تحقق رؤية “كويت جديدة” بحاجة لجيل جديد من الكويتيين
تحقق رؤية “كويت جديدة” بحاجة لجيل جديد من الكويتيين
المهارة: التأشيرة الوحيدة “لكويت 2035”
نقص في الكفاءات التي يمكنها تولي مناصب إدارية ومهنية في مجالات المعلومات والمعرفة
مشروع “جزر الكويت” يحفز نمو الثروات الفردية
بطالة الكويتيين تتراجع بداية من عام 2021
تعزيز مستوى التعليم دعامة لزيادة تفريخ اثرياء المستقبل في الكويت والخليج
الكفاءة في العمل ملحّة مستقبلا لرفع تحدي المنافسة وزيادة التصدير وجذب المستثمر الأجنبي
تحديات ضخمة تقف أمام نجاح الرؤية التنموية المستقبلية لدولة الكويت المعروفة بـ (كويت جديدة 2035). ولعل أبرز هذه التحديات تتمثل في استمرار الحاجة الملحة لإنجاز تغيير سريع في ثقافة العمل والإدارة واصلاح التعليم ليتواكب مع وتيرة استكمال المشاريع التنموية المخطط لها. وفضلا عن ذلك يبرز بطء الاستعداد الحكومي والخاص للتكيف مع التغير الاقتصادي المستقبلي المنشود ضمن رؤية “كويت جديدة”.
فرؤية الكويت المستقبلية التي تتضمن مشروعات غير تقليدية ومتنوعة وغير معتمدة على النفط ومحفزة للذكاء والتكنولوجيا تبدو بأمسَ الحاجة لكفاءات ومهارات غير تقليدية متوفرة اليوم في سوق العمل بشكل محدود لا يخدم هدف تسريع تنفيذ المشاريع وادارتها، وقد يكون ذلك سبباً غير مباشر قد يؤخر من آجال تفعيل رؤية أمير الكويت “كويت جديدة 2035″، والتي يشرف على إنجازها نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع الشيخ ناصر صباح الأحمد رئيس فريق تحقيق الرؤية الأميرية لكويت المستقبل. وبذلك يبدو تعزيز الموارد البشرية الماهرة أمرا حيويا لتحقيق رؤية الكويت في آجالها. وعلى إثر ذلك تبدو الحكومة ومؤسسات القطاع الخاص مطالبة أكثر من أي وقت مضى بتسريع رفع كفاءة اليد العاملة في السوق المحلية وتغيير عقلية العمل الوظيفي الروتيني.
وعلاوة على تحدي الموارد البشرية، تبرز تحديات بطء تنويع الاقتصاد والتقليص من الاعتماد على النفط، الى جانب محدودية التسهيلات المقدمة للمستثمر الأجنبي، فضلاً عن محدودية إدارة التغيرات البيئية المستقبلية (نقص موارد المياه، زيادة التصحر، وزيادة تأثر الكويت بالاحتباس الحراري) كأهم عوائق قد تؤثر على وتيرة تقدم انجاز جل المشاريع المخطط لها. بالإضافة الى ذلك تبرز التحديات الجيوسياسية وأبرزها استمرار التوتر الدفين في العلاقات بين دول منطقة الشرق الأوسط.
وفي حال التغلب على التحديات المطروحة، قد تستفيد الكويت من تحقق الرؤية بزيادة الانفتاح على الاقتصاد العالمي ضمن المنطقة الحرة المخطط لها من خلال بوابة التجارة والسياحة والأعمال وجذب رؤوس الأموال الأجنبية والتي من شأنها أن تعزز بيئة عمل تنافسية وتحفز أكثر مبادرات الاعمال وتزيد من حجم الثروات وعدد الأثرياء.
وحسب ورقة بحثية قام بها مركز الشرق الأوسط للاستشارات السياسية والاستراتيجية (MenaCC) فان مشروع جزر الكويت من شأنه أن يحفز نمو الثروات الفردية للكويتيين وغير الكويتيين الذي يتملكون مهارات في الإدارة والتكنولوجيات الحديثة. كما ان تعزز التنافسية المستقبلية للاقتصاد الكويتي في ظل رؤية 2035 سيساعد على خلق جيل جديد من الكويتيين المهرة والقادرين على خلق ثروات فردية بفضل توقع زيادة فرص الاستثمار في التجارة وسياحة الاعمال أمام رواد المشاريع والقطاع الخاص.
