المصريون في المرتبة 11 في تصنيف أكثر العرب أماناً لعام 2021 مع نظرة مستقرة نسبيا لعام 2022#مصر
تحسن ترتيب المصريين في تصنيف أكثر الشعوب العربية أماناً لهذا العام 2021 مقارنة بتصنيف 2020. وحلّ المصريون في المرتبة الحادية عشرة بدلا من المرتبة الثانية عشرة العام الماضي. ويعزى هذا التحسن لأسباب مختلفة أغلبها مرتبطة بتحسن مضطرد للأمان الوظيفي وطفرة في الاستثمارات استطاعت تقليص نسبة البطالة بشكل كبير وفي وقت وجيز.
وصنفت مصر كبيئة مستقرة مع تحسن ملحوظ لمؤشرات الازدهار وغياب التهديدات المحدقة وتراجع مخاطر الارهاب مع نظرة مستقبلية مستقرة لعام 2022.
ورغم تحديات جائحة فيروس كورونا اعتبرت مصر الدول العربية الوحيدة الذي سجل اقتصادها نموا على عكس حالة العجز الذي عرفته أغلب بقية الدول العربية بسبب ظروف قيود الجائحة وركود الاقتصاد العالمي وخاصة في مجال التبادل التجاري.
وانخفضت مخاطر الاضطرابات والاحتجاجات بشكل لافت في هذا العام، حيث زاد تدخل الدولة في دعم الإصلاحات الهيكلية للاقتصاد رغم زيادة التدخل السياسي في الاقتصاد. ورغم اللجوء أحيانا للحلول الأمنية في رفع التحديات والمخاطر، الا ان نسبة التعايش والسلم المجتمعي في تحسن.
ورغم إدارة مصر وان بكفاءة محدودة لجائحة فيروس كورونا وتداعياتها، الا أن وتيرة التطعيم تبقى بطيئة ومقلقة حيث لم تشمل سوى نحو 19 في المئة فقط من السكان[1].
يبقى وضع مصر في خارطة الدول المسببة للتلوث من متوسط الى مقلق. لكن تبقى مؤشرات مصر باعثة للقلق في مجالات محاربة الفساد ومؤشر التقدم الاجتماعي[2]. حيث تعتبر مصر متأخرة جدا في رفع تحديات الفساد الى جانب وجودها متأخرة في الترتيب العالمي للتقدم الاجتماعي[3] ما يعني وجود مشاكل مختلفة مرتبطة بجودة التعليم[4] والتمتع بالخدمات الأساسية والاندماج المجتمعي. الى ذلك يبقى مؤشر الحريات الفردية[5] بين المجالات التي تحتاج الى زيادة التحسين.
تعتبر بين أهم الوجهات السياحية المفضلة للزوار القاصدين العالم العربي، تعتبر وجهة آمنة نظرا لتحسن مؤشرات الامن الداخلي. وبفضل ذلك تحسن تصنيف مصر في مؤشر السلام الدولي من 136 العام الماضي الى 126 هذا العام[6]. على صعيد آخر، رغم تعزز الأمن الداخلي في مصر، تبقى معدلات الجريمة مقلقة. وعلى الرغم من بعض الاحتجاجات التي تتجدد من حين الى آخر، يبقى مستوى العنف في مصر متوسط بفضل صرامة الامن ومحدودية انتشار السلاح، اذ يمتلك فقط نحو 4.1 في المئة من المصريين أسلحة خفيفة.
ورغم الإصلاحات الضخمة للمؤسسات والبنى التحتية التي تقوم بها الحكومة المصرية، تبقى إشكالية البنية التحتية وخاصة السكك الحديدية احدى اهم المخاطر التي أودت في أكثر من حادثة بضحايا مدنيين وأغلبها جراء تصادم قطارات او نتيجة مشاكل فنية في السكك أو في القطارات نفسها. ولأجل علاج هذه المشكلة، اقتنت الحكومة المصرية عشرات القطارات الجديدة وقامت بمشروعات اصلاح هيكلي للسكك الحديدية.
بشكل عام، يمثل خطر العنف والاضطرابات السياسية في مصر المحرك الرئيسي لتصنيف المخاطر في البلاد، مع تقلص عدد الصراعات خاصة بين قوات الامن والحركات الإسلامية المتطرفة والسياسية وهو ما يولد مظاهر عنف من حين لآخر في عدد من أنحاء البلاد.
