الشال : هناك أعدادا ضخمة من الهيئات الحكومية في الكويت معظمها لا يعمل
قال تقرير الشال الأسبوعي ان القرار الصائب هو القرار الذي يجمع بين سلامة المحتوى وسلامة التوقيت، يفقد محتوى القرار نجاعته إذا سبق، أو تأخر كثيرا، عن توقيته السليم، والكويت بلد الفرص الضائعة، كان لديها محتوى لخطط وقرارات سليمة، وآثرت تأجيلها حتى بلغ الوضع ما هو عليه حالها الآن.
وقد لا ينفع التباكي على ماض فات، ولكن المؤشرات تؤكد أن حال ضياع الفرص ما زال على ما هو عليه رغم ضغوط الواقع غير المسبوقة، ومنذ 5 ديسمبر 2020، وهي مصابة بحالة من الشلل التام.
واحد من الأمثلة، كان تأخر تشكيل مجلس إدارة الهيئة العامة للاستثمار أكثر من 3 أشهر في زمن تعاني فيه الكويت من شح قاس للسيولة، وفي زمن تتعرض فيه أسواق المال لحالة من الانتعاش مصحوبة بحالة من ارتفاع كبير لمخاطرها.
وتسري شائعة بأن مجلس إدارة الهيئة العامة للاستثمار لا يجتمع حاليا حتى لا تشوب قراراته شبهة بطلان بسبب الاستقالة المعلقة لرئيسه، أي وزير المالية وزير دولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار، وقد لا يصدق تعليق الاجتماعات، ولكن، تظل المالية والاستثمار والاقتصاد مراكز الأولوية لاهتمامات البلد في وضعها الحالي، ومن غير المقبول جمودها وهي تحت مظلة وزير مستقيل.
وهناك إشاعة أخرى قد تفوق في أهميتها مثالنا الأول، وهي إبداء محافظ بنك الكويت المركزي رغبته في عدم التجديد له، وهي إن صدقت خسارة كبرى، فبنك الكويت المركزي ضمن مؤسسات نادرة محترفة حافظت على أمانتها ومهنيتها.
وما لم تكن الإشاعة غير صحيحة، نأمل في بذل جهد حقيقي لثني المحافظ عن قراره، فإلى جانب الوضع الاقتصادي والمالي الحرج للبلد بما يضاعف من متطلبات حصافة السياسة النقدية، هناك متغيرات كبيرة سوف تطول النظام المالي العالمي بسبب تبعات الجائحة، وتحتاج إلى مهنية واستقرار عاليين لبنك الكويت المركزي لفهمها ومواجهة متطلباتها.
أما إذا كان قراره محسوما، فلا بد من عمل استثنائي لضمان استمرار الجهاز الفني للبنك، ولا بد من انتقاء مبكر لبديل محترف من أجل انتقال آمن للمسؤوليات، ومن أجل التعرف وطمأنة جهاز بنك الكويت المركزي الفني على كفاءة قيادته الجديدة.
والبنوك المركزية عالم وثقافة مختلفان، ولا يصلح لإدارتها حتى اقتصادي مختص من دون تهيئة للإلمام والتشبع بهما، ولعل قراءة سيرة فولكر أو غرينسبان أو برنانكي أو ماريو دراغي أو كريستين لاغارد تفي بالغرض.
ونأمل ألا تصدق الإشاعة في الحالتين، أي توقف وزير المالية عن ممارسة مهامه وتجميد اجتماعات مجلس إدارة الهيئة العامة للاستثمار، أو إشاعة عزوف محافظ بنك الكويت المركزي عن الاستمرار، رغم عدم نفيهما، ولكنها حالات محتملة، وغيرها كثير، ولا بد من تغيير منهجية التفكير، والقرار لدى الإدارة العامة لاستباق الأحداث والمتغيرات المؤثرة قبل حدوثها.
الكويت تمتلك هيئات حكومية ضخمة.. معظمها لا يعمل!
ذكر تقرير «الشال» الأسبوعي أن هناك أعدادا ضخمة من الهيئات الحكومية في الكويت، معظمها لا يعمل، يصاحبها عسر مالي لمواجهة احتياجات الناس الضرورية، وأمام واقع جديد لن يسعف فيه سوق النفط في المستقبل للتغطية على خطايانا المالية والاقتصادية.
لذلك، لا يمكن لأي مشروع إصلاح اقتصادي أو مالي النجاح إذا تعامل مع واقع حجم الحكومة الحالي غير المستدام على أنه مستدام، وما لم يشمل الإصلاح التخلص بالتصفية أو بالدمج لغالبية تلك الهيئات، لن يكون هناك إصلاح.
والمؤكد أن لتلك الخطوات الإصلاحية تكلفة سياسية، ولكنها تكلفة تكبر مثل كرة الثلج إن تأخرت مواجهتها، وما دامت البلد تعيش وقتا قصيرا من انفراج في سوق النفط بسبب اختناقات سوق النقل، ومع بعض التغيير في وظيفة احتياطي الأجيال القادمة، ستكون تكلفة الإصلاح عالية، ولكن في أدنى مستوى لها مقارنة مع أي وقت في المستقبل، وعلاج الانتشار السرطاني لتلك الهيئات، من أولويات الإصلاح المنشود.