التقرير التفصيلي:
يتوقف نجاح رؤية الكويت الجديدة التنموية على تطبيق اشتراطات عاجلة يجدر توفرها قبل افتتاح المشاريع العملاقة المخطط لها على المدى القريب والمتوسط. وتتمثل أهم هذه الاشتراطات في تسريع اصلاح التعليم وخلق ثقافة عمل تنافسية قائمة على الابداع والمهارة حتى تواكب متطلبات المرحلة المقبلة التي تخطط لكويت المستقبل بفكر وتحديات جديدة ومختلفة عن الكويت الحالية والقديمة خصوصا من ناحية علاقة الفرد بالعمل والادارة والتعليم.
وبرفع كفاءة الخريجين في المستقبل قد تتمكن الكويت من حسن ادارة مشاريعها الضخمة ورفع مستوى تنافسية خدماتها ومنتجاتها التي تستهدف الأسواق الاقليمية والدولية. كما سيتيح خيار زيادة الانفتاح على الأسواق الدولية والاستثمار الأجنبي تحد جديد يتمثل في رفع مهارات جودة العمل واتقان اللغات الأجنبية، والذي يبدو مؤشره متدن في الكويت. ومع مشاركة واعدة وكبرى للقطاع الخاص والمبادرات الشبابية في صنع تنمية الكويت المستقبلية غير النفطية، من المتوقع نمو حجم الثروات الفردية وارتفاع عدد الأثرياء لتصبح الكويت في ركب المنافسة مع جيرانها في مؤشر تنافسية بيئة الاعمال وصنع الثروات وتحفيز الفرص والأطر التشريعية الداعمة للاستثمار الخاص والمبادرات الشبابية. ومع استمرار تنفيذ المشاريع التنموية، من المرتقب أن تتقلص نسبة البطالة بين الكويتيين مع بداية 2020، ومن المتوقع أن تتراجع بنحو 50 في المئة انطلاقا من عام 2021[1].
وأظهرت تجارب عالمية وإقليمية أن نموذج الاستثمار في المناطق الحرة بالتوازي مع إحداث نهضة في التعليم وتعزيز جودته، يعتبر نمطاً استثمارياً واعداً يجتذب المستثمرين ويساعد على خلق بيئة محفزة لمبادرات الأعمال وخصوصاً في القطاعات المرتبطة بالتكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، وهو ما يحفز نمو الثروات الفردية ما ينعكس إيجاباً على زيادة عدد الأثرياء واستقطابهم.
وعلى غرار تجارب سابقة في منطقة الخليج، فان المشاريع التنموية ضمن رؤية الكويت المستقبلية والتي تضمنت انشاء منطقة حرة مع خلق بيئة تعليمية واستثمارية محفزة، من المرجح أن تساعد مثل هذه المشاريع على تحسين كفاءة الخريجين ورفع مستوى مهاراتهم، وهو ما يساعد على زيادة تعزيز مبادرات الأعمال الفردية والجماعية، ويدعم بدوره تسارع نمو الثروات الفردية والأسرية ما يترتب عنه ارتفاع عدد الأثرياء والمليونيرات.