كما لا تزال المخاطر القانونية والتنظيمية والبيروقراطية عالية. ويعزى ذلك بشكل رئيسي إلى محدودية نجاعة المؤسسات التنظيمية ومدركات الفساد التي تعمل الدولة على محاربته، وكلاهما يقلل من فعالية الحوكمة. الا ان مصر قد تقبل على مستقبل أكثر أمانا مدفوعا بنمو تمت ملاحظته في الفترة الأخيرة، حيث يواصل الاستثمار الأجنبي ونمو الصادرات القوي دعم آفاق النمو الاقتصادي، وهو ما قد يقلص عوامل التوتر الاجتماعي الداخلي.
وبالمقارنة مع تصنيف 2020، توسع مفهوم الأمان ليشمل محددات جديدة، بموجبها تغير ترتيب عدة دول عربية حيث استند تصنيف (csrgulf) في إصداره السنوي الثاني لهذا العام “دليل أكثر الدول العربية أماناً”، الى دراسة مؤشرات مختلفة بلغت 15 مؤشرا وكلها متداخلة مع دراسة ”واقع الأمان الشامل للمواطنين في 2021” مع نظرة مستقبلية لعام 2022. وأهم المحددات الجديدة المعتمدة ضمن مؤشرات أخرى لتقييم حالة الأمان في تصنيف هذا العام برزت مؤشرات الاستجابة للجائحة (حجم الوفيات[7] ونسب التطعيم[8]) وأيضا المتغيرات المناخية المرتبطة بتقييم المناطق الصديقة للبيئة والأقل تضررا من الاحتباس الحراري والأكثر تميزا بجودة الهواء الصحي[9]. وكلها مؤثرة في تقييم جودة حياة المواطن العربي.
بالإضافة الى المؤشرات التقليدية التي تقيس الفوارق بين حالة أمان الشعوب كدرجة التهديدات الأمنية ومدى الانكشاف على المتغيرات والمخاطر الجيوسياسية والكوارث الطبيعية ومدى هشاشة أو قوة حالة الاستقرار الداخلي على المستوى السياسي والاجتماعي والاقتصادي فضلاً عن دور مؤشرات التنمية البشرية[10] والتحول الرقمي خاصة في منظومة التعليم وتحسين جودته حيث تم الاخذ بعين الاعتبار مؤشر جودة التعليم عن بعد كإحدى مجالات التي ميزت تفاوت قدرة الدول في التكيف مع قيود الجائحة بالإضافة للتباين في توفير ضمان الأمن الغذائي الذي يعتبر أكثر المجالات التي تأثرت بالوباء، فضلاً عن قياس واقع الحريات الفردية وجهود دمقرطة الأنظمة التي تشمل دراسة نجاعة دولة المؤسسات وحالة انفاذ القانون والمساواة في تطبيقه، مع ادراج مؤشرات أخرى كحجم دخل الأفراد[11] ونسبة البطالة[12].
التصنيف اكتفى بدراسة مؤشرات 20 دولة عربية واستند بالإضافة الى المؤشرات المذكرة على دراسة مؤشرات الأمن والإرهاب والجريمة والسلامة، فضلاً عن رصد المتغيرات السريعة للأحداث في العالم العربي خلال 2021 ودراسة سياسات الحكومات الاقتصادية والاجتماعية والتي لديها تداعيات على أمن المواطنين بالإضافة لدراسة واقع مدركات الفساد وارتباطه بمدى تطبيق القانون والإفلات من العقاب ومدى ترسيخ المحاسبة والمسائلة والشفافية والنزاهة وتقلص البيروقراطية. ومثلت زيادة خطر العنف والاضطرابات السياسية في أجزاء من العالم العربي المحرك الرئيسي لتصنيف المخاطر العامة والداهمة وقياس درجة الأمان التي يحظى بها كل شعب في بلده.
ورغم أنها تقع في منطقة محاطة بمناطق نزاع وتوتر، اكتسحت شعوب الخليج صدارة التصنيف ليس بفضل ملائة حكوماتها المالية فقط وانما بفضل سياسات الدعم الاجتماعي وتنمية خدمات رفاه المواطن وتحسين اندماجه في مجتمع المعرفة. ورغم التحسن الملحوظ في جهود التنمية والبناء والتطوير في القدرات البشرية والبنى التحتية لاستشراف تحديات المستقبل وتحسين رفاه المواطن، الا أن أغلب الدول الخليجية تواجه تحديات تلوث مقلق خاصة على مستوى المدن والعواصم التي تشكو من تركز تلوث هوائي مقلق[13]. وقد يكون التلوث الهوائي والاحتباس الحراري أبرز تحديات الحكومات الخليجية مستقبلا وخاصة المتعلقة بتحويل عواصمها المنكشفة على مخاطر تلوث عالية الى مناطق صديقة للبيئة.
