حوادث السير بين غياب المسؤولية وغياب التخطيط…بقلم الشيخة حصة الحمود السالم الحمود الصباح
مع مطلع الألفية الثالثة أطلّت علينا ظاهرة انتشار حوادث السير وبالتحديد فى السنوات العشر الأخيرة حيث عانت الكويت من هذه الظاهرة والتى لا نبرئ طرفاً منها فهى مسؤولية مشتركة قطعاً بين الحكومة والسائقين ،
ولكن وفى إعتقادى أن مسؤولية الحكومة أكبر بحكم المسؤولية العامة حيث غياب المنهجية والتخطيط بالشكل الأمثل وكذلك الدور الروتينى فى التوعية وكأن التوعية الحقيقية عبء وإلتزام غير مرغوب فيه واكتفت الحكومة بالتعامل فقط مع الحوادث بعد حدوثها وليس بمنع أسبابها ، والحقيقة أنا أتعجب من غياب استراتيجية حقيقية للسلامة المرورية وخاصة بعد اعتماد مجلس الوزراء بقرار 1410 للإستراتيجية الوطنية للمرور (2011-2020 ) والتى تم تنفيذ القليل من أهدافها !!
ولماذا لا يتم الإستعانة بخبراء أجانب لوضع استراتيجية لأكثر من عشر سنوات قادمة بدلاً من إهدار المال العام داخلياً وخارجياً فى أمور لا مجال لذكرها لأن الغضب والحزن يكمن دائماً فى التفاصيل للأسف !! .. والحقيقة أننا لا ننكر أن شبكة الطرق فى الكويت جيدة ولكنها لم تتوسع ولم تتطور بما يتناسب مع إزدياد عدد السكان من المواطنين والوافدين وبالتالى تضاعف عدد المركبات بمختلف أنواعها .
فالزيادة السكانية أعلى وتيرة من مستوى التطوير والتوسعة ، ويكفى أن نعلم أن الكويت عام 2014 احتلت المركز الثالث عالمياً فى معدل الحوادث المرورية والتى يُقدر ضحاياها بما يزيد عن 450 حالة وفاة سنوياً أكثرهم من فئة الشباب !! بالإضافة إلى الخسائر المادية التى تبلغ 3% من الناتج المحلى !! أى أننا أمام خسائر فى الثروة البشرية والمادية ولا نتحرك بما يناسب هذه الأزمة الحقيقية التى تهدد أرواحنا جميعاً بلا تفرقة !! ..
لقد قضت إحدى هذه الحوادث اللعينة على أسرة كاملة الأسبوع الماضى حيث احترقت سيارة وافد مصرى وفيها زوجته وطفله وفارق هو الحياة بعدهما ببضعة أيام وقد مررت شخصياً بتجربة أليمة عندما فقدت وحيدي وفلذة كبدي فى حادث سير وأشعر بما يشعر به كل من فقد أحباءه فى لحظات ، فنحن لا نملك إلا أن نرضى بقضاء الله وقدره ولكن هذا لا يعفينا من محاسبة المقصرين والمتقاعسين من أداء واجباتهم حفاظاً على أرواحنا وعلى مجلس الأمة أن يضع هذه القضية فى مقدمة أولوياته حتى يتوقف نزيف دماء الضحايا ودموع أحبائهم وذويهم .
أما الإخوة المتهورين والمستهترين من قائدى المركبات فيجب تغليظ العقوبة عليهم وخاصة هؤلاء الذين يقومون بكسر الإشارات الضوئية وكذلك مستخدمى الهواتف للدخول على مواقع التواصل الإجتماعى والذين يعبثون فى المذياع أو الكاسيت ولا ينتبهون للطريق ويتسببون فى هذه الكوارث .
فى الدول المتقدمة العديد من الأفكار والتجارب التى يتم تطبيقها وتطويرها بإستمرار حفاظاً على الأرواح وقد قرأت عن فكرة أرجو أن نستوردها وقد تم تطبيقها فى اليابان وبريطانيا وهى صندوق أسود فى كل سيارة يتم مراجعته بواسطة إدارة المرور أثناء الفحص لتجديد رخصة المركبة لمعرفة السرعات التى تجاوزها قائد المركبة ومن ثم تغليظ العقوبة بشكل رادع ، كذلك أيضاً الإهتمام بالنقل العام وتطويره حيث أن منطقة الخليج تعتبر أقل مناطق العالم إستخداما لوسائل النقل العامة بعكس بعض الدول المتقدمة التى تصل نسبة مستخدمى النقل العام لأكثر من 25% وهو معدل ممتاز لتقليل الحوادث و زيادة الإنسيابية المرورية وتخفيف الزحام .
نرجو ونأمل أن يجد حديثنا هذا آذاناً صاغية من أصحاب الحس الوطنى العالى الذين لا يبخلون على وطنهم بأى جهد كلٌّ فى موقعه وأن تصبح هذه القضية قضيتنا جميعاً وتحدياً حقيقياً للمرحلة المقبلة وخاصة فيما يتعلق بمشروعنا الوطنى رؤية 2035 والذى يرتكز بالأساس على الثروة البشرية وجودة البنية التحتية وشبكة الطرق وفوق كل ذلك الروح الوطنية والرغبة فى الخدمة العامة لمستقبل وطننا الحبيب ، نسأل الله السلامة والتوفيق والسداد والرشاد.