وبالمقارنة بين دول الخليج، فان كل من الامارات وقطر والسعودية والبحرين التي تصدرت مؤشرات جودة التعليم استطاعت أن تستفيد من هذه الإصلاحات الإيجابية لتدفع بجيل جديد متعلم من المبادرين الذين حقق بعضهم ثروات فردية ودخل نادي المليونيرات. فتحسين جودة التعليم له أثر مباشر وغير مباشر في القرارات الاستثمارية وفي المشاريع المدرة للأرباح. فالإمارات بفضل تحسين بيئتها التعليمة وإقامة مناطق حرة تنافسية جاذبة للمستثمرين الأجانب استطاعت أن تتصدر الخليج في توليد الأثرياء والأكثر ثراء، تلتها السعودية ثم قطر فالبحرين[2]. وبرز تفوق بعض الدول الخليجية جلياً على مستوى زيادة اتاحة فرص دعم مبادرات الاستثمار المحلي والأجنبي، وهو ما دعم نجاح عشرات الأثرياء الجدد سنوياً في مراكمة ثرواتهم مستفيدين من بيئة عمل منفتحة على معايير الاستثمار التنافسية العالمية، فضلاً عن استقطاب كفاءات عالية الخبرة في الإدارة. وبذلك فان الكويت في حال التزمت بتطبيق معايير الكفاءة والتنافسية والانفتاح في رؤيتها الجديدة قد تزيد فرصها في التفوق خليجياً على المدى المتوسط في تصدر نسبة تفريخ الأثرياء الجدد من الشباب بصفة خاصة، في حال دعم مستوى تعليمي أفضل وفرصا حقيقية لبعث مشاريع مربحة وغير تقليدية. اذ أن أهم متطلبات نجاح مشروعات المستقبل توفر الكفاءة والمستوى التعليمي المناسب ونوعية الإدارة التي تشرف عليه.
نهضة تعليمية وتدريبية ملحّة
مشاريع الجزر الخمس الجديدة ومدينة الحرير التي ستمثل رؤية الكويت الجديدة في 2035، من المرجح أن تحدث نهضة اقتصادية وعمرانية وتنموية واجتماعية كبرى في البلاد. لكن هذه النهضة متوقف نجاحها على استكمال نهضة قطاع التعليم والتدريب من أجل صنع جيل جديد من الكويتيين القادرين على العمل والإدارة وفق معايير التنافسية العالمية للاقتصادات غير النفطية التي تستوجب رفع مستوى مهارات وذكاء الموارد البشرية التي ستعمل في قطاعات مرتبطة بالمجالات التكنولوجية والذكاء الاصطناعي، فضلاً عن ضرورة خلق كفاءات جديدة في مجال الإدارة الفعّالة والابتكار والابداع لكسب تحديات كبيرة تقف أمام نجاح مشاريع رؤية الكويت الجديدة. اذ أن الخدمات والمنتجات التي ستولدها المشاريع المخطط لها ضمن الجزر أو مدينة الحرير ستواجه منافسة عالية من اقتصاديات دول الجوار التي تسارع بدورها من جهود تنويع اقتصاداتها وجذب الاستثمار الأجنبي في ظل رؤى تنموية تنافس رؤية الكويت. وعلى الرغم من ضخامة مشاريع الكويت المستقبلية الا أنها تستحوذ فقط على نحو 9 في المئة من إجمالي قيمة المشاريع المخطط لها والمستمرة في دول مجلس التعاون الخليجي. وتناهز قيمة اجمالي مشاريع الكويت التنموية نحو أكثر من 225 مليار دولار[3]. وتركز هذه المشاريع على قطاع النفط والغاز بأكثر من 31 في المئة من إجمالي قيمة المشاريع، تليها 25 في المئة مخصصة لمشاريع في قطاع الخدمات و21 في المئة في قطاع الانشاءات والبنى التحتية في المناطق الحضرية[4].
تنمية المهارات الوطنية لإدارة رؤية الكويت أهم التحديات المستقبلية
يكمن أحد التحديات الكبيرة لنجاح رؤية الكويت المستقبلية في توفر العمالة الماهرة. فمن المرجح أن تستوعب الفرص التي ستوفرها مشاريع رؤية الكويت لنحو 200 ألف موظف جديد[5] خلال الخمس عشر سنة المقبلة عدد أكبر من خريجي التعليم العالي الكويتي من أصحاب الكفاءات، وستتقلص بالتالي نسب البطالة بشكل تدريجي. ومن خلال التأهيل والتدريب ستتوفر الامكانات لنسبة كبيرة من العمالة الكويتية أو غير الكويتية الحالية أن تكتسب المهارات والخبرات اللازمة التي تطلبها المشروعات عالية القيمة المضافة المخطط لها في المدى القريب. اذ أن الكفاءة في العمل ستكون ملحّة جداً لرفع تحدي المنافسة وزيادة التصدير وجذب المستثمر الأجنبي.