في تصنيف هذا العام، حافظ القطريون للعام الثاني على المرتبة الأولى كأكثر الشعوب العربية أمانا لعام 2021 مع نظرة مشرقة لعام 2022، كما حافظ الاماراتيون عل المرتبة الثانية مقارنة بتصنيف العام الماضي. وارتفع ترتيب الكويتيين الى المرتبة الثالثة مقارنة بالمرتبة الرابعة العام الماضي، وتقدم ترتيب البحرينيين الى المرتبة الخامسة في حين تراجع ترتيب العمانيين الى المرتبة الخامسة، وتأخر السعوديون بمرتبة فقط الى الترتيب السادس، في حين حافظ الأردنيون على المرتبة السابعة مقارنة بتنصيف 2020، وتقدم المغربيون الى المرتبة الثامنة وأيضا الجزائريون الى المرتبة التاسعة مقارنة بالمرتبتين التاسعة والعاشرة على التوالي في التصنيف السابق. التونسيون تأخروا في ترتيب هذا العام الى المرتبة العاشرة، في المقابل تقدم المصريون مرتبة الى الترتيب الحادي عشر.
الموريتانيون لم يحافظوا على ترتيبهم للعام الماضي، حيث تأخروا بمرتبة واحدة في ترتيب هذا العام الى المرتبة الثانية عشرة، أما العراقيون فقد قفزوا في الترتيب من 17 العام الماضي الى 13 هذا العام، كما قفز أيضا ترتيب الليبيين في تصنيف 2021 مقارنة مع تصنيف 2020 بنحو 6 مراتب الى المرتبة الرابعة عشرة، وبدورهم شهد اللبنانيون تراجعا في ترتيبهم ليحلوا في المرتبة الخامسة عشرة هذا العام، أما الفلسطينيون فقد تراجع ترتيبهم الى المرتبة 16 هذا العام مقارنة بتصنيف العام الماضي. في المقابل تحسن ترتيب السوريين هذا العام بحلولهم في المرتبة 17 مقارنة بالمرتبة 18 في تصنيف 2020. السودانيون تراجع ترتيبهم بشكل ملحوظ أيضا من المرتبة 15 في التصنيف الماضي الى المرتبة 18 هذا العام. أما الصوماليون واليمنيون فقد حافظوا على الترتيب نفسه لعام 2020 حيث حل الصوماليون في المرتبة قبل الأخيرة وتذيل اليمنيون تصنيف هذا العام.
واعتمد تصنيف هذا العام على نحو أكثر من 15 مؤشرا رئيسياً ومؤشرات فرعية، وتركز التقييم على منح أولوية لمؤشرات جديدة مقارنة بالمؤشرات المتبعة في التصنيف الماضي. أغلب المؤشرات الجديدة التي تضمنها التصنيف مرتبطة بمدى الاستجابة للجائحة على جميع المستويات وتداعياتها على حياة المواطن فضلاً عن قياس مؤشر التهديدات الأمنية من خلال مؤشر السلام العالمي[14] والتهديدات المناخية من خلال مؤشر انبعاثات غازات ثاني أكسيد الكربون[15] وتركز التلوث[16] ونسبة تلوث الهواء[17]، وصولاً الى قياس مؤشرات التنمية البشرية[18] والتعليم[19] وكفاءة التعليم عن بعد[20]، بالإضافة الى المؤشرات التقليدية المتبعة لتصنيف الأمان وهي متعلقة بجودة حياة الأفراد والاندماج المجتمعي والتعايش والتقدم الاجتماعي[21]، وتعتمد على رصد مؤشرات الازدهار والدخل[22] والحريات الفردية[23] والديمقراطية[24] والجريمة[25] مع قياس مؤشرات جهود فرض القانون ومحاربة الفساد[26]. حيث يتضح ارتباط وثيق بين مدركات الفساد وتعزز أو تقلص مؤشرات جودة حياة الفرد واتجاهات الفقر والبطالة[27] والجريمة[28]. بالإضافة الى قياس مدى تأثير الاستقرار الداخلي من خلال مؤشر الهشاشة[29].
