الذي يصل لأكثر من مليوني مولود جديد في العام الواحد، مشيراً إلى أن الأزمة هي أن موارد مصر لا تتناسب مع هذا العدد الضخم.
وأضاف صادق لـ«الشرق الأوسط» أن صعوبة هذه الحملات هي الاصطدام بعادات وموروثات في الطبقة الفقيرة بمصر، مثل «الطفل يأتي برزقه»، إذ اعتبر صادق أن الطبقات العليا والمتوسطة أقرب للتنظيم والاكتفاء بطفل أو اثنين لتعليم ورفاه أفضل له، لكن الأزمة في الطبقات الأفقر. ويضرب صادق مثالاً على ذلك: «منذ أيام شاهدنا مواطنةً مصريةً تدفع بابنها من (البلكونة)، لأنها لا تملك نقوداً لكسر الباب وإصلاحه… الفيديو لاقى رواجاً. لكن لماذا سيدة وزوجها ينجبان 4 أطفال في ظل أوضاع فقرهما؟!».
وتسعى تلك الحملات للتأثير في تلك الطبقة الدنيا، ويفسر هذا النهج لماذا تتخذ الحملات دوماً شخصيات من الريف المصري أو الصعيد.
وعمدت حملات سابقة لاستهداف النساء والرجال من أجل الحد من الزيادة السكانية، ومن أشهرها إعلان «الراجل مش بس بكلمته… الراجل برعايته لبيته وأسرته»، الذي ظهر في التسعينات لأب أنجب عدداً كثيراً من الأطفال، لكنه يُخطئ في أسمائهم، وحملة «بالخلفة الكتير… بتهد حيلك وجوزك يروح لغيرك».
جدير بالذكر أن عدد سكان مصر يبلغ 98 مليوناً و219 ألف نسمة، وفقاً للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في يناير (كانون الثاني) الماضي، وبلغ عدد المواليد 2.5 مليون مصري عام 2017 فقط، وعدد الوفيات أقل من نصف مليون، أي بزيادة ما يقارب من مليوني نسمة كل عام