وان ستشهد مشاريع الكويت التنموية ادراج تكنولوجيات جديدة. لكن يبقى هناك تحد كبير في إدارة هذه المشاريع يكمن في المهارة المحدودة في السوق المحلية الكويتية. فحسب بعض الشركات العالمية التي تقوم ببعض المشاريع في الكويت فإن هناك نقص في العمالة الماهرة في السوق المحلية[6]. وللتغلب على هذا التحدي تضطر الشركات اما لزيادة استقطاب عمالة أجنبية من الخارج أو للاستعانة ببعض الشركات الأجنبية في إدارة بعض مراحل المشروع من خارج البلاد.
وتستند أهم مقومات نجاح مشروعات رؤية الكويت المستقبلية على مدى الانفتاح على الأسواق الإقليمية والدولية والانسجام مع معايير المواصفات العالمية للمنتجات والخدمات. وسيدفع مؤشر زيادة الانفتاح على العالم في جزر الكويت ومدينة الحرير الطلب على زيادة اتقان اللغات الأجنبية وخصوصاً الإنجليزية حيث أن مؤشر اتقان هذه اللغة في الكويت ما يزال متدنياً.
الى ذلك يبرز الاهتمام بالاختصاصات التكنولوجية والتجارية والصحية والبيئية والعلمية والأدبية في مرحلة “الكويت الجديدة” المقبلة. وبالتالي فان الكويت مدعوة الى زيادة استقطاب مدرسين من أصحاب الكفاءة حتى يؤثرون ايجاباً على رفع مستوى تعليم الطلبة ويسهمون في تحسين نوعية مخرجات التعليم من خلال الحرص على صناعة القدرات البشرية بأفضل السبل التربوية الممكنة والتي تلبي حاجيات السوق والاقتصاد المستقبلي.
ويتوقف نجاح “رؤية الكويت التنموية” على قدرة تنمية الكفاءات الوطنية المطلوبة لدعم تنافسية المنتجات والخدمات المحلية وتحسين مستوى الإدارة ورفع معايير الجودة. وكل هذه التحديات مرتبطة بخلق فكر جديد بين جيل الشباب الكويتيين. ويحتاج بناء الفكر الجديد تسريع حزمة من الاجراءات لبناء الفرد في المستقبل بداية من المدرسة الى الجامعة وصولاً الى المجتمع ومكان العمل. فالفكر المستقبلي يستند الى اجراءات تعزز من روح المبادرة والخلق والابداع والايجابية عند طالب المدرسة والجامعة وصولاً الى تقليص البيروقراطية الإدارية التقليدية وتعزيز التعاملات الالكترونية البديلة مع عدم اغفال تغيير ثقافة عمل المواطن بربط الفرص الوظيفية والامتيازات بدرجة الكفاءة والتميز وليس بالمحسوبية. وهذا ما سيخلق بيئة صحّية لأجيال الكويت مستقبلاً، ويمثل دعامة نجاح رؤية الكويت التنموية.
وحسب دراسة أجرتها لجنة تنمية الجزر في مجلس الوزراء الكويتي، تبيّن أن البلاد قد تكسب نحو 40 مليار دولار سنوياً بمجرد اكتمال المشاريع التنموية التي ستزيد من الفرص الوظيفية. وتحتاج الكويت خلال السنوات العشر المقبلة إلى توفير 400 ألف وظيفة منتجة، وخلال 15 سنة ستزيد الوظائف المطلوبة إلى 600 ألف وظيفة ضمن رؤية الكويت 2035[7]. وبذلك ستسهم المشاريع في تقليص معدلات البطالة الى نحو النصف بحلول عام 2030، علماً أن اتجاهات النمو الديمغرافي المحدود للكويتيين قد تزيد من تراجع معدلات البطالة بشكل أكبر في المستقبل.
