الرضاعة الطبيعية تحمي أطفال الأم المصابة بـ«كورونا»
كشفت دراسة إيطالية أجريت على نطاق صغير عن أن «الأمهات المصابات بـ(كوفيد – 19) عند الولادة قد يساعدن في تحفيز مناعة أطفالهن المزدهرة ضد الفيروس عن طريق الرضاعة الطبيعية».
ومن المعروف أن حليب الثدي يحتوي على بعض الأجسام المضادة للأم التي يمكن أن تساعد في حماية الأطفال من العدوى مع تطور جهاز المناعة لديهم. وتوضح الدراسات أن هذا ينطبق على فيروس «كورنا المستجد» أيضاً، فحليب الثدي من الأمهات المصابات بـ(كوفيد – 19) أو اللائي تم تطعيمهن ضده، يحتوي على أجسام مضادة للفيروس. وتقدم الأجسام المضادة التي تنتقل من الأم إلى الطفل، سواء في الرحم أو عن طريق الرضاعة الطبيعية، ما يسمى بالحماية المناعية «السلبية»، حيث تقوم الأجسام المضادة للأم بالحماية بينما يتطور الجهاز المناعي للطفل.
وتشير الدراسة الجديدة المنشورة بدورية «جاما» في 3 نوفمبر (تشرين الثاني) إلى أن «الرضاعة الطبيعية بعد الإصابة بـ(كوفيد – 19) قد تساعد أيضاً في تحفيز استجابة مناعية (أكثر نشاطاً) عند الأطفال. ووجد الباحثون أنه بحلول عمر شهرين، احتوى لعاب الأطفال الذين يرضعون من الثدي على أجسام مضادة معينة موجهة ضد بروتين «سبايك» الذي يمنح فيروس «كورونا المستجد» شكله التاجي الشهير. وتقول كبيرة الباحثين الدكتورة ريتا كارسيتي، من مستشفى «بامبينو جيسو» للأطفال في روما بإيطاليا: «لقد أظهرنا لأول مرة أن الأم يمكنها أيضاً تحفيز الاستجابة المناعية النشطة لحديثي الولادة من خلال نقل المركبات المناعية للمستضد والأجسام المضادة».
ولا تظهر النتائج ما إذا كانت هذه الأجسام المضادة في اللعاب توفر للرضع حماية إضافية ضد المرض إذا واجهوا الفيروس. وتقول الدكتورة تينا تان، أستاذة في طب الأطفال في جامعة نورث ويسترن في شيكاغو ومتحدثة باسم جمعية الأمراض المعدية الأميركية، إنه «من الممكن أن تساعد هذه الأجسام المضادة في الدفاع ضد الفيروس الذي وصل إلى عين الطفل أو أنفه». لكن تان قالت إن «أفضل طريقة لنقل الأجسام المضادة الواقية إلى الأطفال هي عن طريق التطعيم أثناء الحمل، حيث تعبر تلك الأجسام المضادة المشيمة وتصل إلى دم الجنين».
وفي بداية الوباء، لم يكن أحد يعرف ما إذا كان من الممكن للأمهات المصابات بـ(كوفيد – 19) نقل الفيروس إلى أطفالهن عن طريق حليب الأم. وأظهرت الأبحاث اللاحقة أن الأمر لم يكن كذلك، وتشجع الإرشادات الأمهات المصابات بـ(كوفيد – 19) على مواصلة الرضاعة الطبيعية (أو البدء في الرضاعة الطبيعية بعد الولادة)، رغم اتخاذ الاحتياطات مثل ارتداء القناع.
وتضمنت الدراسة الحالية 22 مولوداً جديداً ولدوا لأمهات ثبتت إصابتهم بفيروس «كورونا المستجد» عند الولادة، وتم اختبار إصابة رضيع واحد فقط بالعدوى بعد الولادة مباشرة. ووجد فريق كارسيتي أنه «في عمر شهرين، أظهر الأطفال الذين رضعوا رضاعة طبيعية أجساماً مضادة لبروتين (سبايك) في لعابهم، ولم يكن ذلك موجوداً بالنسبة للأطفال الذين تمت تغذيتهم من حليب صناعي حصرياً».
وعندما اختبر الباحثون عينات حليب الثدي للأمهات، وجدوا أن «جميعها تحتوي على الأجسام المضادة مع بروتين (سبايك) المرتبط بها، وكانت المستويات مرتفعة بشكل خاص بعد يومين من الولادة». وذكرت الدكتورة لوري فيلدمان وينتر، أستاذ طب الأطفال في كلية كوبر الطبية بجامعة روان في كامدن بنيوجيرسي بأميركا، أن «الدراسة مهمة لأنها أول دليل على أن الرضاعة الطبيعية يمكن أن (تحفز بنشاط) جهاز مناعة الرضيع لإنتاج الأجسام المضادة اللعابية ضد الفيروس». وتضيف «حليب الأم معروف بالمشاركة في برمجة جهاز المناعة لدى الرضيع خلال الأيام القليلة الأولى من الحياة، ووجدنا أن حليب الأمهات بعد الإصابة بـ(كوفيد – 19) ينشط الجهاز المناعي لأطفالهن لإنتاج أجسام مضادة لعابية خاصة بـ(كوفيد – 19)، في حين أن الرضع الذين يتغذون بالحليب الاصطناعي لم ينتجوا هذه الاستجابة».
وتقول كارسيتي إن «الأبحاث جارية، لتأكيد النتائج الحالية ولمعرفة ما إذا كان الأطفال المولودون لأمهات تلقين اللقاحات يظهرون أيضاً علامات على أن أجهزتهم المناعية قد تم تحفيزها بنشاط ضد الفيروس». وأشارت كارسيتي إلى أنه عندما يتم تطعيم النساء الحوامل، فإن أجسامهن المضادة تنتقل عبر المشيمة.