وأصبح مؤشر الأمان يشمل عوامل كثيرة متداخلة وذات أبعاد أشمل من مجرد ربطه بالمخاطر الأمنية أو الاستقرار السياسي، حيث أن الأمن القومي يشترط تعزز أغلب المؤشرات المذكورة في جدول المؤشرات المعتمدة لتصنيف تغير درجة أمان الشعوب العربية. كما أن الأمن الغذائي والطاقي والبئي والمائي وتطور التعليم والحريات والديمقراطية ومحاربة الفساد كلها مؤشرات حيوية لا يكتمل تصنيف حالة الأمان بدونها.
وتواجه بعض الدول العربية خاصة المنتجة للطاقة تحديات ضخمة تتعلق بإقامة توازن بين تحقيق تقدم اجتماعي ورفاه وتنمية بشرية حقيقية وخلق مجتمعات متكافئة ومتطورة دون زيادة انبعاثات غازات الاحتباس الحراري عن المستويات المستدامة. البحث على العلاقة بين انبعاثات غازات الاحتباس الحراري (GHGs) والتقدم الاجتماعي يضمن مستقبل مستدام لأجيال الغد. في هذا الصدد قد تضطر دول متفوقة في مؤشرات التقدم الاجتماعي مثل قطر والبحرين على سبيل المثال لخفض انبعاثاتها بأكثر من 30 طناً للفرد[30].
بشكل عام شهدت شعوب بعض الدول العربية دوناً عن غيرها بعض الظروف الاستثنائية خلال عام 2021 أثرت على حالة الامن والأمان وخاصة المتعلقة بالاستقرار الاقتصادي والسياسي[31] والتي أثرت سلباً بدورها على تردي جودة حياة المواطن وعززت مؤشرات عدم التفاؤل بالنظر خاصة لضعف الاستقرار السياسي والاقتصادي أو لضعف الاستجابة لأزمة الجائحة او لتطلعات المواطنين خاصة لمطالب العمل والدعم الاجتماعي.
وأثرت الأزمة الصحية على تعميق الاختلالات المالية لأغلب الحكومات العربية، حيث شهد مواطني الدول محدودة الدخل ضغوطا أكثر من نظرائهم في دول أخرى إزاء سياسات تقلص دعم السلع الاستهلاكية وتضخم الأسعار مقابل تراجع فرص العمل وزيادة نسب البطالة تزامنا مع ضغوط سياسات التقشف والتخفيض من سياسات الدعم الاجتماعي. وهو ما فاقم ظاهرة التهميش التي تعاني منها شريحة الشباب أكثر من غيرها، حيث ان متوسط نحو 60 في المئة من الشباب[32] عاطلين عن العمل في الدول العربية محدودة الدخل.
وسببت زيادة البطالة بفعل قيود الجائحة في بعض من الدول في ظهور نزعات احتجاجية ومزيد من العنف والجريمة[33]كتعبير عن تردي الوضع المعيشي خاصة بالنسبة للأسر الفقيرة او محدودة الدخل، وهو ما فاقم من ظاهرة الفقر في العالم العربي، اذ من المرجح أن 16 مليون عربي دخل دائرة الفقر منذ 2019[34].
وقد أثر التفاوت الكبير في الاستجابة للجائحة في تعميق الفوارق في حصيلة ضحايا فيروس كورونا بين الدول[35]، وزيادة انكشاف المواطنين على خطر محدودية الرعاية الصحية. كما تعرضت وتيرة تعليم شعوب كثيرة في العالم العربي الى الاضطراب بسبب قيود الجائحة وعدم توفر البنية التحتية الرقمية لتأمين التعليم عن بعد.
وقد تمكنت بعض الحكومات العربية التغلب على ظروف جائحة كورونا وتداعياتها بتوفير ظروف الصحة والرفاه والازدهار لشعوبها، فعلى سبيل المثال حافظت دولة قطر على ازدهار بيئة التعايش والرخاء والرفاه طيلة مدة الجائحة المستمرة الى اليوم، وهي تشترك في ذلك بالتناصف مع الامارات والكويت، حيث تعتبر بيئة هذه الدول بالإضافة الى دول أخرى متقدمة عن غيرها من بقية الدول العربية خاصة محدودة الدخل في توفير عوامل الرفاه للمواطن حتى في ظل الأزمات والكوارث.