الجانب التعليمي مهم في تغيير عقلية الكويتي من مستهلك الى منتج للثروة
تسعى رؤية الكويت ضمن المشاريع غير النفطية الى تعويد المواطن والمقيم على سلوك الإنتاجية بترسيخ ثقافة إيلاء الأهمية لنوعية المردود والإنتاج بقدر الحجم والكم، وذلك سيدعم شرط كفاءة العامل من اجل الاستمرار في عمله. وتستهدف بذلك رؤية “كويت جديدة” رفع الوعي الوظيفي والمردودية الفردية من خلال زيادة التخلي التدريجي عن ثقافة الإسراف في الانفاق، وبدل ذلك ايلاء الأهمية لحسن استثمار الأموال. وسيترتب عن ذلك تغير آلية تصنيف الرواتب والمكافئات اعتماداً على المجهود المبذول في التطوير والابتكار ونوعية المردودية والإنتاج والكفاءة المكتسبة من التعليم المتخصص بدل المعايير التقليدية.
ومدفوعًا بالحاجة إلى استيعاب متطلبات مرحلة مشاريع الكويت المستقبلية المعتمدة بشكل أقل على النفط، من المفترض أن يخضع قطاع التعليم في الكويت لإصلاحات كبيرة. اذ تتمثل التحديات الرئيسية في نقص المعلمين المهرة، وانخفاض جودة معايير التعليم. ويجري الآن تنفيذ العديد من الإصلاحات والاستثمارات التي تديرها الحكومة، بما في ذلك الإصلاحات التي بدأت في قطاع التعليم العام في إطار برنامج الكويت لإصلاح التعليم المتكامل ومشروع تحسين جودة التعليم المدرسي، وهي تهدف إلى المساعدة في تحسين وتعزيز التعليم الأساسي في البلاد. ومنذ عام 2014، تسعى الحكومة بنشاط أكبر إلى إشراك القطاع الخاص في التنمية، وذلك من خلال تقديم سياسات ملائمة للمستثمرين وشراكات بين القطاعين العام والخاص[8]. ومثل هذه الشراكات قد تحفز خلق بيئة تنافسية بين المدارس والجامعات لدعم فضاءات الابداع وتعويد أجيال المستقبل على الابتكار وليس الاعتماد على التلقين، فضلا عن امتلاك آليات صنع القرار والبحث عن المبادرات بدل العمل الروتيني.
وقد تسارع الإنفاق الحكومي الكويتي لتحسين جودة التعليم في السنوات الأخيرة، حيث نما بمعدل سنوي بلغ 14.4 في المئة في السنوات الأربع التي سبقت 2014/2015، وهو ما يمثل 15 في المئة من إجمالي نفقات الدولة في عام 2015، أو 2.7 مليار دينار كويتي (9 مليارات دولار). رغم ذلك تعد نسبة الانفاق أقل من متوسط الإنفاق الحكومي في دول مجلس التعاون الخليجي التي تناهز نسبة 17.5 في المئة.
وعلى الرغم من التمويل الحكومي الكبير الموجه نحو تحسين جودة التعليم، احتلت الكويت في تصنيف “تقرير التنافسية العالمية 2016-17” الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي المرتبة 98 من بين 135 دولة حول العالم من حيث جودة التعليم.
وتعد مهمة مواءمة مهارات ومحتوى المناهج الدراسية مع احتياجات سوق العمل من بين أكبر التحديات التي تواجه قطاع التعليم العالي في الكويت. وقد تفاقمت الفجوة بين احتياجات السوق وكفاءة الخريجين بسبب عدم وجود دراسات دقيقة يجري تنفيذها لقياس الاحتياجات المستقبلية للقطاعين العام والخاص، ما أدى الى الافتقار إلى خريجين ذوي خبرة في تخصصات حيوية[9].
ويعتمد التعليم في الكويت على التدريب النظري. ومع ذلك، أعطت أدبيات تنمية الموارد البشرية أهمية كبيرة لضرورة القيام بمسح ودراسة متطلبات سوق العمل عند تطوير برامج التدريب واكتساب المهارات. لذلك، ينبغي إشراك التدريب كطريقة تدريس في عملية التعلم[10].
