رد الإساءة بالإساءة ! … بقلم حسن علي الشواف
مقابلة الإساءة بالإحسان قيمة دينية ومبدأ إنساني له أثر بليغ في رقي المجتمع ورفعته على الصعيد الأخلاقي الإنساني على حد سواء، لطالما حثنا ديننا الإسلامي على ضرورة مقابلة من أساء لنا بالإحسان أليهم فقد أوصانا نبينا سيّد الكائنات محمد -صلى الله وعليه وآله- وأهل بيته الأطهار بالالتزام بهذا المبدأ، فديننا الإسلامي قدم لنا نظام للملّة متكاملة الأركان، ونحن من تركنا هذا المنهج هرعين لغيرهم لاستبدال هذا المنهج دون أن نستكمل السيرة النبوية العطرة ونبني عليها مكارم الأخلاق من باقي الأمم.
لقد هجرنا تلك المكارم الأخلاقية الحميدة وانتقلنا للحياة المادية الصرفة فأصبحت مضارب الأمثال جدًا نادرة وباتوا هؤلاء-من يُضرب بهم المثل- من الماضي، فنكتفي فقط في تردديدها على ألسنتنا دون اثر ملموس في المجتمع!
من الضروري ان نطبق هذا المبدأ الإنساني الإسلامي العظيم في كل معاملاتنا وأنشطتنا اليومية، فإذا التزم كل فرد في مجتمعنا بهذه القيمة الرائعة والسلوك الأخلاقي الرفيع فبلا شك ولا ريب فسوف نعيش في مجتمع يملؤه التسامح والإخاء ، فإذا كان تعاملنا مع بَعضُنَا لبعض مبني على هذا السلوك الأخلاقي
فسوف نظفر بمجتمع تندر فيه الظواهر السلبية التي قد تودي بمجتمعنا إلى الانحدار في مستواه الأخلاقي وهذا له تبعاته المجتمعية.
كلٌّ منّا على طبقاتنا الاجتماعية وكل فرد قد يتعرض للإساءة بشكل أو آخر ومنها بقصد ومنها بدون قصد، فإذا أراد كلا منا أن يرد الإساءة بمثلها علاوةً عن أخذ المسيء على محمل حُسن النية، فسوف يتخذ المجتمع شريعة الغاب وليس شريعة الإسلام ألا وهي شريعة الإنسان، وبعيد عن تعاليم ديننا الحنيف ووصايا نبينا وآل بيته الاطهار.
يُقال أن ذات مرّة شيخ من بلاد الشّام رأى الإمام الحسن الزّكي-عليه السلام- فجعَل يلعنُه، والإمام الحَسَن-عليه السلام-لا يردّ عليه.
فأقبَل الإمام-عليه السلام-على الرّجل الشامي فسلّم عليه وضحك
ثم قال: أيّها الشيخ، أظنُّك غريبًا ولعلّك شبّهت… فلو استعتَبتَنا أعتبناك، ولو سألتنا أعطيناك، ولو استرشدتنا أرشدناك، ولو استحملتنا أحملناك، وإن كنت جائعًا أشبعناة، وإن كنت عريانًا كسوناك، وإن كنت محتاجًا أغنيناك، وإن كنت طريدًا آويناك، وإن كان لك حاجةٌ قضيناها لك فلو حرّكتَ رحلك إلينا وكنت ضيفنا إلى وقت ارتجالك كان أعوَدَ عليكَ لأنَّ لنا موضعًا رَحبًا -واسع- وجاهًا عريضًا ومالًا كثيرًا.
فلمّا سمع الرّجل بكلام الإمام الحسن المُجتبى-عليه السلام- بكى ومدَح الإمام ونزَل ضيفًا عنده.
هكذا هي سَمَاحة الدّين ومنها يكسب المرء مودّة أخوه وبهذه المودّة والمحبّة نحصل على مجتمع مسالم متحاب على عَكس ما يحدث الآن للأسف.
فأجدادنا عُرف عنهم السّماحة ومقابلة الإساءة بالإحسان وما ينبغي علينا هو أن نكمل المسيرة ونتوارث هذه القيَم جيل بعد جيل لما له من نفع وخير على المجتمع الإنساني وعلى بلدنا الحبيب الكويت.