وفيما يتعلق بانخفاض جودة التعليم في الكويت، هناك أدلة تشير إلى أن الهيكل الحالي للقوى العاملة في الكويت ليس مثالياً ويرجع ذلك في الغالب إلى قضايا مثل نوعية التعليم، وطبيعة الوظائف المتاحة، والمهارات المطلوبة. علاوة على ذلك، كان من المثير للاهتمام أن نلاحظ أن غالبية الكويتيين يعملون في القطاع الحكومي الذي يعاني من تخمة في الموظفين لأنه لا يتطلب جودة عالية من التعليم (يتم منح الوظائف بعد التخرج كما هو منصوص عليه في الدستور، مع رواتب جيدة وساعات عمل مناسبة). إضافة إلى ذلك، تشير الأدبيات إلى أن المؤسسات في الكويت لا تزال تفتقر إلى الموارد البشرية المؤهلة ذات الكفاءات المناسبة التي يمكنها تولي مناصب إدارية ومهنية رئيسية في مجالات المعلومات والمعرفة[11].
رؤية الكويت الجديدة محاولة للقطع مع البيروقراطية
تعتبر رؤية الكويت الجديدة مرحلة استباقية لزيادة اقناع العالم بأن الكويت مستقبلاً ستكون ذات طبيعة خاصة وسياسة استثمارية فريدة وناجحة. وتتمثل الخطة في تحويل الجزر إلى وجهات سياحية وترفيهية مماثلة لتلك الموجودة في البندقية في إيطاليا على سبيل المثال، فضلاً عن مجمعات تسوق ومراكز ترفيهية ومرافق أخرى على أحدث طراز. ومع فترة إتمام متوقعة مدتها 20 عاماً، تشمل أهداف المشروع إنشاء منطقة حرة شاملة وبناء منظومة عمل متطورة في محاولة لمنع البيروقراطية وتشجيع العمال الأكفاء. ومن المتوقع كذلك جذب استثمارات ضخمة من أنحاء مختلفة من العالم وتطوير منتجات وطنية، بالنظر إلى أن هذه الجزر جزء من مشروع طريق الحرير.
وحسب تصريحات النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الشيخ ناصر صباح الأحمد الصباح المشرف على تنفيذ رؤية سمو أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح «كويت جديدة 2035»[12]، فان تنفيذ المشاريع الى حين اكتمالها بات أمراً حتمياً لاسيما فيما يتعلق منها بمشروعي الجزر الكويتية ومدينة الحرير.
وتأمل الكويت في جذب ما يصل إلى 450 مليار دولار (136 مليار دينار كويتي) من الاستثمارات الأجنبية من خلال المشروعين الضخمين. وفي الوقت نفسه، تنظر دول عظمى مثل الصين الى الكويت كمحرك مهم للنمو في الدولة الخليجية. وتعد مدينة الحرير المدعومة من الصين والتي تبلغ مساحتها 250 كيلو متر مربع، والتي تصل قيمتها إلى 86 مليار دولار (26.1 مليار دينار كويتي)، محوراً لاستراتيجية الكويت لتصبح مركزًا تجاريًا وماليًا في المنطقة. وسيتم بناء المدينة على مدار 25 عامًا وتهدف إلى إعادة تحديد موقع الكويت كمركز إقليمي للاستثمار والتجارة[13].
وتكتسب منطقة المشروع أهمية كبيرة خصوصاً في فتح آفاق التعاون مع دول الجوار، إذ من المرجح أن تصبح هذه المنطقة بيئة خصبة جاذبة للاستثمار والسكن ومنطقة تجارية حرة استثنائية تخدم شمال الخليج حسب رؤية الشيخ ناصر صباح الأحمد[14]. ومن المتوقع أن مشروع استغلال الجزر سيجتذب شركات استثمارية محلية ودولية ستخضع لقوانين وتشريعات استثنائية.
المصدر : فريق مركز الشرق الأوسط للاستشارات السياسية والاستراتيجية (MenaCC)